الأربعاء 24 إبريل 2024
سياسة

ادريس لشكر: الصحراء..إسبانيا اختارت الجانب الصحيح من التاريخ

ادريس لشكر: الصحراء..إسبانيا اختارت الجانب الصحيح من التاريخ ادريس لشكر

1- انتصار الحكمة والشجاعة السياسية

قال الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر في أجرته معه اليومية الاسبانية الواسعة الانتشار ABC نشرته في عددها ليوم الأربعاء 7 أبريل2022 " ...نحن سعداء أن أصدقاءنا الإسبان، وخاصة بالحزب الاشتراكي العمالي، تمكنوا من تجاوز الارث الفرنكاوي وطي صفحته الإمبريالية. فالقادة الاشتراكيون بإسبانيا لهم معرفة دقيقة بتاريخ الصراع وحيثياته، كما أنهم يعون أن التنمية والاستقرار لخدمة الانسان أولا، والانسان هنا هم بنات وأبناء الصحراء وساكنتها التي تنعم بالاستقرار والأمن والنماء الذي تعرفه كافة مناطق المغرب الجنوبية".

وأضاق لشكر أنه بالنسبة" لنا فقد امتلكت اسبانيا الذكاء الاستراتيجي في قراءة التحولات التي تطرأ على غرب المتوسط، الشيء الذي جعلها تختار الجانب الصحيح من التاريخ، المفتوح على المستقبل والازدهار والسلام."

استوعبت جارتنا الشمالية بمنطق الصداقة الدائم أن البقاء في المكان كله للأصلح، وفهم أصدقاؤنا هناك (والمغرب ظل دائما وأبدا يعتبرهم أصدقاء رغم كل شيء) أن الرهان يكون لدى الدول العاقلة على الجدية، وعلى الالتزام، وعلى روح المسؤولية، وعلى مراعاة المصالح المشتركة مراعاة حقيقية .

العالم تغير، أو في طريق التغيير الجذري، وما كان في السابق مناطق رمادية في تدبير المواقف والاتجاهات والتحالفات، ينبغي، اليوم، أن يخرج الى شمس الوضوح.

فلم يعد ممكنا تخيل "برجل هنا ورجل هناك "، في سباق دولي متوتر وسريع التحول، ينذر بكثير من المفاجئات.

هذا بالضبط ما فعلته اسبانيا، الجمعة الماضي، وما تفعله دول أخرى، اقتنعت أن الموقف الحاسم والخروج من منطقة الحياد السلبي، هما الطريق المستقيم الى العالم الجديد والتموقع فيه.

ففي الموقف السياسي من الصحراء، لا تعرض اسبانيا، في الواقع، جديدا حين اعتبرت مبادرة الحكم الذاتي، مبادرة ذات مصداقية وجدية وواقعية لحل النزاع في الأقاليم الجنوبية، وهو موقف عبر عنه المنتظم الدولي منذ 2007، وتأخرت مدريد في تبنيه .

لكن ما نعتبره لافتا للانتباه هو اعتراف اسبانيا، لأول مرة، بأهمية الصحراء بالنسبة إلى المغرب، وهو اعتراف يمكن قراءته من وجهة نظر التحليل الجيوستراتيجي، بمثابة اعتراف بسيادة كاملة للمغرب على جميع أراضيه من طنجة الى الكويرة، وهو الموقف نفسه المعبر عنه من قبل أمريكا .

والواقع أن اسبانيا أدركت، متأخرة، أنه يستحيل بناء أي علاقة سوية مع الجارة الجنوبية، دون المرور من الطريق السيار للصحراء المغربية، وتفادي أساليب الالتفاف التي ظلت تستعملها مدريد في العقود الماضية، وكانت تستغل من قبل الأعداء، لإدامة عمر نزاع مفتعل.

ويمكن فهم هذه الخلاصة من التجاوب السريع للمغرب مع الرسالة التي توصل بها جلالة الملك من رئيس الحكومة الاسبانية، إذ دعت وزارة الخارجية الى التسريع بفتح جميع الأوراش، وتدارك الوقت الضائع، من أجل مصلحة دولتين وشعبين، تربطهما بشكل وثيق أواصر المحبة والاحترام والتاريخ والجغرافيا والصداقة المشتركة.

2- اسبانيا والمغرب : صفحة جديدة

وتبع إدريس لشكر "...اسبانيا والمغرب جاران وشريكان استراتيجيان، والتطور الايجابي في الموقف الاسباني سيسمح بفتح صفحة جديدة في هذه الشراكة وستكون مثمرة للشعبين الصديقين "الأكيد أن هناك خطوات جادة متبادلة ورغبة مشتركة لتعزيز التعاون بين البلدين تضمن أمن واستقرار وازدهار منطقة حوض المتوسط، وهو مسار طبيعي ناجم عن الرغبة الصادقة في طي صفحة الماضي، وتجاوز نقاط الخلاف والتطلع الى الأمام، في إطار مرحلة جديدة، قائمة على الاحترام، والثقة المتبادلة، والتشاور الدائم والتعاون الصريح والصادق.

إن التكامل والعمل المشترك بين المغرب بثقله الافريقي وأهميته الاستراتيجية والأمنية ومحوريته في منطقة جنوب المتوسط، مع الجارة الاسبانية بموقعها الأوروبي شمال المتوسط، وحجمها داخل الاتحاد الأوروبي وموقفها الايجابي المحايد والنزيه من وحدتنا هو في صالح الدولتين والمنطقة والعالم بأسره .

كل شيء اذن يدل على أننا بصدد صفحة جديدة تماما في علاقات البلدين، قوامها التفاهم المشترك، والحوار لحل مختلف القضايا، فضلا عن التنسيق والتشاور، فيما يتصل بشتى القضايا الإقليمية والدولية، وبما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، وهذا يعني أن علاقات الأمس ليست علاقات اليوم وغدا.

3- كان الأولى أن تحذو الجزائر حذو اسبانيا

واعتبر إدريس لشكر أن هذا الحدث" فرصة للنظام الجزائري لتجاوز أخطاء الماضي والتوجه نحو المستقبل، وأتساءل: لماذا هذه الرعونة في التعامل مع اسبانيا في حين أن دولا أخرى سبقت الاسبان لنفس الموقف كفرنسا وألمانيا، بل ان الولايات المتحدة الأمريكية ودول الجامعة العربية وعديد الدول بأفريقيا وأمريكا اللاتينية تعترف بمغربية الصحراء ولم يقم النظام الجزائري بأي رد فعل تجاه هذه الدول؟ اذن لماذا المزايدة على الإسبان؟

كان الأولى أن تحذو الجزائر حذو اسبانيا في موقفها الشجاع والحكيم والواقعي، وتساهم في جعل حوض البحر الأبيض المتوسط بحيرة للسلام والمستقبل المشترك . " طبعا الزلزال الدبلوماسي الذي أحدثه الموقف الاسباني الذي طبخ على نار هادئة ، أخرج حكام الجزائر عن طوعهم ، ودخلوا في هستيريا دبلوماسية دفعت نظام " الكابرانات " الى استدعاء سفيرهم في مدريد للتشاور دون مراعاة القرارات السيادية للدول ، ودون احترام حتى سمفونية الحياد الدبلوماسي التي ظلت ترددها أكثر من أربعة عقود ، فلطالما اعتبر النظام الجزائري أنه طرف غير معني بتاتا بملف الصحراء المغربية ، بل إنه يرفض في كل مرة المشاركة في جلسات التفاوض السياسي بحضور المغرب وجبهة الانفصال والجارة موريتانيا، لكن الموقف الاسباني أثبت لمن كان يتعلق بذرة من الشك أن الجزائر هي الطرف الوحيد في نزاع اختلقته ورعت أداته الانفصالية والارهابية ماليا وعسكريا للمس بوحدة أراضينا أما الباقي فتفاصيل غير مهمة .

لكن ما لم يستوعبه النظام الجزائري البائد ، أن الخريطة الجيواستراتيجية تغيرت جذريا على المستوى العالمي، وأن العالم أصبح في حاجة الى لدول مدنية موثوقة ومستقرة وذات مصداقية ، وليس الى دول هشة تبني شرعيتها على اختلاق توترات اقليمية ودفع رشاو دولية للمس بسيادة جيرانها ، والخلاصة أن الجزائر فاتها القطار ومن صرف ماله على تقسيم الدول مات غما وحسرة بقرارات صادمة وهذا حال الجارة الشرقية، وطبعا لن تستطيع فعل أي شيء لتغيير ما يجري بكل بساطة لأنها دولة هامشية وهشة، وحتى استدعاء سفيرها بمدريد أو ربما اختلاق أزمة مع اسبانيا، لا يعدو أن يكون فصلا أخر من فصول مسرحية كوميدية ، ويكفي أن نتذكر اهانة فرنسا للدولة والتاريخ الجزائري ، حيث استدعى الكابرانات سفيرهم بباريس ، وبعدها بأسابيع أعادوه بدون ماء وجه وأنى لهم أن يملكوا ماء الوجه .

أما الحركات البهلوانية المبتذلة لجماعة بوليساريو، فنحن أكبر من الرد عليها في هذا المقام، لأن الحديث يكون، في العادة، مع الشيوخ، وليس مع المريدين التابعين.