الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

رشيد صفـر: "الفتيخابات .. هَدَا هوَّ."

رشيد صفـر: "الفتيخابات .. هَدَا هوَّ."

في بداية الحملة الانتخابية لـ 4 شتنبر 2015، برز المصطلح الدارجي "افتيخابات" كتحوير لكلمة "انتخابات"، وهو مصطلح ليس بريئا بحكم أنه جمع "فتيخا" و"بات" ومن المعروف أن كلمة "الفتيخ" لها ارتباط بمعنيين في الدارجة المغربية، الأول مقرون بصناعة "لفافة الحشيش"، والثاني لصيق بالسرقة. قد يظن البعض أن كلمة "فـَتـَخَ" لا وجود لها في لغة الضاد وهذا ليس عيبا، بحكم أن الكلمة المشهورة هي "فتحَ" من الفتح ضدَّ الغلق، لكن إذا فتحنا صفحات (معجم المعاني الجامع)، سنجد أن العرب استعملوا كلمة "فتخ"، للدلالة على فعل "التليين والثني". ويشرح معجم المعاني الجامع كلمة فـَتـَخَهُ بـ : (ليَّنه وتَنَاهَ). دعونا نغلقُ صفحات معجم المعاني الجامع ونعود للموضوع.

بنظرة تأملية إلى نتائج انتخابات الجهات حتى ولو كانت بعيدة عن العمق، نجد أن "الفتيخ" بات أي ظلَّ ديدن العديد من القيادات السياسية، إذ لان بعضهم ليمر البعض الآخر لرئاسة الجهة، وفتخَ أي ثنا بعضهم إرادة الناخبين، فوجدوا من لم يصوتوا عليه يحكمهم على مستوى الجهة. أوَ لمْ "تـُفتخْ" أي تُسرق بهذه الطريقة إرادة الناخبين، بسبب التحالفات التي خذلتهم !!؟؟. فهاهم يرون اليوم كيف انبرى حزب العدالة والتنمية حليفا لمن كانوا بالأمس أعداءا له، وسبق وأن نعتهم بتجارة المادة الخام للـ "الفْتيخْ". أوَ لمْ "تـَفتـَخْ" التحالفات إرادة التغيير وفلسفة تجديد النخب!!؟؟. لقد كان الناخب المغربي على نيَّتِهِ وعلى قِلـَّتِه (4 المليون من أصل 14 مليون) يُمني النفس بتجديد الوجوه السياسية التي ملَّ من محيَّاها وطلعتها غير البهيَّة، فحلمنا جميعا بالقطع مع القيادات السياسية التي لم تنتج سوى العزوف عن السياسية، لكن عادت ريما لعادتها القديمة إذ رغم أن بعض السياسيين الذين لم تندمل جروح قضاياهم التي أساءت للوطن والمواطنين، خرج من باب السياسة ودخل من نافذة "الافتيخابات". لا يكفي أن ننعت سياسيا بقلة الرجولة، لا يكفي أن نقول بأن اللعبة السياسية لا منطق لها، لا يكفي أن نقول بأنها فن الممكن (انتظروا ما لم يكن مُمْكنا في خيالكم وواقعكم أيها الناخبون). الناخب المغربي صوت للحزب الذي رآه مناسبا لتطلعاته، كي يلمس على أرض الواقع تشكيلة نزيهة على المستوى المحلي والجهوي، تشكيلة قادرة على اجتثاث الإختلالات وقيادة الجهات والمناطق إلى التنمية والازدهار، فهذا المواطن المغربي البسيط وغيره يرى بحدسه الطبيعي الذي لا يحتاج لذكاء اصطناعي، أن "اللاعب السياسي" الذي لم يُقدِّمْ عرضا مُقنعا في "رقعة السياسة" وجبَ على الأقل تغييره لتجديد شريان الفريق السياسي، الذي سيخوض "المقابلات" ومعها كامل "الجولات" الجماعية والجهوية والبرلمانية، ضد الهشاشة والفقر والبطالة والجهل وإرهاق القدرة الشرائية وانخفاض مستوى الدخل الفردي وغلاء المعيشة وتزايد المديونية إلى آخره...

لن يغفر لكم الشعب أيها السياسيون الذين حصلتم على ثقته، إرجاع اللاعب غير المناسب إلى الميدان السياسي في التصفيات الخاصة بمباريات هزم الأزمة، لن يغفر لكم اختياراتكم على ضوء خطة "ميكيافيلي"، لن يغفر لكم أن تتظاهروا بالخناق في البرلمان ثم العناق في حلبة التسابق على المناصب، بهذا التكتيك السياسي تعززون مُستقبلا مكانة "الحزب المُقاطع"، فتحملوا مسؤوليتكم التاريخية.