باكريم: المغرب يعمل على إقناع اسبانيا بعدالة قضيته الوطنية والقناة الأولى تريد “فتح الأندلس”…

باكريم: المغرب يعمل على إقناع اسبانيا بعدالة قضيته الوطنية والقناة الأولى تريد “فتح الأندلس”… الحسن باكريم
شرعت القناة الأولى المغربية، خلال شهر رمضان، في تقديم مسلسل يحمل عنوان “فتح الأندلس” من إنتاج كويتي يتناول سيرة القائد الأمازيغي المغربي طارق بن زياد، في الوقت الذي عرفت العلاقات المغربية الإسبانية انفراجا، كما يحمل المسلسل في حلقاته الكثير من التجاوزات التاريخية التي سقط فيها كاتب سيناريو المسلسل الكويتي مما أثار العديد من الانتقاذات.
مسلسل ”فتح الأندلس” من إنتاج المخرج الكويتي محمد العنزي، وصورت معظم مشاهده في لبنان وتركيا، ويتناول سيرة القائد “طارق بن زياد” وشخص أبطال عدد من الممثلين الأجانب بحضور ممثل مغربي واحد، الذي قاد عمليات عسكرية من شمال إفريقيا، وبالضبط من مدينة طنجة، للوصول إلى شبه الجزيرة الإيبيرية (الأندلس).
أثار المسلسل جدلا واسعا وسط المتتبعين المغاربة، لما اعتبروه أخطاء تاريخية تضمنها المسلسل تشوه وتطمس تاريخ المغاربة وإسهامهم في فتح / غزو  الأندلس، كما أثار  تزامن عرضه مع التحولات التي تعرفها العلاقات المغربية الإسبانية وجهود جلالة الملك في اقناع الطرف الإسباني بعدالة وجدية الاقتراح المغربي حول الحكم الذاتي للأقاليم المغربية الجنوبية.
وطرح  هؤلاء المتتبعون العديد من القضايا تحيط بعرض المسلسل في الظرفية الراهنة وبمضمون حلقاته التي لم تخضع لمراجعات المختصين المغاربة في التاريخ.. مما يطرح العديد من التساؤلات الموضوعية مما يعرض في القناة العمومية الرئيسية الأولى من قبال،  هل ما تعرضه القناة يخضع  للمراقبة؟ هل لا يضر مثل هذا المنتوج بمصالح البلاد ويشوش عليها؟ هل هناك من مختصين في قضايا التاريخ الوطني يتم اطلاعهم على ما تبثه القناة من برامج لها علاقة بالتاريخ المغربي؟ الخ.
 
عرض المسلسل فيه الكثبر من الغباء السياسي:
 
وفي هذا الصدد  سبق  للأستاذ لحسن زهور  كاتب ومهتم بقضايا الأمازيغية أن كتب منتقدا مضمون المسلسل وعرضه  وقال زهور ” ان تقوم التلفزة المغربية باشهار المسلسل ” فتح الاندلس” لمخرجه الكويتي الذي ستعرضه في رمضان، فهذا ما نسميه بالغباء السياسي، اي عرض هذا المسلسل في المغرب في وقت غيرت فيه اسبانيا من موقفها من قضيتنا الوطنية واعترفت لأول مرة بالطرح المغربي اي بمشروع الحكم الذاتي.. بمثل هذا المسلسل نرد لاسبانيا مبادرتها الإيجابية اتجاه بلدنا؟ ألا يمثل هذا استفزازا مجانيا لها؟”
وأضاف زهور قائلا “ألا يقوي عرض المسلسل في المغرب الاتجاه المتطرف في إسبانيا والمناوئ لقضيتنا الوطنية؟ وهذا ما سيستغله جنرالات الجزائر، فهم أمام أمرين،  عرض المسلسل في قنواتهم لايغاظ اسبانيا او عدم عرضه لاظهار المغرب كعدو تاريخي لاسبانيا.”
“هل سننتظر من محمد العنزي الكويتي أن يكتب عن تاريخنا؟ ليتحدث عن الأندلس بمنظور شرقي في هذا الوقت الذي شهدت فيه العلاقات المغربية الإسبانية تحسنا كبيرا لصالح قضيتنا الوطنية فهذا شأنه وهو حر في ذلك (حرية التعبير ولو من موقف منحاز ومضلل أحيانا ولنا أمثلة في المسلسلات التي تتحدث عن التاريخ الاسلامي)، لكن أن تعرض التلفزة المغربية هذا المسلسل في هذا الظرف بالضبط فهو قمة الغباء السياسي الذي لا يراعي مصلحتنا الوطنية.” يؤكد زهور.
 
السطو على التاريخ المغربي من قبل المشارقة:
 
وفي مقال له منشور على الموقع أزول بري قال لحسن أمقران الباحث والإعلامي الأمازيغي “إنها فضيحة أن يتم الحديث عن تقديم المسلسل إنه يتحدث عن “البطل العربي” بكل وقاحة علمية في إشارة إلى “طارق بن زياد”، ذلك الشاب الذي أجمعت كل المصادر التاريخية، العربية منها والغربية، على كونه شابا أمازيغيا، وإنها كذلك لفضيحة -ومن العيار الثقيل- أن يتم السطو على التاريخ المغربي من قبل المشارقة من خلال هذا المسلسل فيبارك إعلامنا الرسمي هذا السطو واغتصاب الحقائق، ويتم فرضه على المغاربة خلال الشهر الفضيل.”
وتأسف أمقران قائلا “أن توظف أموال ضرائبنا في شراء حقوق بث مسلسل يغالط التاريخ ويزور الحقائق ويجعلنا مجرد أقنان، ويؤسفنا كذلك أننا عاجزون عن تصوير مسلسل ينتصر للحقيقة التاريخية يخاطب المغاربة بلغتهم ولكنتهم ليحكي لهم قصة البطل الأمازيغي الذي فتح الاندلس. سيفرض علينا أن نتصور طارقا ليس في مشاهد ليست من طنجة أو غيرها من مدن شمال بلادنا، ليست من جبل طارق وإقليم الأندلس، بل من لبنان وسوريا لتترسخ عقدة مركزية المشرق وتبعية المغرب.”
 
اللجوء إلى القضاء للمطالبة بوقف عرض المسلسل:
 
وعلم كذلك أن المحامي محمد ألمو رفع مقالا استعجالي لرئيس المحكمة الابتدائية بالرباط ضد الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، بخصوص مسلسل “فتح الأندلس”. و قال ألمو في الشكوى: “إن العارض مواطن مغربي وفاعل جمعوي وسياسي مھتم بالدفاع عن الھوية الوطنية وثوابت المملكة المغربية عبر عدة تنظيمات جمعوية وسياسية إضافة إلى المساھمة في البرامج التنموية والثقافية المحلية بمنطقة الريف المغرب..وبحكم تشبع العارض بھذا الوعي الھوياتي فقد فوجىء وھو يتابع البرامج الرمضانية على القناة الاولى التابعة للمدعى عليھا ببث وعرض مسلسل تاريخي بعنوان ” فتح الأندلس “، يعرض قبل الإفطار طيلة شھر رمضان على مدار 33 حلقة”.
و أوضح ألمو في المقال الاستعجالي أن : “المسلسل الذي تم تقديمه من طرف صانعيه كونه يحكي قصة القائد طارق ابن زياد خلال رحلة فتحه للأندلس، باستعراض أحداث ووقائع تعكس الصعوبات التي واجھھا في ھاته العملية ضمن فترة التحضير لعبور البحر عن الحقبة التاريخية الواقعة بين 96 و89 ھجرية و709 إلى غاية 715 ميلالدية، حظي بمتابعة كبيرة بحكم بثه قبل الإفطار التي تشكل ذروة المشاھدات التلفزيونية من طرف مختلف فئات المجتمع المغربي، مما يجعله في وضع متميز من حيث تأثير محتوياته على جمھور واسع من المغاربة، وعلى امتداد 4 حلقات المعروضة لحدود الآن، تفاجأ العارض ومعه أغلب متابعي المسلسل أنه يتضمن محتوى لا ينسجم مع ثوابت التاريخ العريق لبلدنا، إذ أن أحداث ھذا المسلسل والشخصيات التي لعبت الدور المحوري فيھا تنشر مضامين تحتوي على عدة مغالطات تاريخية مسيئة للبديھيات التاريخية والجغرافية للمغرب ومخالفة بذلك ما اجمعت عليه اغلب المصادر التاريخية العلمية والتي أرخت لأحداث التي يتناولھا المسلسل المذكور”.
 
مساءلة وزير الشباب والثقافة والتواصل حول المسلسل: 
 
وعلم أيضا أن القضية وصلت أيضا إلى قبة البرلمان، حيث وجه النائب البرلماني المهدي الفاطمي، سؤالا كتابيا إلى وزير الشباب والثقافة والتواصل حول المسلسل، حيث قال إنه ”لا يولي أهمية للتراث المغربي وللحقيقة التاريخية للبطل طارق بن زياد الأمازيغي”.
وطلب المهدي الفاطمي، من وزير الثقافة معرفة “الإجراءات التي ستتخذها الوزارة بغاية صون وتخليد تاريخ المغرب بعيدا عن جميع المغالطات والسرقة وتزوير الحقائق التاريخية والمجد المغربي بالأندلس”.
وأكد أن المسلسل “مليء بالمغالطات المعرفية ويحمل في كثير من حلقاته تزويرا لكل ما تتفق عليه المصادر التاريخية الموثوقة”، منوها إلى أن “حدث فتح الأندلس هو حدث تاريخي بامتياز ولا يمكن تزويره أو العبث به”.
وشدد على أن “فتح الأندلس تم عبر شمال المغرب وبجيوش شمال إفريقيا التي قوامها المغاربة الأمازيغ بالأساس”، مشيرا إلى أن المسلسل جعل المغرب الكبير (المغرب والجزائر وتونس)، مجرد طريق جغرافي لجيوش المشرق الأموية، وهو ما ينفيه التاريخ” بحسب قوله. وأضاف: “المسلسل جعل المغاربة مجرد كومبارس تحت قيادة شخصيات شامية (سورية)، بينما التاريخ المدون عندنا كله عكس ذلك”.
 
فريق برلماني بدوره يدخل على خظ عرض المسلسل:
 
من جهتها وجه فريق التقدم و الإشتراكية بمجلس النواب سؤالا كتابيا إلى وزير الشباب والثقافة محمد بنسعيد بشأن هذا العمل الدرامي، وما يثيره من انتقادات بشأن “تغيير الوقائع التاريخية”.
وأشار الحزب إلى أن “مسلسل “فتح الأندلس”، الذي اقتناه التلفزيون الرسمي  من المال العام لا يولي أهمية للتراث المغربي، وللحقيقة التاريخية للبطل، ولا يعطي تفاصيل عن شخصية طارق بن زياد الأمازيغي، الذي قاد الجيش المسلم إلى سواحل إسبانيا”.
وأكد أن “المسلسل الذي رصدت ميزانية لإنتاجه بأكثر من 3 ملايين دولار، ويُعد الأول من نوعه في العالم العربي، مليء بالمغالطات المعرفية، ويحمل في كثير من حلقاته تزويرا لكل ما تتفق عليه المصادر التاريخية الموثوقة”، منوها إلى أنه “أنتج خارج المغرب، ومن دون مشاركة المغاربة في التأليف ومن دون استشارة المؤرخين لتدقيق التفاصيل”.
 
عود على بدء : 
 
بعد كل هذه الانتقادات وهذه التوضيحات، هل تخجل القناة الأولى وتعمل فورا على توقيف بث المسلسل وتعتدر للمغاربة؟ هل سيتحرك الوزير المسؤول على قطاع التواصل ليوقف هذه المهزلة التي تسئ للبلاد والعباد في المغرب؟ وإلى متى سنتحرر من المشرق العربي ونفتخر بخصوصيتنا المغربية،ونعززها بالتعدد والتنوع الثقافي الغني الذي راكمناه عبر تاريخ طويل، دون تشويه ودون استغلاله من طرف الغير؟