رشيد لزرق: ما مدى قدرة الحكومة على الإصلاح السياسي في ظل منظومة حزبية غارقة في المحاباة والشعبوية المُدمرة

رشيد لزرق: ما مدى قدرة الحكومة على الإصلاح السياسي في ظل منظومة حزبية غارقة في المحاباة  والشعبوية المُدمرة رشيد لزرق
الواجب الوطني والمسؤولية  يحتمان  على الحكومة الحالية بأن  تكون  ال حكومة إنجاز إقتصادي وإجتماعي، مستقلة تماما وبعيدة عن منطق التجاذبات والخصومات السياسية، وتتوفر في أعضائها شروط النزاهة والنجاعة والجاهزية.
ويبقى سؤال: هل تنجح الحكومة الحالية في الخروج من أزمة الإقتصاد الكلي المطروح إلى حد بعيد؟!. فتقلبات الأسعار الدولية يمكن أن تحدث أزمة إجتماعية وسوف يكون المحدد الأهم على المدى الطويل للنجاح هو مدى القدرة على إصلاح سياسي في ظل منظومة حزبية غارقة في محاباة المقربين والشعبوية المُدمرة. فهذه المشكلة وتلك تطلان بوجههما القبيح الآن. إن إجراء الإنتخابات في وقتها، وتنفيذها، هي علامة على التقدم الذي تحرزه البلاد. ويجب أن نحيي هذا التقدم ونشيد به، لكن مصاعب الحُكومة ليست إلا في بدايتها.
لهذا أعتقد أن الطريق الآمن الآن هو الوصول للدولة الإجتماعية، التي تتأسس على مبدأ تحقيق العدالة الإجتماعية، والسؤال الذي يفرض نفسه هو هل الحكومة الحالية قادرة على الوصول لهذه الغاية ؟وذلك   وهل باستطاعتها  إدارة حوار إجتماعي من أجل  تحقيق السلم الإجتماعي المنشود يقوم على  تنزيل الأسس الإجتماعية  عبر مقاربة تشاركية تتيح إشراك كل الفاعلين بهدف بناء مجتمع  فاعلين ومسؤولين.!؟
وهذا ما يتطلب من المعارضة تشكيل قطب يساري يحمل بطبيعته الهم الإجتماعي، فتحقيق الدولة الإجتماعية مشروع طويل النفس  ومتعدد الأبعاد، يفرض بذل الجهود لتمكين الأفراد وحماية خاصة للفئات الهشة، فجائحة كورونا سلطت الضوء على ضرورة تعزيز الحماية الإجتماعية لجميع المواطنين، وهناك حزمة من الإصلاحات الإجتماعية وضعها الملك يفرض من الحكومة تنزيلها من خلال سجل المسك الإجتماعي بإطلاق رقم تعريفي واحد لجميع المواطنين سيسمح بتحسين رصد أوجه الضعف.. لهذا لا مناص من بذل جهود متضافرة لتعزيز الحماية الإجتماعية على  ضوء التشخيص الكامل لحالات الضعف في المجال الإجتماعي ونهج سياسة عمومية لمعالجة المسائل المنهجية المرتبطة بالعجز في هذا الميدان . وتستطيع الحكومة الإعتماد على قانون المسؤولية المجتمعية لمؤسسات الدولة لدفع الشركات نحو تعزيز استثماراتها في الحماية الإجتماعية باستخدام تدابير ملزمة وكذلك طوعية.
والحكومة ملزمة بحسن تنزيل خطة إنعاش وتخطط لها في أعقاب جائحة كوفيد-19،  ولذلك فمن الأهمية بمكان أن تأتي المناقشات والتدابير الرامية إلى دعم الشركات بقيود تتسم بالشفافية وترتبط بالقضاء على مواطن الضعف ومعالجة الفساد وكذلك تنميةالقدرات الفردية والفرص والإمكانات المتاحة، وتوسيع دائرة الخيارات وتقوية الطاقات، على أساس من المشاركة والحرية والفاعلية، من أجل الوصول إلى تحقيق الرفاهية لأفراد المجتمع، اليوم وغدا، دون أن ترهن في ذلك قدرة الأجيال القادمة على الإستجابة لرغباتها. ولا يتأتى ذلك كله إلا بتحصين السيادة الوطنية عبر توفير الأمن الغذائي والطاقي والصحي.  وحكومة أخنوش يفترض لبلوغها هذه الغاية والممثلة بالأساس بتوفيق السيادة والعمل على تدعيم المخزون الوطني وفق الرأس المال المتاح، المادي واللامادي بجميع أصنافه؛ المادية (أراض وتجهيزات) والمالية (ادخار وقروض) والطبيعية (مواد طبيعية) والبشرية (تعليم وصحة) والإجتماعية (علاقات اجتماعية). وفق برنامج عمل بنيوي وطويل الأمد ومتعدد الجوانب؛ يشمل الجانب المادي (توفيرالمواد والسلع والخدمات)والجانب الثقافي (حماية الهويات والتعدد الثقاقي) والجانب السياسي (تقوية السلطة ببعدها المؤسساتي) والجانب الأخلاقي (المعايير والقيم)، وكل ذلك بهدف مواكبة العملية الإقتصادية، حتى لا تؤدي إلى إختلالات إجتماعية، تعوق الإستمرار في النمو وفي تحسين دولة الرفاه..