سفيان الماديلي: سطوة وداع عاتية لا تستكين أبدا

سفيان الماديلي: سطوة وداع عاتية لا تستكين أبدا سفيان الماديلي والراحل مولاي الطاهر الأصبهاني
رحيل مفجع آخر، يخط حوفه الأليمة مولاي الأصبهاني الذي قرر مغادرة ضجيج الحياة، في تلويحة وداع قاس لا طاقة لنا على تحمله. 
مولاي الطاهر الذي يجر وراءه مسارا حافلا؛ عنوانه اللافت هو احترام الجمهور والأصالة الفنية، لهذا المراكشي الذي كان محط إشادة وتقدير من لدن المهتمين والمتابعين، لِمَا تميز به من مواهب خلاقة، وإمكانيات مبهرة، وألمعية آسرة، وأداء قوي... ظهر جليا في العديد من الأعمال الغنائية والمسرحية والدرامية والسينمائية... إذ من المؤكد أن الذاكرة والوجدان المغربي لن ينسى أبدا توقيعاته الصوتية الشجية مع أفراد فرقة جيل جيلالة؛ الذي يعتبر مولاي الطاهر أحد أعمدتها وأركانها المؤسسين، ذات إشراقات سبعينية مشرعة على العنفوان، والجموح، وإيراق المطامح، والتحدي، والحلم بمغرب يُزْهِرُ فيه اشتعال الأمل الحاضن للجميع... إذ لا يمكن أن نتصور الإرث الغنائي لهذه المجموعة الأسطورية، دون القرار الدافئ ذي اللمسة العذبة والروعة الأخَّاذَة للأصبهاني؛ الذي سبق لعبد الحليم حافظ في إحدى زياراته للمغرب أن أبدى انبهاره بأدائه القوي وهو يشاهد جيل جيلالة مباشرة، بل أكثر من هذا، فقد رافق المجموعة بالغناء وهي تؤدي رائعة "ليغارة"، ليمسك في الأخير بيد مولاي الطاهر ويرفعها عاليا، معلنا إعجابه بصوته الرخيم... وهذه كانت، أحد المحطات النادرة التي جمعت العندليب الأسمر  بجيل جيلالة. 
وتجدر الإشارة كذلك، إلى أن تألق الأصبهاني وهو في بداية مشواره على مستوى تجربة مسرح الهواة بمراكش، كان وراء إصرار الراحل الطيب الصديقي على ضمه إلى فرقته المسرحية، حيث سيقوده عشق الخشبة إلى ترك وظيفته بالمديرية الجهوية للفلاحة بمراكش ، وشد الرحال إلى البيضاء، وهناك سيشارك الصديقي في تقديم عدد من الأعمال؛ أبدى فيها الجمهور إعجابه الكبير بالأصبهاني الذي ما إن يخطو خطوة، أو يُوَقِّعُ على أثر فني، إٍلاَّ ويسرق الأنظار كافة. 
عطاء متدفق، وحضور باذخ، وآثار غزيرة... لا يمكن أن نستوفيها في هذه المساحة المتاحة من البوح عن صاحب البَحَّة الجميلة التي تسلب عذوبتها الأسماع. 
فهل تَرَجَّلْتَ حقا عن صهوة جموحك وترانيمك الحافلة بالحياة؟! أيها الحاضر دوما وأبدا. 
فلترقد روحك في سلام أيها الطاهر، الساطع، المُشْرِق، البهي، المُحَلِّق بأجنحة تسافر في النور.