أمين بوشعيب: الشباب المغربي إلى أين؟

أمين بوشعيب: الشباب المغربي إلى أين؟ أمين بوشعيب

أعلن محمد المهدي بنسعيد، وزير الثقافة والشباب والتواصل المغربي، عن إيلاء وزاراته أهمية كبيرة إلى مجال   Gaming وهو المجال المتعلق بالأنشطة المتعلقة بألعاب الفيديو، وذلك لما يمتلكه في السوق الدولية من فرص كبيرة للتشغيل الذاتي. وخلال افتتاح الدورة التأسيسية لملتقى مجلس المستشارين للشباب، الذي جرى في الأسبوع الماضي، وعد السيد الوزير باقتراح هذا النوع من التكوينات في النوادي النسوية لدوره في استقطاب شركات تطوير الألعاب الإلكترونية وخلق فرص شغل جديدة وحديثة، مضيفا بأنه يعمل حاليا على جعل المراكز الثقافية منبعا للمواهب الشبابية في مختلف الفنون، وذلك بتجديد هذه المراكز وتطوير بنياتها التحتية وفتحها أمام الفنانين الشباب لتقديم عروضهم الفنية مما سيوفر لهم مداخيل ويخلق رواجا ثقافيا في كل المناطق والجهات”.
لذلك -حسب بنسعيد-  “يجب أن تظل دور الشباب، مكانا مفتوحا للجميع مما يقتضي منها تقديم خدمات تُلَبِّي حاجيات الشباب”.

ويعول بنسعيد على التجانس الحكومي والسياسي داخل المؤسسات الذي سيسهل الصعوبات والتحديات التي تقف في وجه تنفيذ هذه المشاريع على أرض الواقع.

لا يختلف اثنان أن هذه الفئة الحية لا يمكنها أن تلعب دورا في رسم المسار السياسي لمستقبل أي بلد وتنميته الاقتصادية والاجتماعية، إلا إذا كان فاعلا لا عاطلا، فالشباب هم سبيل نهضة أي أمة وتقدم أي وطن.

الشباب المغربي يعاني من سوء الأوضاع، وهذا ما كشفه تقرير المرصد الوطني للتنمية البشرية، الذي أدلى بمعطيات صادمة حول وضعية الشباب في المغرب؛ حيث بيّن البحث الذي قام به المرصد أن 83.3 % من الشباب المغاربة غير راضين عن حياتهم لأسباب متنوعة، منها ظروف السكن وصعوبة إيجاد عمل. كما كشف التقرير أن الدينامية الإيجابية للتنمية البشرية التي عرفها المغرب منذ بداية التسعينيات عرفت تباطؤا بسبب الهدر المدرسي وانخفاض مستويات الدخل، والإدماج الاجتماعي للشباب.

الملك محمد السادس كان قد نبّه إلى هذه الوضعية وخطورتها في خطابه الشهير الذي كان وجهه للشعب المغربي يوم 9 مارس من سنة 2011 بعد خروج الشباب المغربي إلى الشارع مطالباً بالكرامة والعدالة الاجتماعية، حيث أعلن بأن وضعية الشباب لا ترضيه، ولا تُرضي الشباب كذلك، فدعا إلى الإسراع بإقامة المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، كمؤسسة دستورية للنقاش وإبداء الرأي وتتبع وضعية الشباب من أجل إيجاد الحلول الناجعة للمشاكل التي يتخبطون فيها.

لكن يبدو أن الحكومات التي تعاقبت بعد هذا الخطاب التاريخي، لم تقم بأية إجراءات عملية من أجل تفعيل هذه المؤسسة الدستورية، التي أعلن الملك على تأسيسها، وبقيت حبرا على ورق. وبدل أن تقوم هذه الحكومة -التي وعدت المغاربة بالأحسن- بدورها في تفعيل فصول دستور 2011، نراها تثير زوبعة في فنجان  (مجلس المستشارين) بإعلان مشروع  يتعلق بالألعاب الإلكترونية، لا يستهدف إلا فئة قليلة جدا من الشباب.

على السيد وزير الشباب والثقافة أن يعلم هو وحكومته، أن منسوب ثقة الشباب المغربي في المؤسسات السياسية منخفض جدا، سواء بالسلطتين التنفيذية والتشريعية أو بالأحزاب السياسية، وذلك بناء على تحليل المعطيات الرسمية وبحث ميداني قام به خبراء المرصد الوطني للتنمية البشرية، لذلك على هذه الحكومة أن تعمل أولا إلى إعادة الثقة لدى الشباب في المؤسسات، وإلى تثمين فئة الشباب باعتبارها رأس مال يجب تطويره وتنميته، بواسطة التعليم والتكوين والصحة والحماية الاجتماعية.

المغرب اليوم يعيش تحديا كبيرا لمعالجة قضايا واهتمامات الشباب لكسب الرهان وتحقيق النموذج التنموي الجديد الذي اعتمده المغرب بتوجيهات من الملك محمد السادس. ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بتشجيع الإنصاف بين الشباب، وإشراكهم في وضع السياسات العمومية، والتوزيع الترابي للسياسات العمومية الموجهة إليهم، والأهم من ذلك كله، زرع الأمل في نفوسهم، كي لا يكونوا عرضة للضياع والارتماء في أحضان المخدرات، وركوب قوارب الموت في سبيل الهجرة السرية.

فلاش: متى سيدرك المسؤولون في المغرب أهمية فئة الشباب، باعتبارهم قدرات كامنة وجب تعبئتها أكثر في دينامية التنمية البشرية، خاصة وأنهم يُمثلون نسبة ديمغرافية مهمة، وهو العامل الذي يُعتبر فرصة غير مسبوقة، ذات وقع مهم على المستويين الميكرو اقتصادي والماكرو اقتصادي لبلادنا، لذلك لا بد من الاستفادة من هذه الفرصة التي تمثلها كتلة الشباب عن طريق توفير الاقتصاد المغربي للوظائف اللازمة لهم.

 وللإشارة فهو المسار الذي سلكْته الدول الآسيوية بنجاح منذ تسعينيات القرن الماضي، في إقلاعها الاقتصادي الذي أصبح مضرب المثل بين الدول. ودعك يا وزير الشباب من الألعاب الإلكترونية وألعاب الفيديو، فشبابنا يريد أن يكون منتجا لا مستهلكا، فوفروا له البيئة المناسبة وسترون منه العجب العجاب. ورحم الله علال الفاسي الذي يقول: كل شيء على الشباب يهون *** هكذا همة الرجال تكون.