وحيد مبارك:أسئلة المردودية في انتظار الحركة الانتقالية للولاة والعمال

وحيد مبارك:أسئلة المردودية في انتظار الحركة الانتقالية للولاة والعمال وحيد مبارك
ينتظر الكثير من المتتبعين للشأن العام الإعلان عن الحركة الانتقالية في صفوف نساء ورجال السلطة، خاصة منهم الولاة والعمال، لكي تعطي في عدد من المناطق نفسا جديدا ودفعة من أجل تفعيل المشاريع المتعثرة وإنجاز ما تأخر إنجازه، أو تعزيز المكتسبات التي تحققت في منطقة ما وتطويرها والعمل على تأهيلها بشكل أكبر.
متمنيات، تنطلق من الواقع المعيشي للمواطنين والمواطنات، خاصة بالنسبة للمناطق التي ظلت على حالها، إن لم يكن وضعها قد تردّى أكثر فأكثر على امتداد سنوات عدّة، وهو ما يدفع المهتمين إلى طرح علامات استفهام عدّة خاصة في ظل دستور 2011، الذي يؤكد على المقاربة التشاركية وحدّد أنواعها المختلفة، وخصص حيزا مهما منها للمواطنين، سواء من خلال تقديم العرائض والملتمسات أو عبر ضمان "التمثيلية" المدنية في المجالس، إضافة إلى أنه يمكن للجميع الاطلاع على برامج عملها وتقييم آثارها لاحقا، الأمر الذي يتعذر حين يتعلق الأمر بمؤسسة الولاة والعمال نموذجا.
أسئلة تنطلق من طبيعة المهام التي تحدد البروفيلات ومناطق التعيين، والتي يأتي على رأسها تحريك عجلة التنمية وتتبع المشاريع والدفع بعجلتها، ضمان السلم الاجتماعي ونزع فتيل التوترات والاحتجاجات، الحرص على إنجاح محطة الانتخابات، النهوض بالمدن وبالعمالات والأقاليم، الارتقاء بمداخلها ومنحها حلّة جديدة، معالجة ملفات من قبيل السكن غير اللائق، الباعة الجائلين وغيرها، وكل الملفات التي تحظى بأولوية لدى أمّ الوزارات ... وهي المهام "غير المعلنة"، والتي قد لا يكون الجميع على وعي بطبيعتها، ولا تحظى بتقييم فعلي على مستوى المردودية والعطاء، أخذا بعين الاعتبار أن الولاة والعمال لم يعودوا آمرين بالصرف، لكن هذا لا يلغي قياس درجات حضور ومدى نجاح مسؤولي الإدارة الترابية في القيام بمهامهم، ومنها المساهمة في تقليص الفوارق ومن منسوب الاحتقان الاجتماعي، وبرمجة مشاريع ذات أثر ملموس في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وتأهيل وتغيير ملامح المواقع الترابية التي تحملوا المسؤولية فيها نحو الأفضل بشكل عام.
إن قراءة متأنية في زمن تحمل مسؤولية بعض الولاة والعمال، كما هو الشأن بالنسبة لجهة الدارالبيضاء سطات، وبعض عمالات المقاطعات البيضاوية، تجعل المتتبع للشأن المحلي يقف عند وجود العديد من التباينات والتناقضات، وحضور هوّة شاسعة، بين المجالس المنتخبة وشركات التنمية المحلية والإدارة الترابية والمواطنين. حقيقة تؤكد وبشكل جليّ غياب لمسة الداخلية في كثير من الحالات، التي انتقلت من زمن الوصاية إلى الرقابة الإدارية، وهو أمر محمود لكنه يفترض حضورا موجّها ومدعّما ومنبّها، حتى يتم وضع قطار سكة التنمية في مساره الصحيح وأن يظلّ عليها ولا يحيد عنها، لكن واقع الحال بالعين المجرّدة، واستمرار اللجوء إلى القروض وإثقال كاهل مديونية الدارالبيضاء، و"العجز" عن استثمار ممتلكات المدينة وضبط مداخيلها، وتعدد عناوين هدر المال العام، كل هذا وغيره يجعل كل مهتم بالعاصمة الاقتصادية تحديدا، والجهة عموما، التي هي العمود الفقري والقلب النابض للاقتصاد الوطني، يدعو إلى أن يتحمل مسؤولية تسيير الولاية من تتوفر فيه المؤهلات التي يمكن أن تُترجم على واقع الجهة والمدينة ومقاطعاتها على حدّ سواء.
لا يحفى على أحد أن هناك كفاءات كثيرة يمكنها أن تقوم بهذه المهمة، سواء تلك التي توجد على رأس المسؤولية في بعض مناطق الدارالبيضاء والتي راكمت خبرات وتجارب كثيرة في هذا الباب، أو التي تشتغل بالمصالح المركزية لوزارة الداخلية، وهو ما يتطلب اليوم حركة انتقالية تستحضر كل التحديات والإكراهات المطروحة وتستوعب حقا نموذج الجهة الناجح الذي نريده جميعا، والمدينة التي يمكن أن تشكّل فضاء فعليا للعيش والعمل، وتقطع مع استمرار هدر المزيد من الزمن بكلفته الثقيلة ماديا ومعنويا، لأن عددا من التجارب التي مرّت على رأس الولاية، وبعض التجارب الأخرى في عدد من عمالات مقاطعات الدارالبيضاء، قد تكون حققت غاية ما، كما هو الشأن بالنسبة للانتخابات، لكنها وفي ارتباط بملفات أخرى، فإن حصيلتها "التنموية" قد لا تبعث على الاطمئنان؟
 
وحيد مبارك، صحفي، باحث في السياسات العمومية