بعد اعتراف اسبانيا بالحكم الذاتي: متى يصنف العالم البوليساريو كمنظمة إرهابية؟!

بعد اعتراف اسبانيا بالحكم الذاتي: متى يصنف العالم البوليساريو كمنظمة إرهابية؟! علاقة المغرب الخارجية تؤهلنا لننتصر على كل أنواع العصابات، وعلى رأسها عصابة عسكر الجزائر ودميتهم البوليساريو
لم يسبق أن كانت قضية وحدتنا الترابية في وضع مثالي كما هو الحال اليوم. لا فقط لأننا حظينا باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالسيادة على صحرائنا، أو لأن جزءا هاما من أوروبا، ألمانيا وإسبانيا تحديدا، قد استعاد رشده بدعم المقترح المغربي بخصوص الحكم الذاتي. ولكن كذلك لأن قضيتنا الوطنية صارت مسنودة بوضع مريح للمغرب داخليا وخارجيا بعد أن تأكد بأن مسلسل البناء الدمقراطي صار خيارا لا رجعة فيه، وبأن الاختيار التنموي في شمال المغرب كما في جنوبه أمسى حقيقة ملموسة، وبأن استقرار المغرب أصبح جزءا عضويا من استقرار المتوسط وشمال إفريقيا. ثم إن قضيتنا مسنودة كذلك بالمتغيرات الجيوستراتيجية التي يعرفها العالم على ضوء الحرب في أوكرانيا، وفي سياق المخاض الذي يعرفه العالم العربي، والخليج بشكل خاص. إضافة إلى الارتباك السياسي والإيديولوجي الذي تعيشه بلاد الجنرالات في الجزائر.

من داخل هذا البعد الجيوستراتيجي أصبح المغرب مؤثرا في المعادلات القائمة بسبب سياسته الدبلوماسية، واستقرار أوضاعه. ومن ثم فكل المؤشرات، السياسية منها والاستراتيجية، ونجاح رهانه التنموي تجعل المغرب مؤهلا أكثر من أي مضى إلى مطالبة المنتظم الدولي بإدراج جبهة البوليساريو ضمن قوائم الإرهاب. وذلك استنادا إلى الاعتبارات والمعطيات المادية التي ننشر بعضها في هذا الملف، والتي تؤكد تورط البوليساريو في المشروع الإرهابي الدولي من خلال ثلاث ملفات: 
 
هناك الملف الأول الذي يؤكد أن البوليساريو صار عنصرا فاعلا في العمل الإرهابي على الخط الممتد بين الجزائر وليبيا وتونس، وعلى امتداد منطقة الساحل خاصة بعد تأكد وجود جماعات من الانفصاليين يعملون في هياكل إرهابية، وضمن تنظيمي «داعش» و»القاعدة». ولقد سبق للولايات المتحدة الأمريكية أن أعلنت، كما نذكر بذلك في هذا العدد (انظر ص: 3-2)، مكافأة بمبلغ خمسة ملايين دولار للحصول على معلومات تخص عدنان أبو الوليد الصحراوي، العضو السابق بالبوليساريو، وقائد التنظيم الإرهابي «الدولة الإسلامية»، وذلك بعد اتهامه بقتل أربعة أمريكيين في قرية تونغو بالنيجر في أكتوبر 2017.
الأخطر هنا ليس فقط التعاون في اقتراف العمل الإرهابي. بل الرفض جهرا التعاون مع نداءات المجتمع الدولي لتطويق الإرهابيين في المناطق المذكورة.

الملف الثاني يهم تورط البوليساريو في جرائم تهريب السلاح والاتجار في البشر والمخدرات. ولقد طالما نبه المغرب إلى خطورة هذا الملف وبشاعة هذا التورط. ففي نونبر من سنة 2017 قدم مدير الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية “أرقاما صادمة في الدورة 35 لمنتدى رؤساء البرلمانات بأمريكا الوسطى والكاريبي، مفادها أن تهريب البشر والسجائر بمنطقة الساحل والصحراء بات يدر على التنظيمات الإرهابية 175 مليون دولار سنويا”. كما أكدت دراسة مختصة كانت قد مولتها المفوضية الأوروبية، وصدرت في ماي 2018 “ولوج الإرهابيين للتجارة غير المشروعة للسلاح”.

أما الملف الثالث فيهم الجانب الأخلاقي الذي لا يقل أهمية عن الملفين السابقين ذلك أن البوليساريو ليس فقط تنظيما مارقا مهددا للسلم في المنطقة وفي العالم، بل هو جماعة لصوص يسطون على المساعدات الإنسانية المخصصة لمحتجزي المخيمات في تندوف، ويحولونها إلى حساباتهم الشخصية في الجزائر وفي غيرها. وهذا ما سبق أن لفت إليه الانتباه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، في تقريره إلى مجلس الأمن حول الصحراء المغربية في أكتوبر الماضي، حيث أبرز “أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان قد تلقت معلومات من منظمات غير حكومية بأن البوليساريو قامت باختلاس المساعدات الإنسانية وكذا المالية بمخيمات تندوف”.

هؤلاء اللصوص هم كذلك سراق للشعارات والمبادئ من قبيل تقرير المصير وحرية الشعوب بحيث يلتفون حولها ليبيعوا الوهم لبعض “مناضليهم”، وللمغرر بهم داخل المنظمات الدولية الذين يقعون ضحايا هذه “السرقة “ الموصوفة.
أخذا بعين الاعتبار كل هذه المعطيات صار من الضروري أن يطور المغرب عمله الدبلوماسي السديد ليطرح موضوع إرهاب البوليساريو أمام هيئات المنتظم الدولي. مثلما سيكون من المهم جدا أن تنخرط أحزابنا، والمجتمع المدني المغربي بكل مشاربه الفكرية والاجتماعية والتربوية وهيئاته الحقوقية، في هذ الرهان الجديد عبر دينامية دبلوماسية شعبية تخاطب ضمير العالم من أجل أن يحسم في هذا الموضوع، إذ من غير المعقول أن يظل العالم مستسلما لانحرافات جنرالات الجزائر الغارقين سياسيا في المستنقع الأسود الذي وضعوا بلادهم فيه بعد أن أمموا ثرواته وتاريخه لفائدة غريزة التملك والاستحواذ والتسلط، كما من غير المعقول التغاضي عن جرائم عصابة إرهابية من المرتزقة وقطاع الطرق وظيفتها الأساسية العبث بأمن المنطقة، والتشويش على مشروعنا السياسي والتنموي.

في أفقنا إذن شوط آخر من معاركنا الدبلوماسية. وإن وضعنا المجتمعي، وعلاقاتنا الخارجية تؤهلنا فعلا لننتصر على كل أنواع العصابات تماما كما انتصرنا في الأشواط الماضية.