-ألا يندرج هذا في باب التظاهر بإيلاء الرعاية والاهتمام للدكاترة بصورة استعارية بلاغية ؟!
-ألا يومئ هذا الأمر إلى إحداث تفيئة عقيمة وقطيعة مغرضة بين دكاترة الماضي من الجيل الغابر ودكاترة الحاضر والمستقبل من جيل الشباب ؟!
ألا يساهم هذا الاصطفاء في إرجاع عداد البحث العلمي من جديد إلى نقطة الصفر، بتجاهله لرأسمالنا البشري في شخص دكاترتنا الموظفين والعاطلين والمهاجرين؟!
مما لا شك فيه أن هذه المفارقات الصارخة والمتناقضات السافرة التي أتينا على ذكرها، لن تضيف إلى البلاد إلا مزيدا من القهقرى وضياع الفرص الثمينة والأسباب الجوهرية للنماء والتقدم والازدهار، بهدرها لأهم ثرواته وهي رأسمالنا البشري الوطني من قبيل فئة دكاترتنا الموظفين، ما لم يتم استدراك أمرها عاجلا قبل نفاذها آجلا.
من كل ما سبق ذكره نخلص إلى القول أن طبيعة محاكمة موظفينا الدكاترة صورية متحاملة، تعمد أصحابها عدم ملامسة صلب الموضوع لمقترح قانون دكاترتنا السابق الذكر، تخفيا عن جوهر قضيته الذي أربكهم وأعجزهم لتقبله والإتيان بنظيره من معين اختصاصاتهم التنظيمية. فكان مصيره الرفض تلو الرفض، وهو مسلك المتعنتين الدغمائيين الرافضين للحوار سبيلا للتواصل والنقاش والتوضيح والتفاهم لتسوية وضعية دكاترتنا الشاذة المزمنة والمهينة، وهكذا تمادت الحكومة السابقة في رفض مقترح قانون دكاترتنا الثاني الذي يقضي بتتميم الظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر في 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية[1]، قبل عرضه للمناقشة العامة التي تم إرجاؤها لأجل غير مسمى بالبرلمان، حيث تمت إحالة هذا المقترح إلى ثلاجة المقترحات القوانين في متم الولاية الأولى للحكومة السابقة على عهد ابن كيران، ورغم إعادة تسجيله بالبرلمان من طرف فريق حزب الاستقلال[2] في الولاية الثانية والأخيرة للحكومة البيجيدية على عهد سعد الدين العثماني، إلا أن هذا التسجيل ظل طيلة مدتها، حبرا على ورق توهيمًا لتسوية الملف المطلبي لدكاترتنا الموظفين، وكأنه وثيقة هدنة مبرمة بين الأطراف المعنية الحكومة والبرلمان والدكاترة!! .
هكذا انتهى سيناريو هذه التمثيلية الدرامية الهزلية على عهد الحكومة السابقة التي أبدعت أول محاكمة للدكاترة الموظفين في تاريخ المغرب!! وبناءً على ما سبق ذكره وتوضيحه بالنقد والتحليل في هذه الدراسة لموضوعنا المتناول، ندعو الحكومة الجديدة من هذا المنبر أن تضع حدا لهذه المهزلة المغرضة والخطيرة التي تسيء إلى المغرب وتعرقل مساره التنموي، وذلك بتسوية وضعية كافة دكاترتنا الموظفين والاستجابة إلى مطالبهم العادلة والمشروعة دون تجزيئ أو تفييء أو تسويف.
[1] البرلمان، مجلس النواب "مقترح قانون يقضي بتتميم الظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر في 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية"، تاريخ التسجيل: 01/04/2015، رقم التسجيل: 179، 3 ص. قدم من طرف فرق المعارضة بإسم كل من نور الدين مضيان وعبد القادر الكيحل عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، وميلودة حازب ومحمد حجوجي عن فريق الأصالة والمعاصرة، وإدريس لشكر ومحمد عمر عن الفريق الإشتراكي، والشاوي بلعسال وفوزية البيض عن الفريق الدستوري.
[2] البرلمان، مجلس النواب، "مقترح قانون يقضي بتتميم المادة 4 من الظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر في 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية"، تمت إعادة تسجيله بتاريخ : 08/06/2017، تحت رقم: 16، من طرف الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية المكون من السيدات والسادة النواب: نور الدين مضيان، عبد الواحد الأنصاري، سعيد أيت بوعلي، محمد إد موسى، عبلة بوزكري، عمر العباسي، لحسن الحداد، رفيعة المنصوري، أحمد التومي، هشام سعنان، عبد المجيد الفاسي الفهري، إيمان بن ربيعة، ياسين دغو. وانظر نسخته في:
http://www.chambredesrepresentants.ma/ar/النصوص-التشريعية/مقترح-قانون-يقضي-بتتميم-المادة-4-من-الظهير-الشريف-رقم-158008-الصادر-في-4-شعبان-1377