الجمعة 19 إبريل 2024
اقتصاد

أخنوش يفتتح ورش الحوار حول التعمير والإسكان لتحديد معالم سياسة عمومية جديدة

أخنوش يفتتح ورش الحوار حول التعمير والإسكان لتحديد معالم سياسة عمومية جديدة عزيز أخنوش، رئيس الحكومة رفقة فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة الإسكان وسياسة المدينة
قال عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، إن الحوار الوطني حول التعمير والإسكان، الذي ينعقد اليوم الجمعة 16 شتنبر 2022 تحت رعاية الملك محمد السادس، تتطلع الحكومة من خلاله إلى التشاور مع مختلف الفاعلين من أجل تحديد معالم سياسة عمومية جديدة، تستند لمقاربة ترابية، كفيلة بإحداث نموذج جديد لتهيئة المدن وخلق فضاءات عيش لائقة وسهلة الولوج.   
وشدد في مداخلة له بمناسبة فعاليات يوم الافتتاح الرسمي للحوار الوطني حول التعمير والإسكان على أن مساءلة نجاعة السياسات العمومية المعتمدة، خاصة منها النفقات الضريبية المخصصة لاقتناء السكن.
جريدة
"أنفاس بريس" تنشر مداخلة رئيس الحكومة التي أكد من خلالها أن إصلاح قطاع التعمير والإسكان، بالنظر لطابعه الأفقي، رافعة مهمة لتحقيق هذه الأهداف... 
 
يسعدني أن أحضر أشغال افتتاح الحوار الوطني حول التعمير والإسكان، الذي ينعقد تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، والذي تتطلع الحكومة من خلاله إلى التشاور مع مختلف الفاعلين من أجل تحديد معالم سياسة عمومية جديدة، تستند لمقاربة ترابية، كفيلة بإحداث نموذج جديد لتهيئة المدن وخلق فضاءات عيش لائقة وسهلة الولوج.   
 
وكما لا يخفى عليكم، فإن تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية وإنعاش الاقتصاد الوطني، إضافة إلى تحسين الحكامة الإدارية، تدخل في قلب اهتمامات الحكومة، وبذلك نعتبر إصلاح قطاع التعمير والإسكان، بالنظر لطابعه الأفقي، رافعة مهمة لتحقيق هذه الأهداف. 
وتولي الحكومة أهمية كبرى لتوفير عرض سكني لائق وملائم لمتطلبات المواطنين، حيث كشف الوضع الناجم عن كوفيد-19 عن حجم تفاوتات الولوج إلى السكن وجودته، وأبانت إجراءات الحجر الصحي عن افتقاد عدد من الأحياء السكنية، خاصة في المدن المتوسطة وضواحي المدن الكبرى، لفضاءات عيش لائقة ولمجموعة من التجهيزات الأساسية. 
كما أن الواقع القائم يظهر أن كلفة الولوج إلى السكن المتوسط لا تزال مرتفعة، خاصة بالنسبة للأسر حديثة التكوين والمقبلين على الزواج.
والمفارقة أنه في نفس الوقت، لم ينتعش قطاع العقار، بل شهد ركودا طوال العشرية السابقة، مع تسجيل ضعف مهم للعرض السكني المتوسط الجودة (moyen standing).
وبالنظر لهذا الوضع، ينبغي مساءلة نجاعة السياسات العمومية المعتمدة، خاصة منها النفقات الضريبية المخصصة لاقتناء السكن، حيث أنه ورغم تقليص العجز على مستوى الوحدات السكنية من ما يفوق 1,2 مليون وحدة سنة 2002 إلى 368.000 وحدة سنة 2021، فإنه يصعب اليوم تقييم الأثر الاقتصادي والاجتماعي لهذه التحفيزات، سواء بالنسبة للأسر أو بالنسبة للمنعشين العقاريين.
وحيث تعتبر الحكومة إنعاش قطاع الإسكان من المداخل الاستراتيجية لإعادة إنعاش الاقتصاد الوطني، ومحركا أساسيا لخلق فرص الشغل وتحقيق التنمية، ندعو اليوم إلى التفكير معا في السبل الكفيلة بملاءمة العرض والطلب، من خلال توفير عروض سكنية مناسبة، تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الترابية والاجتماعية ورهانات الإدماج الاجتماعي. 
كما ندعو إلى تحفيز الطلب الوطني من خلال نهج مقاربة جديدة للدعم، تروم الدعم المباشر للأسر لاقتناء السكن. ولعل فعاليات هذا الحوار الوطني خير مناسبة للتفكير في الحلول الكفيلة بموازنة العرض والطلب، في أفق إدراج المقتضيات ذات الأثر المالي في مشروع قانون المالية لسنة 2023. وقد تكون مناسبة كذلك لابتداع السبل الكفيلة بتصفية مخزون الوحدات السكنية، بما يضمن تحولا سلسا نحو النموذج الجديد.
 
ولمواكبة تحدي إنعاش القطاع، تطمح الحكومة كذلك إلى تحسين الحكامة الإدارية على المستوى المركزي والترابي، لتكون في مستوى تطلعات الساكنة والمقاولين. ولهذا، فإنه لا مناط من مواصلة رقمنة وتسريع المساطر المتعلقة بكل من الرخص الإدارية للتعمير والإسكان والتحفيزات العمومية. 
حضرات السيدات والسادة، أيها الحضور الكريم،
قد تشكل أشغال هذا الحوار الوطني مناسبة كذلك للتفكير في تحديات أخرى تهم قطاع الإسكان والتعمير…
منها، تحدي تنويع العرض الوطني، فمثلا، يحتاج قطاع التعليم العالي لما مجموعه 500.000 سريرا في الأحياء الجامعية، وتحتاج قطاعات التعليم والصحة لمساكن وظيفية ذات جودة، تضمن استقرار الأطر في أماكن تعيينها، كما نحتاج مستقبلا إلى تطوير قطاع الإيجار العقاري. 
ومن بين التحديات كذلك، تحسين مردودية القطاع، حيث لابد من استثمار الاستراتيجية الوطنية الهادفة إلى تعزيز الإنتاج المحلي لمجموعة من مواد البناء المستوردة والرفع من النجاعة الطاقية، واستثمار مؤهلات القطاع لتعزيز حضورنا قاريا.
ومن أهم التحديات على مستوى التعمير تقليص التباينات الكبيرة بين المدن، حيث أنه مع حلول سنة 2030، من المتوقع أن يعيش أكثر من 10 ملايين مغربية ومغربي، وهو ما يناهز 40 في المائة من ساكنة الحواضر، في مدن متوسطة يتراوح عدد ساكنتها ما بين 25.000 و250.000 نسمة. وتشير توقعات النمو الديمغرافي، في أفق عام 2030، إلى أن خمس المدن المتوسطة ستتخطى عتبة 250.000 نسمة لتصير مدنا كبرى، بينما ستتجاوز ثلاثون مدينة صغيرة عتبة 25.000 نسمة لتلتحق بالمدن المتوسطة.
ويقتضي تسارع التحول الحضري والتمدد العمراني للمدن تحيين كيفية تخطيط وبرمجة وتسيير المجالات الترابية، بما يضمن تنمية ترابية مستدامة شاملة ومتكاملة.
في الأخير، أغتنم هذه الفرصة لأثمن مبادرة وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، الهادفة إلى إرساء جسور التواصل والبناء المشترك مع مختلف المتدخلين.
أنا أعرف العزيمة القوية الوزيرة فاطمة الزهراء المنصوري، لإعطاء دفعة قوية للقطاع، وإيجاد الحلول الكفيلة بإنعاشه وتحسين ولوج المواطنين والمواطنات للسكن.
أتمنى لأشغالكم النجاح والتوفيق. كما أجدد التأكيد على عزمنا، داخل الحكومة، مواكبة أوراش الإسكان والتعمير، حتى تتحقق الإرادة الملكية وطموحات المواطنات والمواطنين.