الدوق: قراءة في مشروع القانون 23-10 على ضوء قواعد مانديلا.. مساهمة في إصلاح السجون بالمغرب (9)

الدوق: قراءة في مشروع القانون 23-10 على ضوء قواعد مانديلا.. مساهمة في إصلاح السجون بالمغرب (9) عبد الحق الدوق

6.2. تثبيت الحقوق الأساسية للسجينات والسجناء:

سبق وأن ذكرنا في الحلقة الثانية[1] من هذه الدراسة أنه من بين المستجدات التي جاء بها مشروع القانون 23-10 هو "لأول مرة في التشريع السجني تتم الاشارة على انه للمعتقلين حقوق، ذكرت بعضها في الباب الثالث"، كما أنه تم " تقديم باب الحقوق الأساسية للمعتقلين (الباب الثالث) على باب الأمن والانضباط (الباب الخامس)، وذلك خلافا لما هو عليه الوضع في القانون الحالي للسجون (98-23) الذي قدم الأمن والانضباط على المجالات المتعلقة بالحقوق."

إن قانون 98-23 جاء بمواد تذكر أن للمعتقلين بعض الحقوق فيها، إلا أنه لم يستعمل كلمة "الحق" في كل مل يتعلق بالحقوق الأساسية، كما جاء ذكرها في هذا المشروع. وهذا ما سنحاول تفصيله من عبر قراءتنا لمشروع قانون 23-10، وذلك من خلال 3 نقاط:

- الحقوق الأساسية في مشروع القانون 23-10

- بعض الحقوق الواردة في قانون 98-23 وحافظ عليها المشروع  

- الحقوق التي جاء بها المشروع دون مصطلح "الحق"

نثير انتباه القارئ إلى انه، ونحن نشير إلى مجموعة المواد المتعلقة بالحقوق الأساسية، لن نقوم بتحليلها، باعتبار أن الهدف من هذا الجزء هو التركيز على ما أولاه هذا المشروع لها من اهتمام، ومن المؤكد أننا سنعود إلى بعضها عندما سنتطرق إلى كل موضوع على حدة.

1.6.2. الحقوق الأساسية في مشروع القانون 23-10

سبق أن ذكرنا أن صياغات قانون 98-23 حول الحقوق الأساسية للسجينات والسجناء داخل المؤسسات السجنية كانت عبارة عن عرض للخدمات أو وصف "الحق"، عوض ذكره على انه "حق"، وأعطينا أمثلة تتعلق ببعض المواد المتعلقة بظروف الإقامة (المواد 113 و114) أو الصحة (المواد 123 إلى 139) أو الأنشطة الرياضية والثقافية (115 الى 177). 

لهذا نعتبر استعمال هذا المشروع لمصطلح "الحق" وهو يفصل في حقوق أساسية قفزة نوعية تؤكد الطموح إلى الرفع من مستوى التعامل مع السجينات والسجناء والتأكيد أن لهؤلاء حقوق لا تسلب بعد الحكم عليهم بالاعتقال، وأن الأحكام القضائية حرمان من الحرية وليست بحرمان من الحقوق الأساسية الأخرى.

أما المواد التي جاءت صريحة بذكر بعض حقوق السجينات والسجناء فهي التالية:                   

- المادة 96: " الحق في الرعاية الصحية والعلاج مضمون لجميع المعتقلين دون تمييز."

المادة 131: " الحق في التشكي والتظلم مضمون لكل معتقل ولا يرد عليه أي استثناء."

- المادة 137: " يحق لكل معتقل الاستفادة من برامج التربية والتكوين المهني ومحو الأمية، وفق البرامج والمناهج المعمول بها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، مع مراعاة أحكام هذا القانون."

- المادة 150: " ممارسة الشعائر الدينية حق مضمون لكل معتقل."

- المادة 167: " يتولى موظفو الإدارة المكلفة بالسجون حفظ الأمن والنظام داخل المؤﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﺠﻨﻴﺔ في احترام تام لحقوق المعتقلين وقواعد الانضباط، ..."

- المادة 200: " يمثل المعتقل أمام لجنة التأديب، ويحق له الدفاع عن نفسه أو المطالبة بمؤازرته بشخص يختاره من الأشخاص الذين يمكن له الاتصال بهم طبقا لأحكام هذا القانون. ... "

نلاحظ إذن من خلال هذه المواد كيف أن مشروع القانون 23-10 أقر بكل وضوح مجموعة من الحقوق الأساسية التي بدونها تتضاعف محنة الاعتقال.

2.6.2 الحقوق الواردة في قانون 98-23 وحافظ عليها المشروع 

اما المقتضيات القانونية التي جاء ذكرها في قانون 98-23 كحقوق وأقرها هذا المشروع، فتوجد في المواد التالية:

- المادة 32: " يجب أن يشعر كل معتقل عند إيداعه بمؤسسة سجنية باللغة أو الإشارة التي يفهمها بحقه في الادلاء باسم وعنوان الشخص أو الأشخاص الذين يمكن الاتصال بهم في الحالات الطارئة التي تخصه، ويدون تصريحه في جميع الأحوال بملفه. ..."[2]

- المادة 50: " يحتفظ المعتقل بحقه في تسيير ممتلكاته وأمواله الموجودة خارج المؤسسة السجنية بنفسه، أو بواسطة وكيل أجنبي عن الإدارة المكلفة بالسجون.

يحتفظ المعتقل بحق التصرف في أمواله المسجلة في حسابه الاسمي، مع إمكانية تحويلها خارج المؤسسة السجنية، وذلك في حدود أهليته المدنية، ما عدا إذا كانت هذه الأموال موضوع مصادرة أو تجميد أو عقل أو حجز قضائي." [3] 

المادة 56: " يحق للمعتقل أن يقدم طلبا بتسليم الأشياء الموجودة بحوزة المؤسسة السجنية إلى عائلته أو للغير، ما لم تكن موضوع مصادرة أو تجميد أو عقل أو حجز قضائي. ..." [4] 

- المادة 65: " يشعر كل معتقل عند إيداعه بالمؤسسة السجنية بحقوقه وواجباته الواردة في هذا القانون وفي النصوص الصادرة لتطبيقه، ..." [5] 

- المادة 69: " يحق للمعتقلين الاستفادة من زيارة أزواجهم أو أصولهم أو فروعهم أو إخوتهم، ويمكن لمدير المؤسسة السجنية الترخيص لأي شخص آخر بزيارة معتقل بعد موافقته، ...." [6] 

- المادة 201: " يجب أن يكون القرار التأديبي معللا ويشار فيه إلى حق المعتقل في المنازعة أمام الإدارة المكلفة بالسجون داخل أجل ثمانية وأربعين (48) ساعة من تاريخ التبليغ. ..." [7] 

 

3.6.2. الحقوق التي جاء بها المشروع دون استعمال مصطلح "الحق"

ايمانا منا بأهمية ما جاء به هذا المشروع من حقوق، نرى أنه بإمكانه استعمال مصطلح "الحق" بدل "الجواز" في مجموعة من المواد التي كلها تشير في مضمونها إلى حقوق يجب إن تتاح للسجينات والسجناء، مادام ليس هناك مانع أو مقتضى قانوني يحول دون ذلك، وهي كالتالي:  

- المادة 53: " يخصص مقابل مالي للمعتقل الذي يمارس عملا منتجا، ويقسم إلى قسطين متساويين:

- قسط احتياطي يحتفظ به ليسلم إلى المعتقل عند الإفراج عنه؛ 

قسط قابل للتصرف فيه من قبل المعتقل.

يجوز لمدير المؤسسة السجنية أن يرخص للمعتقل بتحويل مبلغ من القسط الاحتياطي إلى القسط القابل للتصرف بحسابه الاسمي بالمؤسسة السجنية، عند الاقتضاء.

يجوز للمعتقل تحويل مبلغ من حسابه الاسمي إلى عائلته بناء على طلب معلل شريطة موافقة مدير المؤسسة السجنية."

* فتصير الفقرات المعنية " يحق للمعتقل أن يحول مبلغا من القسط الاحتياطي إلى القسط القابل للتصرف بحسابه ... " و " يحق للمعتقل تحويل مبلغ من حسابه الاسمي إلى عائلته ..."

- المادة 54: يجوز للمعتقل إبداء رغبته في فتح حساب شخصي في صندوق التوفير الوطني، لتودع فيه أمواله القابلة للتصرف، أو ليودع فيه القسط الاحتياطي. ..."

* فتصير الفقرة المعنية: " يحق للمعتقل إبداء رغبته في فتح حساب شخصي في صندوق التوفير الوطني، لتودع فيه أمواله القابلة للتصرف ... "

- المادة 60: " يجوز للمعتقل شراء مؤن وأشياء مسموح بها في حدود ما هو مرخص به، ما لم يحرم من ذلك بموجب تدبير تأديبي ... "

* فتصاغ الفقرة كالتالي: " يحق للمعتقل شراء مؤن وأشياء مسموح بها في حدود ما هو مرخص به، ما لم يحرم من ذلك بموجب تدبير تأديبي، ... "

- المادة 61: " يجوز للمعتقل التوصل بطرود بريدية وبحوالات مالية وفق كيفيات تحدد بنص تنظيمي."

* وتصبح المادة: " يحق للمعتقل التوصل بطرود بريدية وبحوالات مالية وفق كيفيات تحدد بنص تنظيمي."

- المادة 68: "يجوز للمعتقل التوصل بالصحف والمجلات والكتب على نفقته، وذلك بعد المراقبة المحددة بنص تنظيمي...."[8] 

* وتصاغ المادة كالتالي: "يحق للمعتقل التوصل بالصحف والمجلات والكتب على نفقته، وذلك بعد المراقبة المحددة بنص تنظيمي...."

- المادة 86: " يجوز للمعتقل توجيه الرسائل وتلقيها، غير أنه بالنسبة للمعتقل الاحتياطي يجب مراعاة الأمر بالمنع من الاتصال بالغير بموجب أمر صادر عن السلطة القضائية المختصة." [9] 

* وتعاد صياغة المادة بالشكل التالي: يحق للمعتقل توجيه الرسائل وتلقيها، غير أنه بالنسبة للمعتقل الاحتياطي يجب مراعاة الأمر بالمنع من الاتصال بالغير بموجب أمر صادر عن السلطة القضائية المختصة."

- المادة 95: " يجوز للمعتقل استعمال وسائل الاتصال التي توفرها المؤسسة السجنية على نفقته، مع مراعاة أحكام المادتين 136 و619 من القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية بالنسبة للمعتقل الاحتياطي. ..."

* وتصاغ هذه الفقرة كالتالي: " يحق للمعتقل استعمال وسائل الاتصال التي توفرها المؤسسة السجنية على نفقته، مع مراعاة أحكام المادتين 136 و619 من القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية بالنسبة للمعتقل الاحتياطي. ..."

- المادة 132: " يجوز للمعتقل، أن يقوم عن طريق مدير المؤسسة السجنية، بتوجيه طلبات أو شكايات أو تظلمات إلى الإدارة المكلفة بالسجون أو السلطات الحكومية أو القضائية أو المؤسسات أو الهيئات المؤهلة قانونا لتلقي الطلبات والشكايات والتظلمات. ..."

تصاغ الفقرة كالتالي: " يحق للمعتقل، أن يقوم عن طريق مدير المؤسسة السجنية، بتوجيه طلبات أو شكايات أو تظلمات إلى الإدارة المكلفة بالسجون أو السلطات الحكومية أو القضائية أو المؤسسات أو الهيئات المؤهلة قانونا لتلقي الطلبات والشكايات والتظلمات[10]  ..."

- المادة 139: " يجوز ﻟﻠﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ يتابعون ﺩﺭﺍﺴﺘﻬﻡ أو تكوينهم المهني ﺒﺎﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﺴﺠﻨﻴﺔ ﻭﺃﻓﺭﺝ ﻋﻨﻬﻡ ﻗﺒل انتهاء الموسم الدراسي ﺃﻥ يواصلوا متابعة ﺩﺭﺍﺴﺘﻬﻡ أو تكوينهم المهني بالمؤسسات العمومية للتربية والتكوين. ..."

* فتصبح صياغة المادة: " يحق ﻟﻠﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ يتابعون ﺩﺭﺍﺴﺘﻬﻡ أو تكوينهم المهني ﺒﺎﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﺴﺠﻨﻴﺔ ﻭﺃﻓﺭﺝ ﻋﻨﻬﻡ ﻗﺒل انتهاء الموسم الدراسي ﺃﻥ يواصلوا متابعة ﺩﺭﺍﺴﺘﻬﻡ أو تكوينهم المهني بالمؤسسات العمومية للتربية والتكوين. ..."

- المادة 151: " ... يجوز للمعتقل التوصل بالكتب الدينية والاحتفاظ بها بعد مراقبتها."

* فتصاغ الفقرة كالتالي: " ... يحق للمعتقل التوصل بالكتب الدينية والاحتفاظ بها بعد مراقبتها[10] ."

نلاحظ إذن أن استعمال مصطلح الحق في كل هذه المواد سيعتبر إضافة نوعية للصبغة الحقوقية التي اكتساها هذا المشروع.

تبقى مقترحات أخرى نود لو أنها تؤخذ بعين الاعتبار في هذا المشروع، وهي كالتالي:

* اضافة مادة تؤكد الحق في التواصل مع المحامي قبل المواد المتعلقة بزيارة المحامي (المواد من 67 الى 79)،

* إضافة الفقرة التالية: " يحق المعتقلين الأجانب التواصل مع القنصليات التي تمثل بلدهم الأصلي." إلى المادة 83 التي جاء فيها: "يحق لأعوان التمثيل الدبلوماسي أو القنصلي، بترخيص من الإدارة المكلفة بالسجون، زيارة مواطنيهم المعتقلين أو مواطني الدول التي ترعى مصالحها بالمملكة بعد الإدلاء بما يثبت صفتهم.

* يجوز لممثلي المنظمات الدولية زيارة المعتقلين بترخيص من السلطة الحكومية المختصة وإشعار الإدارة المكلفة بالسجون."

* تضاف عبارة "حقوق وواجبات المعتقلين" إلى الفقرة الثانية من المادة 13: " تدبر المؤسسة السجنية من قبل مدير يساعده في مهامه مسؤول إداري مساعد أو أكثر.

* يعد مدير المؤسسة السجنية نظاما داخليا تصادق عليه الإدارة المكلفة بالسجون." كما هو مذكور في المادة 50 من قانون 98-23 التي جاء فيها: " يبين نظام داخلي بناء على مقتضيات هذا القانون والنصوص الصادرة بتطبيقـه، حقـوق وواجبـات المعتقلين، خاصة ما يتعلق منها بمراعاة الانضباط وقواعد الاعتقال المطبقة داخل المؤسسة."

 

يتبع

 

عبد الحق الدوق/ خبير في مجال حقوق الانسان في أماكن الحرمان من الحرية. رئيس سابق لقسم حماية حقوق الانسان في أماكن الحرمان من الحرية بالمجلس الوطني لحقوق الانسان.

 

[1]  https://anfaspress.com/news/voir/122343-2023-09-26-11-04-28

[2]  المادة 23 من قانون 98-23

[3]  المادة 102 من قانون 98-23

[4]  المادة 108 من قانون 98-23

[5]  المادة 26 من قانون 98-23

[6]  المادة 75 من قانون 98-23

[7]  سبق وان ذكر هذا الحق في المادة 59 من قانون 98-23، حيث كان للمعتقل أجل 5 أيام للمنازعة في القرار. سنعود لهذا الموضوع في الجزء المخصص للمساطر التأديبية.

[8]  علما أنه في المادة 122 من قانون 98-23 ذكرت هذا الموضوع بصيغة الحق: " يحق لكل معتقل التوصل بالصحف والمجلات والكتب، على نفقته، وذلك بعد المراقبة المعمول بها"

[9]  جاء في المادة 89 من قانون 98-23: " يحق للمعتقلين توجيه الرسائل وتلقيها"                       

[10]  خصوصا وأن المادة 131 التي قبلها اعتبرت التشكي حقا مضمونا: " الحق في التشكي والتظلم مضمون لكل معتقل ولا يرد عليه أي استثناء."

[11]  خصوصا أن المادة 150 جاء فيها : " ممارسة الشعائر الدينية حق مضمون لكل معتقل." وأن للمؤسسة تقوم بمراقبتها قبل تسليمها.