عبد الإله الجوهري:"فتنة" أم "جروح"

عبد الإله الجوهري:"فتنة" أم "جروح" عبد الإله الجوهري
الإبداع التلفزي المغربي على المحك، بعد خروج السيناريست حسن مجاهد باتهام من العيار الثقيل في حق الفنانين عدنان موحجة ويحى الفاندي، اتهام مفاده أنهما سرقا مشروعا سيناريستيكيا لمسلسل كان قد قدمه مرار للقنوات التلفزية المغربية، مشروع مسلسل كان يحمل عنوان "فتنة" قبل"السطو عليه" (حسب اتهامات حسن مجاهد) وتغيير شكله، وبعض مضامينه، وشخصياته، وعنوانه، ليصبح حاملا لعنوان "جروح"، ويتم انتاجه، وبثه حاليا على شاشات قنوات "إم ب س".
الاتهام قد، يطرح علينا سؤال: واقع الكتابة للتفزيون بالمغرب، خاصة ما يتعلق بالمسلسلات الدرامية والكوميدية، كتابة فيها الكثير من الاستسهال والجري نحو سراب الشهرة العاجلة المستعجلة، لأنني لا أفهم كيف يمكن لفرد أو فردين أو حتى جماعة من الأفراد أن يكتبوا في السنة الواحدة أكثر من مسلسل، هذا دون الحديث عن الأفلام والسلسلات، علما أن الكتابة، وكما يعرف الجميع، فعل جد صعب يتطلب تفرغا تاما وتركيزا متواصلا وقبل ذلك موهبة خلاقة.
تعدد المشاريع، بشكل لاهث متواصل، لنفس الكاتب، دون أي فاصل زمني، إلا فاصل انتظار الاعلان عن طلبات العروض، يجعلني أشكك في الكثير من كتاب هاته المشاريع، بمعنى أن اتهامات البعض تجاههم تأخذ بعضا من الحقيقة، وتجعل المتتبع يتساءل عن القوة الربانية التي يملكها هؤلاء دون غيرهم في الكتابة بشكل متواصل دون كلل أو ملل، مع أن البعض منهم يقوم بفعل الإخراج أو التمثيل أو يجمعهما معا جمعا. أي أنهم في شغل دائم لا يسمح لهم بالتفرغ والتفكير والتدبير والكتابة.
في المغرب أصبحت الكتابة الدرامية ممارسة جد سهلة، لحد أن نفس الوجوه تطلع علينا اسماءهم في جينيريكات العديد من الأعمال المنتجة في نفس السنة، وهو ما يجعلني، اكرر ما قلت، انني أشك في أصالة أغلب ما يكتبون، بمعنى إما أنها مسروقة أو منحولة، أو أن لهؤلاء الكتاب "عبيدا" يكتبون لهم في الخفاء مقابل تعويض مجز.
الكتابة فعل إبداعي، يتطلب قدرا كبيرا من الموهبة والتركيز والوفاء للقيم، بدل "كور واعطي للعور"، كما أنه احترام للذات وللقنوات التي تمنح الكاتب شرف إنتاج ما يكتب، لهذا وجب على الكاتب أن يكون فنانا عفيفا، يشتغل بضمير حي، يكتب بقناعة حقيقية بدل الكتابة ولعابه يسيل من أجل دريهمات لا تنفعه يوم افتضاح أمره.
إلى أن تظهر الحقيقة وينجلي السحاب أتمنى للدراما المغربية المزيد من الحضور والتألق.
 
عبد الإله الجوهري، مخرج وناقد سينمائي