الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

يوسف لهلالي:هل تتجاوز بلدان الاتحاد الأوروبي خلافاتها لفرض عقوبات جديدة على روسيا؟

يوسف لهلالي:هل تتجاوز بلدان الاتحاد الأوروبي خلافاتها لفرض عقوبات جديدة على روسيا؟ يوسف لهلالي
هل تتجاوز بلدان الاتحاد الأوروبي خلافاتها لفرض عقوقات جديدة على روسيا، او ما يسمى الحزمة السادسة من العقوبات، والتي تسعى من خلالها بلدان الاتحاد وقف وارداتها من البترول القادمة من روسيا. لكن يبدو ان هذه العقوبات لم تحصل على الاجماع المتوقع، وذلك بفعل معارضة المجر التي تعتمد البترول الروسي ويصعب عليها تعويضه في الأمد القريب خاصة انها لا تتوفر على ممر بحري. هذا بالإضافة الى قضية المساعدات لأوكرانيا، وإجراءات الحافها بالاتحاد الأوربي، وكذلك انعكاسات هذه الحرب على البلدان النامية التي تعتمد القمح الروسي والأوكراني والذي حولته موسكو الى جانب الطاقة كوسيلة ضغط قوية على البلدان الغربية وباقي العالم، وتطالب بتخفيف العقوبات التي فرضتها عليها البلدان الغربية، مقابل السماح بتصدير القمح الأوكراني. وتتجه هذه الحرب التي دخلت شهرها الثالث الى الاستمرار لمدة لا أحد يتوقع مدتها، مما يعني تفشي انعكاساتها على الاقتصاد العالمي الذي مازال يعالج اثار وباء كورونا.
وكثفت فرنسا من الاتصالات مع شركائها خاصة مع برلين من اجل إيجاد حل متوافق عليه، وتحركت وزيرة الخارجية الفرنسية الجديدة الى برلين، وكذلك الى كييف حيث تعتبر اول زيارة لمسؤول فرنسي رفيع مند بداية الحرب، وتضغط الحكومة الأوكرانية بقوة على الاوربيين لتكثيف العقوبات على روسيا وأجبراها على وقف الحرب.
واعتبرت باريس وبرلين أنه يمكن تجاوز عرقلة المجر لفرض حظر أوروبي على النفط الروسي، في موقف يتعارض تماما مع تصريح رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي يرى أن التوصل إلى اتفاق "غير مرجح إلى حد بعيد". وهو ما يعكس تباين المواقف الاوربية في هذا الموضوع.
ومن اجل تجاوز هذا الفيتو المجري ناقش ممثلو الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الأحد الماضي اقتراحا جديدا من شأنه إعفاء خط أنابيب نفط رئيسي للمجر موقتا من الحظر التدريجي الذي تفرضه الكتلة على النفط الروسي، في محاولة لإزالة العقبات من أمام حزمة عقوبات أوروبية سادسة ضد موسكو.
وينص هذا الاقتراح الذي قدمته المؤسسات الأوروبية وفرنسا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، فرض حظر على النفط الروسي الذي يسلم بالسفن بحلول نهاية العام، مستثنيا "للوقت الحالي" ذاك الذي ينقل عبر خط أنابيب دروجبا الذي يزود المجر وسلوفاكيا وتشيكيا خصوصا، كما أوضحت مصادر من بروكسيل.
وتعارض المجر، الدولة غير الساحلية التي لا تملك منفذا على البحر والتي تعتمد بنسبة 65 % من استهلاكها على النفط المنقول من روسيا عن طريق دروجبا، الحظر المفروض على خط الأنابيب هذا، ورفضت العرض الأول المتمثل في استثنائه من العقوبات لمدة عامين. وطلبت بودابست أربع سنوات على الأقل وقرابة 800 مليون يورو كتمويل أوروبي لتكييف مصافيها.
وفي سياق لا تزال فيه خطة التعافي التي تخصصها بروكسل لبودابست بعد جائحة كوفيد معلقة بسبب انتهاكات المجر لسيادة القانون، سيكون من الصعب منحها أموالا أوروبية.
وفي انتظار نتائج أشغال القمة الاوربية يومي الاثنين والثلاثاء 30 و31 ماي2022، يحاول سفراء هذه البلدان ببروكسيل دراسة الاقتراح الجديد الذي قدم إليهم، ولم يتم حتى كتابة هذه السطور التوصل الى توافق حول الموضوع. ويتطلب تبني العقوبات إجماع الدول ال 27. وهي الية تعقد القرارات الاوربية وهي ضرورة الاجماع بين كل الأعضاء قبل اتخاذ أي قرار.
ومن المفترض ان تتناول هذه القمة حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا من اجل انقاد اقتصادها الذي تضرر من الحرب الروسية عليها والتي دامت تلاث أشهر حتى الان. وهي حزمة من المتوقع ان تصل الى 9 مليارات من اليورو. وهناك خلال حول هذا التمويل هل هو مساعدة او دين وهو ما يقسم بلدان الاتحاد.
كما ستكون إعادة إعمار أوكرانيا التي يريد الاتحاد الأوروبي أن يقوم فيها بدور أساسي، على جدول الأعمال هذه القمة. وقيمت أوكرانيا حجم الدمار (الطرق والبنى التحتية) بحوالي 600 مليار دولار.
ومن المنتظر ان تعالج القمة الاوربية عدد من الملفات خاصة اثار هذه الحرب على صادرات القمح التي تتضرر منها العديد من البدان خاصة بافريقيا، والتي تتعرض لانعكاسات هذه الحرب دون ان تكون لها وسائل الضغط على أطراف الصراع، فهل ستأخذ هذه القمة مطالب البلدان الافريقية وهي توفير حاجياتها، ام ان القضايا الاوربية والمصالح الاوربية ستكون هي محور هذه القمة. خاصة ان موسكو تريد استعمال صادراتها وصادرات أوكرانيا من القمح كسلاح لضغط على البلدان الغربية وطالبتها برفع العقوبات مقابل سماح روسيا بتصديره نحو الخارج.
وهي قمة من شأنها ان تبرز الخلافات الاوربية -الاوربية حول تدبير الازمة مع روسيا بين أنصار التشدد الذين تتزعمهم بولونيا وبلدان البلطيق وبين أنصار استمرار الحوار مع روسيا والذين تقودهم فرنسا وألمانيا، بالإضافة الى مشكل الغاز الروسي الذي تعتمده المانيا بشكل أساسي. وقضية الامن الأوربي وضرورة التوفر على وسائل الدفاع قادرة على صد الخطر الروسي. هي قضايا كثيرة لن تتمكن القمة الاوربية من حلها لتضارب مصالح البلدان الأعضاء.