مذكرات امحمد التوزاني: حين أنكر محمد لخصاصي صلته برفاقه في التنظيم المسلح (الحلقة 31 )

مذكرات امحمد التوزاني: حين أنكر محمد لخصاصي صلته برفاقه في التنظيم المسلح (الحلقة 31 ) الفقيه البصري وامحمد التوزاني( يسارا)
المناضل امحمد التوزاني، سليل حركة التحرر المغاربية والعربية من مواليد سنة 1938 بتازة، حمل في المنفى 13 اسما حركيا، من بينه خالد (بتسكين اللام) وحسن صديق الروائي والقاص والصحافي الفلسطيني غسان كنفاني ورفيق درب المناضل الاتحادي المرحوم الفقيه البصري. ناضل بمعية وتحت قيادة الشهيد المهدي بنبركة وعبد الرحمان اليوسفي ومحمد باهي، وغيرهم.
التحق بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية في مرحلة التأسيس وتكلف ضمن اللجنة التنظيمية للمؤتمر بالجانب التنظيمي واللوجستيكي إلى جانب المرحوم مصطفى القرشاوي وفاضل الناصري وأحمد الخراص.
التقى أول مرة بالشهيد المهدي بنبركة عام 1962 حين كلف بمهمة استقباله بفاس والذهاب به إلى تأهله ليؤطر تجمعا جماهيريا كان قد هيأ له الفرع الحزبي هناك.
ساهم في تأسيس حركة الاختيار الثوري بعد انتقاله إلى باريس إلى جانب عبد الغني بوستة السرايري وأحمد الطالبي المسعودي رغم كفره بمغامرات قائده ومثله الأعلى محمد الفقيه البصري..
"
أنفاس بريس" تنشر مذكرات المناضل امحمد التوزاني، والتي تسلط الضوء على حقبة مهمة من تاريخ المغرب السياسي.
 
الأستاذ امحمد التوزاني ما قصة بلاغ محمد بنهيمة وزير الداخلية الأسبق الذي أشار إلى تسرب عنصرين مسلحين من تنظيمكم الى الحدود وهما يحملان السلاح محملا المسؤولية لمحمد لخصاصي و صحبه ؟
 كما سبق و قلت لك أتاني لخصاصي بمناضلين اثنين عرفت فيما بعد أنهما من الجنوب أحدهما أصبح فيما بعد أستاذ للكيمياء وكان بارعا في التعلم والآخر أذكر أن اسمه الحركي هو سعيد. وبعد أن تدربوا بالمعسكر على العدد من التقنيات العسكرية، كما تدريا على صنع القنابل الموقوتة و لما دخلا الى المغرب كانا يحملان مسدسين من عيار 6 ملم وقنبلتين واثنى عشر طلقة وذاك بالضبط ما أعلنه بلاغ الداخلية لما اعتقلوا 
وفد أعلنت الوزارة أن الذين وراءهما هم محمد لخصاصي والفقيه البصري والحسين الخضار ومبارك بودرقة. غير أن محمد لخصاصي غادر الجزائر الى فرنسا بعد بلاغ السلطات المغربية وأصدر بيانا نشر في جريدة " لوموند " الفرنسية يتبرأ فيه من القضية.
 
السي امحمد بعد أن فشلت أحداث 3 مارس استمريتم في إرسال مقاتليكم للقيام بعمليات جديدة، ما الهدف من ذلك ؟
القيادة السياسية هي من يتخذ قرارات دخول المناضلين للمغرب للقيام بعمليات جديدة. لكن في تقديري أن الهدف هو إلهاء السلطة حتى يتمكن المناضلون المحاصرون بالداخل و الذين شاركوا في الأحداث من الخروج فقد كان شعارنا في اجتماع الجزائر ل 22 مارس هو إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
 
هلا حكيت لنا عن بطولات لطالما ترددت في الخفاء عن بعض مقاتليكم الذين أبانوا عن شجاعة و مهارة أثناء معارك 3 مارس 1973؟
 لن أحكي لكم عن الذين قتلوا و لن أحكي لكم عن الذين أعدموا وعن الذين سجنوا فتلك وقائع تغيب عني تفاصيلها وقد كنت أعيش بالخارج. لكن يمكنني الحديث عمن تمكنوا من الانسحاب وسط الرصاص و غادروا الى الجزائر بمعجزة و طلبنا منهم أن يدونوا لنا ما مروا به. وكيف انتصروا أثناء مقاومتهم؟ و كيف نجحوا في التسلل؟
هناك مجموعتان يمكن الحديث عنهما. مجموعة بها إثنين وهما أومدة والتهامي، ومجموعة أخرى بها أربعة هم زين الدين والفقيه السي ابراهيم وبن قدورالخيراني والمالكي.
 
ألا يمكن أن تحدثنا أولا عن أومدة الذي عرف ببطولاته؟
أومدة كان في جيش التحرير وأكمل تدريبيه عندنا بالزبداني ودخل المغرب سنة 1969 وبقي في خلية نائمة إلى غاية 1973 وقد أسس الكثير من الخلايا النائمة بالأطلس كل خلية تتكون من ثلاثة مناضلين، و قد كان يتلقى مبالغ مالية لتمويل نشاطه و خلاياه وكان الوسيط في العملية هو فاضل الناصري الذي كان مدير مدرسة تسمى مدرسة عبد الكريم الخطابي، وكان يستغل بها أيضا مصطفى القرشاوي، وبها يدرس عدد من أبناء المقاومين، وفاطمة واعزيز المعروفة بفاما هي من كانت تجلب أبناء المقاومين للدراسة بها.
كان فاضل الناصري بين الفينة و الأخرى يلتقي بأومدة في الرباط بباب الأحد ليتسلم منه المال.
 
وماذا عن تسلله الى الجزائر بعد أحداث مولاي بوعزة ؟
في عملية الإنسحاب من معارك 3 مارس كان الى جانبه التهامي. و من المعروف أن أحداث 3 مارس 1973 انتهت تقريبا قبل أن تبدأ، فقد خرقت الخطط و لعب الوشاة و(الحياحة) دورا خطيرا ضد التنظيم، و كشفت السلطة التنظيم ولم تتفاجأ به، و اول من أطلق الرصاصة الأولى هو عبد الله النمري بمناسبة عيد العرش قيل أنه تعب فبدأ العمل بمبادرته الشخصية دون العودة إلى القيادة، لكنني لا أستطيع الجزم من حدد نقطة الصفر لتكون هي 3 مارس هل القيادة بالداخل أم الخارج ام هو انفلات المهم ان أومدة كان ثوريا قويا و شارك في المعارك و أبان عن حنكة في القتال و التخفي و بعد فشل الحركة انطلق رفقة التهامي من ضواحي خنيفرة و بقي الإثنان مع بعضهما و هما يحملان سلاحهما وذخيرتهما و ظلا يختفيات بالنهار ويمشيان بالليل الى أن تجاوزا الحدود و وصلا مغنية بالجزائر فدفنا سلاحهما تحت قنطرة بالطرق و الحسابات المعروفة في حروب التحرير. وواصلا سيرهما يقصدان وهران فضلا الطريق دون علم منهما وإذا بهما في أحد الصباحات يصادفاني وأنا أهم بالخروج من البيت بحمام بوحجار وقد مر على مغادرتهما خنيفرة مدة ثلاثة أشهر و نصف.
 
وماذا كان يأكل الرجلان في طريقهما ؟
لم يكونا يكلمان أحدا قبل مغادرة المغرب، ولم يطلبا أكلا واعتمدا في مأكلهما ومشربهما على الطبيعة. ومن الأشياء التي أكلاها كثيرا وهما في طريقهما الطويلة راجلين هي حبات قمح بحيث كانا يأخذان روث البقر بعد أن يكون قد تيبس ويفتتانه ويلتقطا منه حبات قمح. لقد وصلا و هما في منتهى التعب والجوع مع أنهما كانا مسلحين وكان بإمكانهما استخلاص طعامهما عن طريق سلاحهما .