جمال المحافظ:المخيمات التربوية.. تضامن من أجل استعادة زمام المبادرة

جمال المحافظ:المخيمات التربوية.. تضامن من أجل استعادة زمام المبادرة جمال المحافظ
بإعادة طرحها لوضعية المخيمات التربوية على ضوء بلاغ حركة الطفولة الشعبية، الذي أعلن فيه مكتبها التنفيذي عن حرمان أطفالها من إحدى مراحل مخيمات صيف 2023، تكون حلقة الوفاء لذاكرة محمد الحيحي، قد وجهت بطريقة غير مباشرة نداء الى المنظمات التربوية لفتح أفق جديد للتضامن والتآزر من أجل استعادة زمام المبادرة -كما كان الشأن خاصة في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي- وذلك حتى يكون بمقدور هذه التنظيمات واطاراتها التنسيقية، أن تتحول إلى شريك ذا مصداقية ومخاطب موثوقا به ليس فقط في الترافع عن قطاع فقد الكثير من اشعاعه واسهامه في عملية التنشئة الاجتماعية، ولكن لدى الرأي العام.
وإذا كانت " حلقة الوفاء لذاكرة محمد الحيحي" التي تأسست سنة 2010، بهدف الدفاع عن قيم التطوع والتضامن التي نذر إليها قيد حياته مربي الأجيال الفقيد الحيحي ( 1926- 1998 )، عبرت عن استهجانها لحرمان أطفال حركة الطفولة الشعبية التي تأسست سنة 1956 من الاستفادة من مقاعد بالمخيمات، فإنها بالمقابل/ جددت بالمناسبة، دعوتها الى كافة الأطراف المعنية بالتخييم الى إدراج هذا القطاع الحيوي ضمن السياسات العمومية التي يتولى رئيس الحكومة دستوريا تدبيرها، مع العمل على اعداد استراتيجية واضحة المعالم، تقطع مع موسمية المخيمات تكون ذات أبعاد متعددة تربوية وثقافية وحقوقية، تسهم فيها كافة القطاعات الحكومية بمشاركة المنظمات والجمعيات المؤهلة.
كما ينبغي العمل على إعادة تقييم آليات التنسيق المدنية القائمة، ومدى نجاعتها في رفع التحديات والرهانات المطروحة على الفاعلين الجمعويين في زمن الثورة الرقمية، عبر القيام بنقد ذاتي وتقييم موضوعي، لا يكتفى بالوقوف عند تشخص وضعية التخييم، بل البحث العقلاني عن الوسائل الكفيلة بإعطاء انطلاقة جديدة للعمل المشترك، تنأى عن المصالح الذاتية والفئوية الضيقة، واتخاذ القرارات الجماعية باستقلالية، مع الأخذ بعين الاعتبار المتغيرات المجتمعية والتربوية والثقافية وطنيا وكونيا، وحاجيات أطفال وشباب الألفية الثالثة.
وفي هذا الصدد يمكن الاستئناس بالمبادرات التي راكمتها منظمات تربوية، بشكل فردي أو عبر اتحاداتها، لحلحلة ملف التخييم، ومنها اللقاء الدراسي الذي نظمته " حلقة الوفاء لذاكرة محمد الحيحي" بالتعاون مع فرع سلا للجمعية المغربية لتربية الشبيبة AMEJ في موضوع " المخيمات التربوية.. رؤية من أجل المستقبل" تميز بمشاركة عدة فعاليات جمعوية وخبراء وممثلين عن الوزارة الوصية، تدارسوا خلاله مجالات تتعلق بالتشريع والقوانيين التنظيمية، وشبكة مراكز التخييم والبنيات التحتية والتأطير والتكوين، وقدموا خلالها مقترحات وتوصيات، منها المطالبة بالإسراع بملء الفراغ التشريعي والقانوني وإعداد ترسانة قانونية وتنظيمية للمخيمات التربوية وملائمتها مع دستور 2011 والمواثيق والإعلانات الدولية المتعلق بالطفولة، وذلك في الوقت الذي لازال تدبير المخيمات التربوية يعتمد على مراسيم وقرارات ومذكرات صدر عدد منها خلال المرحلة الاستعمارية.
لكن على الرغم من هذه المبادرات التطوعية، فإن التجاوب مع هكذا مجهودات يظل دون الانتظارات ورهين حسابات ضيقة، تغفل غياب قطاع التخييم عن المخططات الوطنية منها ميثاق التربية والتكوين، وهو ما يقتضى – وكما سجلت حلقة الوفاء لذاكرة محمد الحيحي في بلاغها السابق - العمل على توسيع شبكة مراكز التخييم وتنويعها وتعميمها على مختلف الجهات، وذلك تحقيقا للإنصاف الترابي والمجالي مع الرفع من أعداد المستفيدين من المخيمات، وسد الخصاص المالي المزمن الذي يعانيه منذ عقود قطاع التخييم الذي لم يحظ لحد الآن بالعناية التي يستحقها.
وفي غياب خطة استراتيجية وطنية عمومية مندمجة، ظلت المخيمات التربوية على الرغم من أنها تقدم خدمة عمومية، خارج انشغالات السياسات العمومية، وينظر إليه كقطاع هامشي ثانوي رغم ارتباطه بالأجيال الصاعدة عماد المستقبل.
وإذا كان النهوض بالمخيمات التربوية، يعد مسؤولية مشتركة تتحملها كافة الأطراف، سلطات عمومية ومنتخبين، وقطاع خاص ومجتمع مدني، فإن من شأن تفعيل المقاربة التشاركية بناء على ما ينص عليه الدستور بأن " الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام والمنظمات غير الحكومية، تساهم في إطار الديمقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها"، وعلى أن " السلطات العمومية تعمل على إحداث هيئات للتشاور، قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين، في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتقييمها".