المسألة ليست اصداراً ورقياً أو الكترونياً، وإنّما هي تقاليد واحترام لشروط مهنية.
كما انّ المعاناة في خضوع الصحافة بأصنافها لضغوط التكنولوجيا المرئية ومنصات البث التدفقي التي تغزو العالم، لا يمكن الاستسلام لها والبقاء في طور البكائيات على اطلال صاحبة الجلالة التي أفل نجمها. لا تزال النُخب وهم بعشرات الالاف في بعض المجتمعات العربية تبحث عن الرصين والرأي المنير والتحقيق والحوار والسبق وتفاصيل الاخبار وما وراءها في ظل حاجة أكيدة لفهم ما يحدث لاتخاذ المواقف الصحيحة في الحياة والعمل والعيش للإنسان العادي والمتخصص. وهذه النخب تبحث عن الرصين الذي لا تتيحه أضواء المتعة العابرة في البث التدفقي .
يقف أستاذ الترجمة في كلية الآداب ويطلب من طلبته ترجمة نص لمقال أو تقرير في صحيفة عربية بحسب اختياراتهم من المنشور في اليوم التالي في البلد. يبدأ الطلبة بالتدافع بين حيرة وتساؤل للبحث عن نص هنا وهناك وكأنهم سمعوا لتوّهم بوجود صحف تباع في المكتبات أو لها مواقع على النت، هذا ما رواه لي صديق أكاديمي ، الذي أردف بالقول: اننا بحاجة الى فتح ندوات نقاشية بين الصحافة في مجالات اجتماعية وثقافية وسياسية ، والاوساط الجامعية طلبةً وأساتذة، اذ لا يزال هناك كثير من هذا الوسط الفاعل لا يتعاطى بإيجابية مع الصحافة ويظنها أمراً عابراً وليس ضميراً حياً ونبضاً لا يتوقف مثل الحياة.
رأي هذا الاكاديمي، يمكن تطويره في تحقيق صلات مع الجامعات، تتجاوز المجال العلمي البحت مثل مناقشة رسائل جامعية في الاعلام، الى فتح النقاش في شؤون الصحافة وماذا يريد الناس ولماذا لا يتابعونها كما كان الحال سابقا ، وأين يكمن التقصير ومن يستطيع التعاون للنهوض بالصحافة في سياق نهضة المجتمع نفسه، وماذا يجب ان نستحدث لنلبي الاذواق الجديدة لأنّ الصحافة جزء من حركية المجتمع والناس، فالصحافة تنطق عن أحياء لا أموات، والمجتمع حيّ لذلك ينبغي أن تعي الصحافة معنى هذه الحياة وتتفاعل معها خارج نقابيات حجرية أو متطفلين أساءوا للمهنة أو عوامل روتينية استهلاكية أو أسباب خارجية أخرى.