Tuesday 9 December 2025
سياسة

المؤرخ ميمون أزيزا: مأساة طرد المغاربة من الجزائر.. جروح نصف قرن لا تندمل

المؤرخ ميمون أزيزا: مأساة طرد المغاربة من الجزائر.. جروح نصف قرن لا تندمل ميمون أزيزا، الأستاذ الباحث في مادة التاريخ بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس
قال ميمون أزيزا، الأستاذ الباحث في مادة التاريخ بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس، أنه بعد مرور نصف قرن على قرار الجزائر بطرد نحو 45 ألف مغربي في دجنبر 1975، تظل آلاف العائلات تعاني آثارًا نفسية واقتصادية مدمرة، محرومة من ممتلكاتها وأفراد الأسر المختلطة.

وكشف الباحث في التاريخ، في حوار مع جريدة "أنفاس بريس"، بأن هذا الطرد الانتقامي جاء كرد مباشر على المسيرة الخضراء، حيث داهمت الأجهزة الأمنية الجزائرية المنازل في عز الشتاء وعيد الأضحى، مصادرة الأراضي والأموال البنكية، وممارسة التعذيب والتشتيت العائلي دون إنذار أو محاكمات.

ورغم الزمن الطويل، يعيش الناجون والأجيال اللاحقة في وجدة والناظور وفكيك حالة من الاغتراب والفقدان، مع شهادات تتحدث عن جروح نفسية عميقة ناتجة عن الخيانة بعد عقود من الاندماج الاجتماعي والزيجات المختلطة. 

وزاد ميمون قائلا، اقتصاديًا، يستمر حرمان المطرودين من استرجاع ممتلكات مسجلة بأسمائهم، مما يفاقم الفقر والحرمان من لم الشمل، في أكبر عملية تهجير جماعي تعسفي شهدته المنطقة.

وأكد المتخصص في تاريخ الهجرات، أنه ساهم في إطار التجمع الدولي لدعم العائلات المطرودة، في جلسات استماع للضحايا وتجميع المعلومات وتوضيبها وتنظيم ندوات وتقارير رفعت إلى الأمم المتحدة في جنيف، مطالبًا باعتراف جزائري وتعويضات، بينما تحتضن البنية الأرشيفية المغربية جهود الحفاظ على الذاكرة.

وأبرز ميمون أزيزا أهمية التوثيق الأكاديمي لمواجهة النسيان، لكن التحديات تكمن في غياب الوثائق الرسمية الجزائرية.

وحول سكوت الموقف الرسمي والحزبي المغربي من طرد 1975، قال المتحدث أن السلطات الجزائرية كانت تنتظر ردا مغربيا بالمثل يتجلى في طرد العائلات الجزائرية في المغرب، لكن الاستراتيجية الدبلوماسية المغربية ركزت حينها على تجاوز الأزمات التاريخية للحفاظ على الاستقرار الإقليمي، خاصة مع تركيز الجهود على قضية الصحراء المغربية، مما جعل المغرب يفضل عدم التصعيد لتجنب تعقيد النزاعات الحدودية.

هذا في الوقت الذي ما زالت جمعيات الضحايا، مثل "المغاربة ضحايا الطرد التعسفي"، تشير إلى صمت السلطات في الوقت الحاضر بعد مرور خمسين عاما، وتغير الأوضاع، رغم مبادرات سابقة للم شمل العائلات، معتبرة أن تغيرات الأجواء السياسية والحقوقية أخرت الدعم الرسمي.

وفي ظل تجاهل الأحزاب السياسية المغربية الموضوع، فإنه بعد 50 عامًا، جددت جمعيات مثل التجمع الدولي مطالبها بالاعتراف والتعويضات دوليا، مطالبة الحكومة والأحزاب بتوضيح موقفها الصامت. 

ويرى الأستاذ ميمون أزيزا، أنه يمكن لهذه المأساة أن تكون أساسًا للمصالحة عبر الاعتراف الجزائري بالانتهاكات كخطوة أولى نحو تجاوز الأزمات التاريخية، مع فتح الحدود للم شمل العائلات، وتركز المصالحة على المصالح المشتركة مثل الاقتصاد والأمن، لكن دون عدالة تظل هذه المأساة جرحا يعيق الثقة.. فمسؤولية الجزائر عن خرق القانون الدولي وكذا الوطني ثابتة.

هذا في الوقت الذي تُصنف فيه عملية طرد المغاربة من الجزائر كأكبر عملية تهجير جماعي تعسفي في العصر الحديث بسبب سرعته (شهر ونصف) واستهدافه لسكان مدنيين مستقرين..

فبخلاف حركات تهجير تاريخية مثل تلك في البلقان أو فلسطين، لم يكن هناك نزاع عسكري مباشر بل رد سياسي انتقامي، مع استخدام أجهزة أمنية شاملة (مخابرات، درك، جيش) للمداهمات والتعذيب والاغتصاب في بعض الحالات.