خليل البخاري: العنف المدرسي وطرق مكافحته

خليل البخاري: العنف المدرسي وطرق مكافحته خليل البخاري

مع نهاية الأسدس الأول من الموسم الدراسي، عادت مظاهر العنف المدرسي لتتصدر انشغالات الرأي العام بعد تسجيل مظاهر العنف مورست ضد التلاميذ والأساتذة بداخل المدارس وفي محيطها.

إن العنف مفهوم واسع، يطلق على كل عملية إيذاء تقع على الشخص سواء أكان هذا الإيذاء جسديا أو لفظيا او معنويا. وأصبح العنف ينتشر في عديد من المدارس ويقع على نساء ورجال التعليم أو بين التلاميذ. وقد طغى سلوك التعنيف على المشهد التعليمي.

إن انتشار العنف المدرسي بمؤسساتنا التعليمية تساهم فيه مجموعة من العوامل نفسية، اجتماعية، أسرية وبيئية، إضافة إلى غياب الديمقراطية داخل المدارس والفصول الدراسية وفقدان آليات ضبط التلاميذ والقمع المبالغ فيه.. كل ذلك يولد لدى التلميذ شعور بالظلم والاضطهاد وتكون مخرجاته وخيمة عند التلميذ والأستاذ. كما أن شعور التلميذ بالتمييز في التعامل من قبل المدرس أو الإداري، يجعله يفقد الثقة بالأستاذ والمدرسة كمؤسسة يفترض منها العدل والمساواة والتعامل المتساوي.

إن المدرسة، إذا خرجت عن مهامها التربوية أو بعض المدرسين فيها، وطبقت الأسلوب الأمني القمعي، من شأنه ألا يخدم العملية التربوية بل تقود لسيادة علاقات عنيفة من لدن التلاميذ.

إن أي خلل يقع بين المجتمع المحلي والمدرسة، يحول المدرسة من مؤسسة تساعد على معالجة مشكلة العنف المدرسي الى مؤسسة تصدر العنف للمجتمع.

على المدرسة أن تتحمل مسؤوليتها باعتبارها فضاء للانفتاح على الطاقات والمواهب وصقلها، وليست مكانا لسن القوانين والعقوبات التي تكبح الإبداع وتكرس التربية بالخوف والانغلاق.

المواجهة ظاهرة العنف المدرسي، لابد من الجانب الوقائي، بحيث تتم مكافحة العوامل المسببة للعنف ومنها نشر ثقافة التسامح ونبذ العنف بكل أشكاله ونشر مبادئ حقوق الانسان والتركيز على الأنشطة المدرسية والاندية التربوية، تمكن التلاميذ من تجنب العنف المدرسي. وعلى الأنشطة المدرسية أن تصبح تعبيرا وانخراطا للتلميذ وليس إملاء مؤسسيا.

نحن بحاجة إلى مدرسة خالية من كل أشكال العنف، مدرسة مفعمة بالحياة وفضاء لترسيخ قيم المواطنة.

إن تنامي ظاهرة العنف في الوسط المدرسي يشوه ويخدش صورة منظومتنا التربوية. والعنف المدرسي ليس هو تعبير عن فشل الأستاذ المثقل بالأدوار البيداغوجية والإعداد الديداكتيكي. كما أنه ليس فشلا للإدارة التربوية المثقلة هي الأخرى بمهام جسيمة روتينية .

إن مواجهة العنف المدرسي، يتطلب منا كتربويين، تبني أفكارا جريئة، وكقيادات تربوية ميدانية، تنزيلا أكثر جرأة، يكون عنوانها البارز الانصات للتلاميذ والتلميذات وإشراكهم في اختيار الأنشطة المدرسية، يفرغون فيها طاقاتهم وتكون محفزة لهم على الإبداع والخلق.. بهذا سنضمن نجاحا مدرسيا وتفوقا لمنظومتنا التربوية...

 

خليل البخاري، باحث تربوي