أكد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل على أن الحق في المعلومة، كما نصّ عليه دستور المملكة، هو ركيزة أساسية للديمقراطية ومحرك للتنمية المستدامة، مستدركا أنه في خضم الثورة الرقمية، أصبح هذا الحق مُهدداً بتهديد متزايد للزيف والخداع، المعلومة لم تعد مجرد خبر، بل أصبحت أداة قد تُستخدم لزرع الفتنة، وتشويه الحقائق، والمساس بالمؤسسات، وإضعاف المناعة الوطنية.
جاء ذلك في كلمة افتتاحية للوزير بنسعيد اليوم الأربعاء 17 دجنبر 2025 خلال اللقاء الذي نظمته الوزارة بالرباط حول موضوع الأخبار الزائفة - رؤى ومقاربات متقاطعة.
وأضاف المهدي بنسعيد أن اختيار شعار "رؤى متقاطعة" ليس مجرد عنوان، بل هو اعتراف جوهري بأن الحرب على التضليل لا يمكن أن تنجح إلا بتضافر الجهود وتكامل الرؤى بين مختلف القطاعات والمجالات، مشددا على أننا "في المغرب، بقيادة الملك محمد السادس نؤمن بأن بناء مجتمع واعٍ ومحصن يبدأ بتوفير بيئة إعلامية سليمة ونقية، وهنا يكمن الدور الجوهري لوزارة الشباب والثقافة والتواصل.
وزاد المتحدث ذاته قائلا:"نؤمن بأن أفضل رد على المعلومة الخاطئة هو المعلومة الصحيحة والموثوقة، وهذا يتطلب منا العمل على تقوية إعلامنا العمومي والخاص، وتوفير المعلومة بكل شفافية وسرعة، كما نعمل على دعم الصحافة الاستقصائية المتخصصة في (Fact-Checking)، باعتبارها خط الدفاع الأول عن مصداقية الخبر"، مبرزا أن الأخبار الزائفة ليست مجرد خطأ تقني، بل هي خطر ثقافي يهدد الذاكرة الجماعية والقيم المشتركة وثقة المجتمع في مؤسساته، فيما دور الوزارة تحويل الشباب من مستهلكين سلبيين للمعلومات، إلى ناقدين ومحللين يمتلكون حسًا نقديًا رقميًا عالياً.
المهدي بنسعيد أوضح أيضا أن الفضاء الإعلامي والرقمي في بلادنا، بمختلف مكوناته من وسائل الإعلام التقليدية والرقمية ووسائط التواصل الاجتماعي، وعلى غرار ما تشهده بلدان العالم، يشهد تحولات متسارعة، حيث يؤدي التحول الرقمي إلى تغيير جذري في كيفية إنتاج الأخبار واستهلاكها، مما أثر على النماذج المعروفة في إنتاج وتداول المعلومات.
وأضاف:"إذا كانت "الثورة الرقمية" قد أعطت نوعا من دمقرطة الولوج إلى المعلومة، ولو بشكل فوضوي يتمرد على قواعد الممارسة الإعلامية المهنية، فقد فرض هذا الوضع تحديات متعددة في ظل تنامي استعمال مختلف الوسائل المتاحة للوصول إلى الجمهور، حيث يؤدي الضغط نحو نشر الأخبار بسرعة إلى الإخلال بمسار التحقق من المعلومة، مما يرفع من نسبة الأخبار الزائفة والإشاعات، بل وقد يصل الأمر إلى التضليل وتزييف الحقائق".
ولفت إلى أن التطور المؤسساتي والتشريعي بالمملكة يساهم في تعزيز حرية الرأي والتعبير، وترسيخ دور الصحافة المهنية في تأطير المجتمع وتوعيته عبر مختلف مراحل البناء الديمقراطي، وهو ما تُوِّج بدستور سنة 2011 الذي نص على مبادئ واضحة تؤكد على حرية الصحافة، وضمان حق المواطن في إعلام مهني متعدد ومسؤول، من خلال علاقة تجعل الصحافة وسيطا أساسيا لبلوغ المعلومة الموثوقة وذات المصداقية، في ظل ثورة تكنولوجية تضعنا أمام تدفق هائل للمعلومات.
وفي هذا السياق، عملت بلادنا ولا تزال تعمل على تطوير الإطار القانوني المنظم لمهن الإعلام والصحافة، وفق رؤية تقوم على تحصين هذه المهن وضمان ممارستها وفق القواعد المعتمدة دوليا. كما يُواكب هذا التطور التشريعي الاشتغال على تطوير آليات تقوية النموذج الاقتصادي للمقاولات الإعلامية، مراعاة للتحولات التي يعرفها الحقل الإعلامي، وذلك من خلال تعزيز صمود المؤسسات الإعلامية عبر الدعم العمومي الموجه للصناعة الصحفية، الذي يهدف إلى تمكين المقاولات من الاستمرار في أداء رسالتها الإعلامية، ومواكبة عملية هيكلة القطاع ضمن رؤية وقناعة راسختين بأن الصحافة في بلادنا ركيزة من ركائز البناء الديمقراطي وعنصر أساس في تعزيز الثقة العامة.
وشدد وزير الشباب والثقافة والتواصل أن وسائل الإعلام أصبحت اليوم مطالَبة ببذل مجهود مضاعف لسد الفجوة الرقمية التي خلقتها التكنولوجيات الحديثة، ليس فقط من أجل ملء الفراغ، ولكن لضمان حق الجمهور في الخبر، وتحقيق حماية المجتمع من تبعات الأخبار الزائفة وما تحمله من مخاطر كبيرة. فوسائل الإعلام لها دور جوهري في التحقق من الأخبار وتعزيز الحس النقدي لدى المجتمع في مواجهة تدفق المعلومات عبر مختلف الوسائط.
وبالموازاة مع ذلك، تعمل الوزارة على إطلاق وتشجيع مبادرات لتعزيز التربية على وسائل الإعلام، عبر الدورات التكوينية واللقاءات الدراسية والدلائل التربوية التي يعدها المعهد العالي للإعلام والاتصال.