محمد الطيار: هل حان موعد تغيير موريتانيا لموقفها من قضية الصحراء المغربية

محمد الطيار: هل حان موعد تغيير موريتانيا لموقفها من قضية الصحراء المغربية محمد ولد الشيخ الغزواني، ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ الموريتاني ومحمد الطيار(يسارا)
بعد التغييرات الكبيرة التي عرفها ملف الصحراء المغربية في السنوات الأخيرة، خصوصا منذ إعلان الاعتراف الامريكي بسيادة المغرب على صحرائه وموقف دول الخليج الموحد ،إضافة إلى موقف الجامعة العربية، مرورا بالموقف الألماني الجديد، إلى الاعلان الاسباني الذي أعطى دفعة قوية للمقترح المغربي لتسوية النزاع المفتعل، وشكل منعطفا تاريخيا من شأنه الإسراع بطي صفحة قضية الصحراء المغربية، تبرز على السطح تساؤلات ملحة تتعلق بالموقف الموريتاني .
موريتانيا معنية بمشكل الصحراء وهي أحد الأطراف المدعوة من طرف الأمم المتحدة للجلوس إلى طاولة الموائد المستديرة ،غير أن المستجدات الحاصلة تتطلب من موريتانيا الخروج من الموقف الذي تسميه بالحيادي و الذي فرض عليها من النظام العسكري الجزائري منذ عهد الهواري بومدين ، وهو في الحقيقة موقف لا يحمل من الحياد غير الاسم و يكتنفه الكثير من الغموض والضبابية واللبس، فهي تعترف من جهة بالجمهورية الوهمية وتستقبل وفودها بشكل رسمي، دون أن تسمح بفتح تمثيلية لها بنواكشوط ، وتحافظ في نفس الوقت على روابط متنوعة مع الرباط.
لقد ارتفعت مؤخرا وبشكل قوي عدة أصوات داخل النخب والاحزاب الموريتانية ، خاصة خلال أزمة معبر الكركرات وماحصل من تضرر ملحوظ للاقتصاد الموريتاني، تطالب الحكومة الموريتانية بضرورة مراجعة موقفها من قضية الصحراء المغربية، والاسراع بسحب اعترافها بالبوليساريو.
أن الروابط التي تجمع الشعبين المغربي والموريتاني متينة ومتداخلة بشكل كبير، كما أن العلاقات الاجتماعية و الاقتصادية قوية، وتشهد تطورا كبيرا مع مايقوم به المغرب من تطوير لشبكة الطرق بالاقاليم الجنوبية مما سيسهل المبادلات والتنقل، نهايك عن البرامج المزمع تنزيلها بمنطقة لكويرة وغيرها، مما سينعكس ايجابا على المواطن الموريتاني .
طيلة العقود السابقة عمل النظام العسكري الجزايري على زعزعة استقرار موريتانيا، مستعملا مليشيات البوليساريو التي شنت عدة هجمات متواصلة من سنة 1975 إلى سنة 1979 ضد موريتانيا ، وضربت السكة الحديدية التي تنقل الحديد من الزويرات إلى نواذيبو، لشل الاقتصاد الموريتاني، حيث انتشرت عملياتها العسكرية من منطقة "النعمة" شرقا على الحدود مع مالي إلى العاصمة نواكشوط ونواذيبو غربا، بل و تدخل الجيش الجزائري من الجهة الشرقية مساندا "للبوليساريو" وقصف "عين بنتيلي" في المنطقة الشرقية من موريتانيا.
واستمرت اعتداءات "البوليساريو" المدعومة من الجزائر على موريتانيا إلى أن وقع الانقلاب على المختار ولد داده، فأوقفت الجزائر و"البوليساريو" الحرب من جانب واحد. بعد فشل الاستيلاء على العاصمة نواكشوط.
كما تعرضت موريتانيا لهجمات التنظيمات الإرهابية التابعة للامن العسكري الجزائري التي تدعي ولاءها للقاعدة في منطقة الساحل الإفريقي، حيث هاجمت خلال شهر يوليو2005م، ثكنة عسكرية للجيش الموريتاني في موقع لمغيطي، وقتل فيها 17 عسكريا موريتانيا وستة من عناصرالتنظيم، وهاجمت منطقة الغلاوية سنة 2007م قرب المجابات الكبرى، حيث قتل فيها التنظيم أربعة جنود موريتانيين، وفي موقع تورين قتلت فيه القاعدة 11 عسكريا ومدنيا واحدا ذبحا ومثلت بجثثهم وقطعت رؤوسهم، إثر كمين نصبته لدورية عسكرية من الجيش الموريتاني فجر 14 من سبتمبر 2008 م.
لقد انتهج النظام العسكري الجزائري سياسة الضغط الممنهج على موريتانيا طيلة العقود السابقة ، بتعريضها لهجمات مليشيات "البوليساريو" في عقد السبعينات من جهة ، ولهجمات التنظيمات الإرهابية خاصة في سنوات 2005 2007.. 2008 و2009 م، وجعلها تعيش في حالة خوف دائمة ودفعها إلى الخوف من كل تقارب مع المغرب.
من المعلوم أن موريتانيا قد وقفت في الوقت الحاضر على حجم التغييرات الاستراتيجية الكبيرة التي حدثت في ملف الصحراء ، ولا شك انها قرأت بشكل جيد مجمل المستجدات المتتالية والسريعة في الملف.
لذلك يطفو من جديد على السطح السؤال المطروح، ألم يحن بعد موعد تغيير طريقة تعاطي الدولة الموريتانية مع قضية الصحراء، وتسحب اعترافها بجمهورية الوهم، خاصة وأن المعادلات والتوزنات الدولية تغييرت لمصلحة الوحدة الترابية المغربية ، في وقت أصبح فيه النظام العسكري الجزائري ، الذي فرض عنوة على موريتانيا الموقف الذي تسميه "بالحيادي "، اكثر ضعفا وترهلا ، وأكثر عزلة، ويرزح تحت الصراعات المشتدة بين اجنحته، والتراجع على جميع المستويات ، لدرجة أصبحت مواقفه وقرارته الداخلية والخارجية محل استغراب وسخرية.
 

الدكتور محمد الطيار، باحث في الدارسات الاستراتيجية والامنية