لطفي: متى يتم القطع مع "شيك الضمان" قبل العلاج والتزوير والنفخ في الفواتير الطبية الاستشفائية؟

لطفي: متى يتم القطع مع "شيك الضمان" قبل العلاج والتزوير والنفخ في الفواتير الطبية الاستشفائية؟ علي لطفي، رئيس "الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة"
في عز فصل الصيف والسياحة الداخلية تظل القضايا المجتمعية تؤرق بال المواطنين، بدء من الزيادات في أسعار المحروقات إلى مصاريف التطبيب والعلاج، ومع كشف التعرفة الوطنية المرجعية الموحدة للعلاجات، وكيف أن المتضرر الأول والأخير هو المواطن المريض، والرابح الأكبر هي شركات التأمين، حاورت جريدة "أنفاس بريس" علي لطفي، رئيس "الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة"، والذي سلط الضوء على عدد من القضايا المرتبطة بهذا الموضوع..

كيف تعلق على المعلومة الرائجة بخصوص التعرفة الوطنية المرجعية الموحدة للعلاجات؟
أولا، التعرفة الوطنية المرجعية الموحدة للعلاجات، المشار إليها في سؤالكم هي المعمول بها حاليا ومنذ سنة 2006، وكان من المفروض مراجعتها كل ثلاث سنوات حسب القانون 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية. وفي هذا الإطار قامت وزارة الصحة بمبادرة مراجعتها سنة 2020، ثم التوقيع على تعرفة جديدة بين مقدمي العلاجات بالقطاعين العام والخاص والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تحت إشراف وزير الصحة والحماية الاجتماعية والمدير العام للوكالة الوطنية للتامين الصحي، لكنها  لم تدخل إلى حيز التنفيذ وبقيت معلقة إلى يومنا بسبب تخلف ورفض توقيعها من طرف الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، لأسباب ومبررات لم يعلن عنها، وظل أطباء القطاع الخاص والمصحات الخاصة يطالبون باعتماد تعريفة مرجعية جديدة، تأخذ بعين الاعتبار تزايد كلفة العلاجات المقدمة للمرضى ومتطلباتها  وارتفاع أسعار المواد الأولية وأسعار التكنولوجيا الحديثة  والمستلزمات الطبية والأدوية، فضلا عن دخول مشروع تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض إلى حيز التنفيذ، والتحول الذي عرفتها الفئة الواسعة التي كانت تستفيد من نظام راميد إلى نظام "أمو تضامن" وعددها يصل إلى 11 مليون مستفيد، لها حق وحرية اختيار الطبيب أو المؤسسة الصحية عمومية، أو خاصة التي تفضل الاستشارة أو العلاج بها، وهي سابقة في تاريخ المنظومة الصحية الوطنية   بعدما كانت تعالج وجوبا بالقطاع العام. 
أي دور لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية في رد الأمور لنصابها وحماية المرضى من جشع المصحات وشركات التأمين؟
لقد انطلقت منذ بداية السنة الحالية المفاوضات بين مختلف  مقدمي الخدمات الصحية، نقابات الأطباء وأطباء الأسنان ونقابات المختبرات البيولوجية أو التشخيص بالأشعة والمصحات  الخاصة والمستشفيات العمومية  بتأطير من الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، سعيا وراء الاتفاق والمصادقة على تعرفة وطنية مرجعية موحدة للعلاجات جديدة، وربما سيتم الإعلان عنها في نهاية السنة الحالية. من جهة أخرى، حسب وزير الصحة "عدم مراجعة التعريفة الوطنية المرجعية جعل عددا من المصحات تقوم بتضخيم فواتير العلاجات والخدمات الطبية، فضلا عن فرض شيك الضمان  "والنوار " وبالتالي أصبح من الضروري مراجعة جذرية ومنصفة للتعرفة الوطنية المرجعية للعلاجات الموحدة والمصادقة عليها من طرف صناديق التأمين الإجباري الأساسي عن المرض في أفق توحيد هذا النظام وعدالته، بسبب ضعف الحكامة وتدني جودة خدمات الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، الكنوبس".
لابد أن نشير إلى أن الأسعار المتداولة حاليا، تفوق بكثير ما هو منصوص عليه في التعرفة  المرجعية لسنة 2006  بل انتقل إلى ما اتفق عليه مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي سنة 2020، أما التعويض أو التحمل   فلم يتغير، بل ارتفع تحمل الأسر لنفقات العلاج، أما فيما يتعلق باسترجاع مصاريف الأدوية فإن صناديق التأمين الصحي، خاصة الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي "الكنوبس"، فقد قامت منذ البداية بتنزيل  قانون مجحف يتم بموجبه تعويض مصاريف الأدوية على أساس 70 في المائة من الدواء الجنيس، و100 في المائة بالنسبة للأمراض المزمنة، لكن الخطير في الأمر أن عددا مهما من الأدوية باهظة الثمن  والمتعلقة بأمراض مزمنة كالسرطان غير مدرجة في لائحة الأدوية التي يتم استرجاع مصاريفها، بسبب رفض الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي إدراجها تحت مبرر إثقال ميزانية الصندوق وإدخالها في حالة العجز والإفلاس.
لكن كيف يمكن تفسير أن المواطن يساهم بنسبة أكثر من النصف من التكاليف الاجمالية للصحة؟
فعلا إننا أمام وضعية شاذة  جعلت الأسر المغربية رغم  انخراطها في نظام التأمين الصحي، لازالت تساهم بنسبة تفوق 54 في المائة من التكاليف الاجمالية للصحة، وكان من المفروض أن تنخفض هذه المساهمة إلى 25 في المائة فقط في اتجاه أقل من 10 في المائة.  كل هذا بسبب فوضى الأسعار وعدم احترام التعرفة المرجعية الوطنية الموحدة للعلاجات، علما أن هذه النفقات الباهظة  للعلاجات الطبية والأدوية تؤدي أحيانا إلى تفقير عدد من الأسر التي لديها مرضى مصابون بأمراض مزمنة.
لقد آن الأوان لمراجعة التعرفة المرجعية الوطنية الموحدة للعلاجات وفرض احترامها بالقطاعين العام والخاص  والمستشفيات غير الربحية، مع ضرورة إلزام جميع المصحات والمختبرات البيولوجية ووحدات التشخيص بالأشعة وطب الأسنان ومهنيي المستلزمات الطبية على احترامها، مع القطع النهائي في  المطالبة  "بشيك الضمان" قبل العلاج، أو "النوار" ومراقبة التزوير والنفخ في الفواتير الطبية الاستشفائية، وإنزال عقوبات زجرية على كل من يخالف القانون أو يتاجر بصحة المرضى أو الاتجار بالبشر،   وأساسا إلزام صناديق التأمين الصحي على تحسين جودة خدماتها وتقريبها من المنخرطين وبتعويض مصاريف ونفقات العلاج والأدوية الأصيلة أو الجنيسة، بنسبة لاتقل عن 80 في المائة في الحالة العادية، و100 في المائة في حالة الأمراض المزمنة، وفق قانون شفاف  واضح وملزم لصنادق التامين الصحي، لتحقيق الأهداف الاجتماعية والإنسانية للحماية الاجتماعية والعدالة الصحية  والتنمية المستدامة.