الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

مرصد محاربة الرشوة: تصريح "وهبي" خطأ سياسي يستوجب مساءلته سياسيا وحقوقيا

مرصد محاربة الرشوة: تصريح "وهبي" خطأ سياسي يستوجب مساءلته سياسيا وحقوقيا عبد اللطيف وهبي وزير العدل وعبد المغيث لمعمري رئيس المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام (يسارا)
دخل المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام على خط تصريحات وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، المتعلقة بحرمان حماة المال العام من التقدم بشكايات إلى الجهات القضائية بخصوص شبهة تورط بعض المنتخبين في جرائم الفساد، واصفا تلك التصريحات ب" المندفعة والانفعالية، والمتعجرفة".
وأكد المرصد أن تلك التصريحات، " تتضمن مغالطات غير مقبولة، لا تليق بمسؤول عمومي سام ملزم بالعمل الجماعي المتزن، ضمن فريقه الحكومي، لتنفيذ مقتضيات البرنامج الحكومي مع الحرص على التقيد  بالالتزامات الدستورية، وبالاتفاقات الدولية  الواجبة في مجال تفعيل الديموقراطية التشاركية بعيدا عن لغة الوعيد ( غنوري ليكم..!!!!)".
وشدد المصدر ذاته أن وهبي، قد ارتكب خطأ جسيما" تستوجب مساءلته على المستوى السياسي والحقوقي بشأن ما أدلى به من تصريحات مهينة لجمعيات المجتمع المدني ، ولن يشفع له في هذا الخطأ كونه رئيس جماعة حضرية منتخب مسؤول ومنشغل بمسألة تدبير أموالها على غرار عدد من رؤساء الجماعات الترابية الذي يبدو أنه يستميت في حمايتهم من المساءلة".
وسجل المرصد بإيجابية الموقف التوضيحي المسؤول ، المعبر عنه يوم الخميس 21 أبريل 2022 ، من طرف الناطق الرسمي باسم الحكومة الذي " اعتبر أن الموقف المعبر عنه من طرف وزير العدل  لم ينبثق عن قرار حكومي  مجنبا بذلك بلادنا اشعال فتنة هي في غنى عنها"، كما أن تصريحات وزير العدل المذكورة في الموضوع  تغرد خارج السرب الحكومي ، لاسيما وأنه لم يشر في تصريحه ولو مرة واحدة إلى الحكومة ، علما ان مساطر وضع وتعديل القوانين، هو اختصاص حكومي أصيل يتم تحت الإشراف والتتبع المباشرين لرءيس الحكومة.
وفي السياق ذاته، استهجن المرصد " النبرة المتعالية، والعدائية، والتعصبية غير اللاءقة التي ميزت تصريح وزير العدل بمجلس المستشارين" ، مشيرا إلى ما أسماها ب" اللخبطة " في مجال تحديد معيار مجال تدخلها إزاء القضايا المرتبطة بتدبير المال العام، وكذا علاقة المساهمة الضريبية المواطنة بالمال العام...... ، كل ذلك في تنكر تام لمواقفه السابقة، ولخلفيته الحقوقية  واليسارية  الطويلة.
وزاد المصدر ذاته:" اعتبارا لكون تصريحات وزير العدل المذكورة قد تميزت بانكارات  صادمة ، صريحة أو ضمنية، تستوجب مساءلته بشأنها لعل أهمها:
أولا : ما تضمنه  الخطاب الملكي السامي في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية التاسعة بتاريخ  10 اكتوبر 2014 ، بشأن  الدور الاستراتيجي للمجتمع المدني ، حيث جاء في احدى فقراته ما يلي: " كما ان المغرب في حاجة الى كل ابناءه ، وتجميع القوى الحية والمؤثرة وخاصة هيئات المجتمع المدني ، التي ما فتءنا نشجع مبادراتها الجادة ، اعتبارا لدورها الإيجابي كسلطة مضادة وقوة اقتراحية ، تساهم في النقد البناء وتوازن السلط......".
ثانيا : ما تضمنه دستور المملكة من مباديء وقواعد دستورية في مجال الديموقراطية التشاركية (الفصول 12 ،13 ،14، 15 ) وكذا الفصول الواردة في الباب الثاني عشر حول الحكامة الجيدة (لاسيما الفصول من 161  الى 171 ) .
ثالثا : ما تضمنه التقرير العام للنموذج  التنموي ، في فقرته الثالثة الواردة بالصفحة 32 من التقرير وكذا في الصفحتين 66 و67 منه تحت عنوانين :- "ربط المسؤولية بالمحاسبة والتقييم المنتظم والولوج الى المعلومة " و " تعزيز مشاركة المواطنين كركيزة للديموقراطية التمثيلية والتشاركية" .
رابعا: ما تضمنه البرنامج الحكومي من التزامات لاسيما بالرجوع إلى ثالث اولوياته تحت عنوان : "تكريس الحكامة الجيدة في التدبير العمومي" 
خامسا : ما تضمنته االاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد - التي تشرف عليها " لجنة وطنية لمكافحة الفساد" تضم كذلك جمعيتان تعملان في مجال محاربة المال العام والنهوض بالشفافية - من التزامات وبرامج محددة لعدد من القطاعات الحكومية ومنها وزارة العدل المسؤولة عن إدارة وتنسيق البرنامج 6 و9 علما ان أحد الأهداف الاجراءية للبرنامج السادس يتمثل في " توسيع وتجويد آليات الإبلاغ والنشر في مجال مكافحة الفساد ".
سادسا: ما تضمنته الالتزامات الدوليةللمغرب إزاء اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد ( المنشورة بالجريدة الرسمية بتاريخ 17 يناير 2008 ) لاسيما من خلال ديباجتها وفصليها 10 و13 من جهة   وكذا   ازاء مبادرة الشراكة من اجل الحكومة المنفتحة التي انخرط فيها المغرب في أبريل 2018 وما نجم عنها من إدراج موضوع " إشراك المجتمع المدني في إعداد وتتبع تنفيذ السياسات " ضمن المخطط الوطني للشراكة " 2021 - 2023 " من جهة أخرى.
سابعا: ما تضمنه التشريع الجناءي المغربي من مقتضيات تحمي المبلغين عن جرائم الأموال،  لاسيما في الباب الثالث من القسم الثاني مكرر من قانون المسطرة الجناءية 01- 02 ،كما تم تعديله وتتميمه، تحت عنوان " حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين "  ( بالاخص الفصلان 82-7 و 82-9 ) ،
ثامنا : ما تضمنه القانون التنظيمي رقم 065.13 المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها لاسيما فيما يخص صلاحيات رئيس وأعضاء  الحكومة.
وعبر المرصد عن أسفه على هاته الإنكارات التي ارتكبها وزير العدل،   ليعتبر تصريحاته الاخيرة فضيحة مدوية مست باستقلالية القضاء المختص في تقدير ظروف وملابسات الشكايات المرفوعة إليه ، وتدخل سافر في اختصاصات ودور النيابة العامة والضابطة القضاءية وقضاة التحقيق ، فضلا عن كونها اقحمت جهات حكومية في موضوع لا دخل لها فيه.