الحقيقة المؤلمة والثابتة أنه لا خير يرجى من هذه الحكومة، لأنها حكومة المتدربين في نادي السياسة، فالنجاح في تسيير شركة لا يساوي بالضرورة النجاح في تسيير دولة، وهذه هي المعادلة الرياضية التي فكها المغاربة بالغلط.
لا يمكن الانتظار حتى يستحكم اللهيب فيصير إخماده مستحيلا، ولا يمكن هدر المزيد من الوقت في انتظار شروق الشمس من مغربها، ففاقد الشيء لا يعطيه...لا بد من تدخل قيصري عاجل آني يقوم على حل البرلمان وإسناد الحكومة لفنيين تقنوقراط بعيدا عن قبيلة السياسيين الذين هم أضخم حجرة في طريق نهضة المغرب، لأنهم غير مكونين وغير خبراء ولا مهاريين، بل هم رهط من الرحالة المتجولين بين الأحزاب مثل "شيخات زمان" اللواتي كن تقضين بخيمتهن ليلة في كل قبيلة، فلا هوادة مع نخبة فاسدة يسيل لعابها على المال العام، فتفعل فيه ما تفعله قطعان الأغنام الجائعة في الأعلاف، بعد أن تفتض عذرية الانتخابات.
لا بد من قطعها الهبرة مع هذه الأحزاب، إما أن تصلح تلك الأحزاب حالها، وتصبح مدرسة ناجعة لإنتاج نخب وعقول تبرع في إنتاج الثروة وليس اختلاسها، وتفكيك شيفرة الأزمة وليس في خلقها، فليس عدلا أن ترهن الدولة مصير الأمة في يد الخائبين الخاسرين المخفقين تجار الكلام والوعود...
ولا بد أن يرافق هذه الثورة تعديلات دستورية تعيد النظر في مفهوم العمل السياسي وفي الحزب وتضع جزاءات على من يختلط عليهم فتح حزب وفتح محلبة، وتقوي من مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وتزيد عليهما شرط الكفاءة، فلا تجعله مجرد لازمة بل يصبح عقيدة، فالحديث يدور عن تدبير دولة، وليس حانوت...
قد يضايق عرضنا هذا بعض المستمسكين ببزولة من ضرع الدولة، فيغضبون وينعتون قولنا بالردة عن الديمقراطية، لكن الديمقراطية التي لا ينجلي نعيمها للعيان، ويغتني منها القلة وتهلك فيها الكثرة، ولا تشمل نعمتها كل الخلق هي ديكتاتورية خضعت لعملية شفط وتجميل ونفخ وتكبير فصارت شبها للديمقراطية...
لقد حقق المغرب أمجادا وبطولات وفتوحات دبلوماسية في الخارج ، فقط لأنه أبعد السياسيين، فأما آن الأوان لذات الفريق أن يتفرغ لتنمية الداخل؟..