فككت منظمة التضامن الجامعي النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية في مائدة مستديرة عقدتها، أخيرا، بمقر المركزي بمدينة الدار البيضاء، مواكبة منها للمستجدات التربوية والتعليمية، بمشاركة الجمعيات الوطنية المهنية الشريكة من الجمعية المغربية لمفتشي التعليم الثانوي، والجمعية الوطنية لمديرات ومديري التعليم الابتدائي بالمغرب، والجمعية الوطنية لمديرات ومديري الثانويات العمومية بالمغرب، والجمعية الوطنية للحراس العامين والنظار ورؤساء الأشغال ومديري الدراسة، والجمعية الوطنية لأساتذة المغرب، والجمعية المغربية لأساتذة اللغة الإنجليزية وجمعية أماكن، فضلا عن فاعلين تربويين وممارسين في الحقل التعليمي.
وبحسب المنظمين، يندرج تنظيم هذه المائدة المستديرة في إطار اهتمام المنظمة بالعنصر البشري من أطر إدارية وتربوية، ودعواتها المتواصلة من خلال أدبياتها وإصداراتها إلى العناية الكافية بأوضاع الهيأة التعليمية المادية والاجتماعية والمعنوية والتشريعية، وصون صورة المهنة ومنحها الاعتبار الذي تستحقه داخل المجتمع.
ويأتي تنظمي المائدة المستديرة، وفق إفادات المنظمين، لخلق هذا النظام الأساسي الجديد جدلا واسعا واحتقانا داخل الساحة التعليمية والتربوية ببلادنا، متمثلا في الإضرابات في قطاع التعليم والوقفات الاحتجاجية وحوارات ومناقشات في بعض المواقع الإلكترونية، كما أظهر هذا الجدل الرفض التام للنظام في صورته الحالية والحاجة لفتح نقاش واسع حوله، وعبر رجال التعليم ونساؤه على أن النظام الأساسي الجديد، لا يستجيب لانتظارات الهيأة التعليمية الممارسة والمتقاعدة منها، ولا يلبي مطالبها المشروعة.
وقارب برنامج المائدة المستديرة عرض تأطيري لتفكيك وتحليل مضامين النظام الأساسي الجديد وعرض المستجدات التي أتى بها، كما قدمت الجمعيات المهنية الحاضرة عروضا متميزة تخص رؤيتها لما جاء به النظام والاختلالات التي تضمنها وتقدمت باقتراحاتها ومطالبها التي ترى أن الاستجابة لها كفيلة بالخروج من المأزق الذي توجد فيه المنظومة التعليمية.
ورصد المشاركون، خلال المائدة المستديرة، "عدم إشراك الجمعيات المهنية في النقاش الذي دار حول النظام الأساسي، وغياب الشفافية والتكتم التي اتسمت بها علاقات الحوار حول النظام الأساسي الجديد، إضافة إلى غياب الاستقرار والانسجام التام بين أعضاء الجسم الواحد، وكذا غياب الحافز المادي وتغييب التعويضات".
كما نبّه المشاركون إلى "غياب معايير الإنصاف وتوحيد المسارات المهنية، وإقصاء واضح لمضامين الملفات المطلبية للهيأة التعليمية، وكذا عدم أخذ بعين الاعتبار المذكرة المؤرخة بتاريخ 22 شتنبر 2023 والتي وجهتها النقابات الأربع التي تتضمن تعديلات حول النظام الأساسي الجديد قبل إصداره. وهو ما يكرس التمايز بين الفئات من خلال نظام التعويضات".
وبخصوص العقوبات المثيرة للجدل، رصد المشاركون، "تخصيص عقوبات جديدة لأعضاء الهيأة التعليمية والتي لا ينص عليها القانون العام للوظيفة العمومية".
وترى منظمة التضامن الجامعي المغربي أن الأوضاع التي تسود الساحة التعليمية تستدعي تدخلا عاجلا للاستجابة لمطالب الأسرة التعليمية إذا كان المسؤولون يرغبون في الحفاظ على المدرسة العمومية وإنجاز الإصلاحات التربوية والتعليمية، وبالتالي ينبغي اعتماد نظام أساسي تحظى فيه الهيأة التعليمية بضمانات تشريعية وتنظيمية تلبي مطالبهم، من أجل أداء مهامها على أحسن وجه، وانخراطها في مشاريع إصلاح منظومة التربية والتكوين، وتؤكد على أن ما ينفق على التعليم لا يمكن النظر إليه على أنه عبء على الدولة بل استثمار للأمة.
كما تؤكد على ضرورة إعادة النظر في النظام الأساسي الجديد وإنصاف الأساتذة الذين يشكلون قاعدة هرم المنظومة التعليمية برفع أجورهم وتعويضاتهم في ظرفية تتسم بالغلاء الذي يعم كل مجالات الحياة، وتقترح المائدة المستديرة أن يتضمن النظام الأساسي المقبل "توفر إرادة سياسية حقيقية لإنجاز الإصلاح، والحفاظ على القيمة الاعتبارية للمدرسة والجامعة العموميتين، مع العمل على ربط المشروع التربوي بالديموقراطية، وإشراك الوزارة كلا من الإدارة التربوية وهيآت التدريس، والجمعيات المهْنية، ذات الاختصاص في الأمور التربوية والتعليمية، في بناء النظام الأساسٍ المرتقب، فضلا عن وضع نظام موحد للعاملين في التعليم دون تمييز، وحذف الساعات التطوعية في الأسلاك الثلاثة جميعها، إضافة إلى إلغاء نظام العقوبات الحالية، وتحسين الأوضاع المادية لنساء ورجال التعليم جميعهم، مع إعادة النظر في العطلة السنوية، المحددة في اثنين وعشرين يوما(22)، وإحداث إطار للمفتشين الإداريين".
على مستوى آخر، دعت المنظمة إلى "تخصيص تعويضات للأطر الإدارية، بعد إنهاء المهام الخاصة بالامتحانات والمباريات، وإحداث درجة جديدة لمدرسي الثانوي التأهيلي، مع الزيادة في الأجور. وهو ما يتطلب أن يُلتفَت إلى المتقاعدين في النظام الجديد، مع الحرص على ترسيم التعويضات الحالية في التقاعدات، وضرورة إقرار تعويضات على الإطار، إلى جانب التركيز على التكوينات، مع تحديد تعويضات محترمة لها، ومراعاة الموارد البشرية وكذا ساعات العمل الأسبوعية، وكذا التفكير في فتح مسارات لأطر التربية الوطنية، نحو وزارات أخرى، خارج المنظومة، مع الفصل بين أخلاقيات المهنة وبين التشريعات، والاهتمام بالمقررات الدراسية، وتوفيرها حسب المكونات واللغات، وتوفير الوسائل التعليمية بالمؤسسات، وتحسين بنية التعلمات، ومراعاة الموارد البشرية وكذا ساعات العمل الأسبوعية".