الثلاثاء 16 إبريل 2024
كتاب الرأي

صافي الدين البدالي: الجزائر والمغرب..الفتنة القاتلة

صافي الدين البدالي: الجزائر والمغرب..الفتنة القاتلة صافي الدين البدالي
يعيش الشعبان، المغربي والجزائري، هذه الأيام فتنة تبدو قاتلة. والسؤال المطروح: هومن هي الجهات وراء هذه الفتن التي أصابت الشعبين المغربي والجزائري؟ هل النظام الجزائري أم النظام المغربي؟ وما هو الهدف منها؟ إنها أسئلة حارقة يجب الوقوف عندها من أجل البحث عن أسباب هذه الفتنة وتجلياتها.
إنه غالبا ما تأتي الفتنة من خارج البلاد او من داخلها أو تأتي من دول أجنبية قد تكون مجاورة. وما يعرف خطر الفتنة وعواقبها إلا الحكماء والعقلاء الذين يعملون جاهدين من أجل إخمادها أوالحيلولة دون وقوعها. والذين يعملون على إيقاظها هم المتربصون بالشعوب والفاسدون وورثة الاستعمار وعملائه والحاقدون.
هؤلاء هم الذين يعملون على نشر الفتنة في كل مكان انتشار النار في الهشيم. وإن أبشع الفتن هي التي تقع على المجتمعات والأمم. وهي الفتن التي تؤدي الى حروب قد لا تنتهي بين دولتين أو عدة دول، ما الحروب العالمية التي عاش ويلاتها العالم إلا من الفتن التي كان من وراءها طموحات الدول الرأسمالية التي تتسابق من أجل احتلال الشعوب والسيطرة على ثرواتها وقيادة العالم. مما مهد الطريق لاندلاع الحرب العالمية الاولى (1919) والحرب العالمية الثانية (1939).
ورغم إدراك الشعوب العربية خطورة الفتن، وما تخلفه من دمار الشعوب، لأن تاريخها الطويل مليء بها، فإنه مع الأسف والأسى تعيش المنطقة العربية، ومنها المغرب والجزائر، فتنا كمثل قطع الليل المظلم، وضحاياها هم الشعوب المغاربية.
وفي هذا البحر المتلاطم بالفتن في عالم شديد التقلبات والاضطرابات، وما يعرفه من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية ومن تسابق نحو تقسيم العالم تقسيما جديدا من خلال زعزعة الأمن الاجتماعي والسلام الداخلي والخارجي للأمم، تعرف منطقة المغرب العربي توترا غير مسبوق بين المغرب والجزائر منذ عملية الكركرات التي قام بها المغرب لصد هجمات البوليساريو، وما واكب ذلك من تأييد من طرف دول كثيرة عبر العالم ومجلس الأمن في آخر قراراته.
وتجلى هذا التوتر في الملاعب الكروية الجزائرية وهو المجال الذي اتخذه النظام الجزائري لجر المنطقة إلى الفتنة من خلال استعمال الجمهور الكروي الجزائري دون وعي منه كأداة لبث العداوة والبغضاء بين الشعبين المغربي والجزائري. وتم ايضاً استغلال المناسبات الكروية القارية (الافريقية والعربية) والدولية لمناهضة المغرب في صحراءه وبحثا عن تأييد أطروحته الانفصالية.
فحول النظام العسكري الجزائري المناسبات الكروية الى مساحة سياسوية يسعى من ورائها محاصرة المغرب في الزاوية الضيقة حتى يخضع لأطروحته الانفصالية. وبسلوكيات هذا النظام الجزائري نشطت أبواق أصحاب الفتن من صحافيين مرتزقة ومن مواقع الكترونية مصخرة والمخابرات الفرنسية والأمريكية والجزائرية والمغربية والاسرائيلية وجلها تسعى الى السبق في تأجيج الفتنة حتى تصيب البلدين، المغربي والجزائري، دون أي ذنب للشعبين.
إنها فتنة مثلها كمثل البركان الخامد والذي أصبح على وشك الانفجار أمام هذا الوضع تظهر دول تساهم في إشعال الفتنة بين المغرب والجزائر لغاية في نفس يعقوب. ومنها فرنسا التي تحرك الجزائر حتى يظل المغرب تابعا دون تردد لما تبين لها بأنه يسعى الى التحرر ولو جزئيا من هيمنتها ومن إملاءاتها وأصبح منفتحا على دول أخرى صناعية مثل الصين وكوريا واليابان وعلى الدول الإفريقية من أجل الإستثمار. و نسي النظام الجزائري أن فرنسا هي أم الفتن في أفريقيا وفي المغرب العربي. فرنسا التي زرعت بذور الفتن في ليبيا ولا زالت تسعى إلى تفكيك الشعب الليبي كي تستفيد من منابع بترول هذا البلد. كما انها هي التي زرعت بذور الفتن بين المغرب والجزائر لما كانت تحتل الجزائر حينما قامت بضم أراضي مغربية إلى مستعمرتها الجزائر ظنا منها أنها ستصبح من مستعمراتها ما وراء البحار الفرنسية departement d'outre-mer DOM-TOM اي مجموعة من الأقاليم المختلفة تحت الإدارة الفرنسية خارج القارة الأوروبية . وبعد استقلال الجزائر نقض النظام الجزائري العهد مع المغرب الذي رفض ترسيم الحدود مع فرنسا بين البلدين الشقيقين حتى يحصل الشعب الجزائري على استقلاله.
وبعد استقلال الجزائر بسنة تقريبا تحرك اصحاب الفتنة من فلول الاستعمار الفرنسي لإشعال الفتنة بين المغرب والجزائر مما تسببت في حرب الرمال ببن البلدين سنة 1963 حيث دأت بتصاعد حملات إعلامية منها الإعلام الجزائري الذي يقول "إن المغرب له نيَّات توسعية على حساب الجزائر، مستغلّاً إنهاكها من حرب التحرير"، فيما اتهم المغرب الجزائر على لسان وكالة أنباء المغرب العربي بأنها بعثت بقوات إلى طرفاية كي تحرّض السكان هناك على الثورة ضد الملك. وفي 8 أكتوبر2063 شنّت قوات جزائرية هجوماً على نقطة تمركز عسكرية للجيش المغربي بمنطقة حاسي بيضا أودت بحياة عشرة جنود.على أثرها.
احتج الرباط على الجزائر. ورغم تدخل العقلاء من عدة دول لإنهاء الحرب وقبول المغرب بكل الوساطات من أجل تأجيل ترسيم الحدود الى وقت لاحق، فان النظام الجزائري ظل يدا طيعة لبعض دول المعسكر الشرقي طمعا في الزعامة الإفريقية دون الزعامة العربية، التي كان جمال عبد الناصر يسعى إليها. ظل هذا الوهم يسيطر على عقلية حكام الجزائر وأصبحوا يتربصون بالمغرب في كل مناسبة ومنها زرع الفتن بين الشعبين من خلال تزوير الحقائق التاريخية حتى لا تكون للمغرب أية مكانة وسط أفريقيا أو دول المعسكر الشرقي أو فرنسا، خاصة لما قرر المغرب استعادة الصحراء المغربية في 1975 من الاستعمار الإسباني
لم يقدر النظام الجزائري ما تسببه الفتن من كساد ومن ازمات اقتصادية واجتماعية ومن انفلات أمني في الجزائر أولا قبل المغرب. الواقع الجزائري أصبح جليا لدى العالم لا تخفيه البدلات العسكرية ولا الأكاذيب. وإنه من غير المستبعد أن تعرف الجزائر خروج أهل الفتن والضلال والإرهاب حتى يصاب الناس بالذعر والخوف والانكماش الذي لن يدوم لأن الشعوب لا يمكن التغرير بها مدى الحياة، وجعلها عدوة الأشقاء وتبديد ثرواتها في صناعة الانفصاليين والكيانات الوهمية خدمة لأصحاب الفتنة الرئيسين من دول استعمارية توسعية. إن ذاكرة الشعوب أقوى يمن ذاكرة الأنظمة المستبدة ولن تظل تعيش تحت طائلة مغالطات الأنظمة اللاديمقراطية لأن وعيها يتجدد وينمو بفعل التجارب، وقياس مصداقية النظام. ولذلك فإن الاحتكام الى العقل وإلى سبيل الحكمة هو الحل الأمثل للخروج من نفق الفتنة، لأنها قاتلة الشعوب والمجتمعات، والعودة إلى أرضية المغرب الكبير وفك الحصار على شعوب المنطقة حتى تقرر مصيرها المشترك بنفسها عبر مؤسسات منتخبة انتخابا ديمقراطيا وتشهد عليه المؤسسات الدولية. وهو ما سيضمن الأمن والطمأنينة وراحة الشعبين وأمنهما وتقدمهما والقدرة على العمل والعطاء والإنتاج المشترك والاستقرار الدائم.