العياشي الفرفار: زيارة السيد ماكرون للمغرب.. البعد الثقافي ومذاق الصداقة

العياشي الفرفار: زيارة السيد ماكرون للمغرب.. البعد الثقافي ومذاق الصداقة العياشي الفرفار
تاريخ العلاقات الفرنسية المغربية تاريخ محكوم بمنطق التقدير والصداقة .
حتى في عصر فرنسا الاستعمارية كان التعامل الفرنسي مع المغرب مغايرا، و كانت التواجد الفرنسي بالمغرب يراعي خصوصية المجتمع المغربي والدولة الشريفة، فرنسا لم ترسل جيشها و دباباتها بقدر ما أرسلت المستكشفين، علماء الاجتماع، علماء الأنثروبولوجيا الجغرافيين و المؤرخين، المهمة الأساسية من أجل استكشاف ثراء وعمق هذا البلد، دون إغفال ان استكشاف المغرب و التعرف على بنياته لم يكن لأهداف تقافية خالصة و انما توظيف المعرفة لخدمة السلطة والتحكم . 

رحلة الاستكشاف انطلقت مع رينو صاحب كتاب الوصف الجغرافي لامبر اطورية المغرب ، مرورا   بشارل دوفوكو ورحلاته وأوصافه، سيكو نزاك وصولا إلى تأسيس البعثة العلمية بطنجة  من أجل التعرف على البنيات الاجتماعية والسياسية للمغرب مع أهمية الاشارة الى تغليب  للمقاربة الإيديولوجية الكولونيالية، للتغلغل داخل المجتمع المغربي، في هذا سياق قام ليوطي بسياسة علمية ملهمة من طرف ليشاتليه ومنظمة من طرف Hardi هاردي. بتأسيس بعثة علمية أشرف على إدارتها جورج سالمون  تحث إشراف لوشاتوليه . 

ميشو بيلير اعتبر إنّ غاية هذه البعثة هو البحث في عين المكان، عن وثائق تساعد على دراسة المغرب وتنظمه، وتتبع حياته، بفضل ما كتب من مؤلفات ومخطوطات، بل حتى المعلومات الشفوية، وتقاليد القبائل، وجماعات الطرائق الدينية، وتقاليد الأسرة.

أما شارل لوكور تلميذ مارسيل موس فقد اعتبر أن الهدف من دراسة المغرب هو إفهام الأجانب ما لا يفهمه إلا المغاربة، وهذا علم لا مثيل له من حيث التناقض والإثارة.

جاك بيرك دافع عن مشروع التحديث الزراعي باستخدام المعرفة العلمية، وخصوصا السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا، من أجل الرقي والسير بالمجتمع نحو التقدم والتنمية.  

من  موليراس، دوتي، برنار او غستان، اوجست موليراس و صولا إلى جاك بيرك و بول باسكون يبرز الهم الثقافي لاستكشاف المغرب المتعدد.

المثير للانتباه هو عناوين الدراسة حول المغرب: المغرب المجهول لدوتي، المغرب المتحف لاوبان ، المغرب الخلابة للوشاتيلي .وهي عنوان أبحاث تجمع على عمق وتنوع الثقافة المغربية.

اليوم تختلف التواريخ، لكن المنطق واحد لا يتغير، ان فرنسا مازالت ترغب في المزيد من استكشاف الجنة المغربية بتعبير الأنثروبولوجي الفلندي إدوارد فستر مارك للمزيد من الاكتشاف والتعرف في أفق بناء صداقة لا تشيخ لكنها تتجدد.

فرنسا أرسلت السلاح و الجنود والدبابات للجزائر، وارسلت المفكرين والباحثين للمغرب، هنا يفهم السبب الجوهري بين دولتين، و هما ما اشار اليه المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا المكلف من طرف ماكرون باعادة كتابة تاريخ الذاكرة الشائك بين فرنسا والجزائر. 

28 أكتوبر محطة اساسية في تاريخ العلاقات المغرية الفرنسية هو حدث سياسي و اجتماعي و تقافي كثيف و متعدد الابعاد، هو تجسيد لاستمرارية الصداقة الفرنسية والمغربية صداقة بطعم ثقافي.
 
شخصيات ثقافية من الصف الأول ستكون حاضرة بالمغرب الجنة / فسترمارك أو المغرب الخلاب للوساتيلي أو المغرب المتحف لاوبان من هذه الشخصيات المؤثرة :

أولا: جاك لانغ: رئيس معهد العالم العربي (IMA)، وزير الثقافة الفرنسي الأسبق وشخصية ذات تأثير ثقافي كبير في فرنسا والعالم العربي.

ثاتيا: برنار هنري ليفي: الكاتب الكثير الانتاج صاحب أكثر من ثلاثين كتابا، هو تلميذ جون بول سارتر و كان مستشارا لرئيس الفرنسي ميثران ينتقد لأنه صاحب نظرية الحرب من اجل التغيير .

ثالثا: جاك أتالي هو  كاتب ومفكر اقتصادي بارز ومستشار سابق للرئيس الفرنسي ميثران ، له تأثير كبير في الفكر الاقتصادي والسياسي، صاحب الرواية التاريخية المتميزة أخوية اليقظانين حيث الدعوة إلى بناء فضاء متوسطي حواري يستعيد لحظة الأندلس حيت التعايش و الحوار بين الديانات الثلاث .

إدغار موران: فيلسوف شهير، يعد من أبرز المفكرين في الفلسفة المعاصرة بفرنسا، مهتم بالمغرب و بتقافة المغرب وبانفتاح المغرب على العمق الافريقي اهم ما يميز موران أنه  جعل من الحوار أسلوب عيش و اعتبر ان الوطن الحقيقي هو وطن الانسانية.

سباستيان أبيس: باحث مشارك ومتخصص في شؤون المتوسط، له أهمية في المجال الأكاديمي والدراسات الاجتماع
عزاد لوسبارونيان: مدير تطوير في مدرسة ISAR الرقمية، له دور في تطوير التعليم الرقمي.
لوران شامباني: المدير العام للمدرسة الوطنية للفنون والمهن، له دور في التعليم العالي والتقني.
جيل بيكو: رئيس المكتبة الوطنية الفرنسية (BNF)، له أهمية في حفظ التراث الثقافي.
بيير أوليفييه كوستا: رئيس متحف الحضارات الأوروبية والمتوسطية، مؤثر في المشهد الثقافي المتوسطي.
صباح أبو السلام: عالمة اجتماع متخصصة في العالم العربي الأمازيغي، لها أهمية في الدراسات الامازيغية وهي زوجة المفكر و الفيلسوف الفرنسي إدغار موران .

زيارة الرئيس الفرنسي للمغرب في إطار زيارة دولة هي زيارة بلا شك متعددة الأبعاد والرهانات، من بينها البعد الثقافي وهو ما يفسر حضور أكثر من خمسين وجها ومفكرا للمغرب يكفي أن نذكر إدوارد موران و جاك أتالي لنعرف حجم العلاقات المغربية الفرنسية المدنية على التقدير المتبادل و على لذة الاستكشاف بين فرنسا الأانوار والمغرب الخلاب.