مذكرات امحمد التوزاني : إشرافي على التداريب العسكرية للتنظيم المسلح بسوريا بحضور حركة 23 مارس (22 )

مذكرات امحمد التوزاني : إشرافي على التداريب العسكرية للتنظيم المسلح بسوريا بحضور حركة 23 مارس (22 ) امحمد التوزاني إلى جانب الزعيم الراحل لحزب الطليعة أحمد بنجلون ومحمد بنسعيد أيت ايدر

المناضل امحمد التوزاني.. سليل حركة التحرر المغاربية والعربية من مواليد سنة 1938 بتازة، حمل في المنفى 13 اسما حركيا، من بينه خالد (بتسكين اللام) وحسن.. صديق الروائي والقاص والصحافي الفلسطيني غسان كنفاني ورفيق درب المناضل الاتحادي المرحوم الفقيه البصري. ناضل بمعية وتحت قيادة الشهيد المهدي بنبركة وعبد الرحمان اليوسفي ومحمد باهي، وغيرهم..

التحق بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية في مرحلة التأسيس وتكلف ضمن اللجنة التنظيمية للمؤتمر بالجانب التنظيمي واللوجستيكي إلى جانب المرحوم مصطفى القرشاوي وفاضل الناصري وأحمد الخراص.

التقى أول مرة بالشهيد المهدي بنبركة عام 1962 حين كلف بمهمة استقباله بفاس والذهاب به إلى تأهله ليؤطر تجمعا جماهيريا كان قد هيأ له الفرع الحزبي هناك.

ساهم في تأسيس حركة الاختيار الثوري بعد انتقاله إلى باريس إلى جانب عبد الغني بوستة السرايري وأحمد الطالبي المسعودي رغم كفره بمغامرات قائده ومثله الأعلى محمد الفقيه البصري..

"أنفاس بريس" تنشر مذكرات المناضل امحمد التوزاني، والتي تسلط الضوء على حقبة مهمة من تاريخ المغرب السياسي...

 

 

الأستاذ امحمد التوزاني، كنت بجبهة الجولان ضد العدو الإسرائيلي وفجأة اختفيت من ميادين القتال دون أن يعرف رفاقك وجهتك، هلا حدثتنا عن سبب المغادرة المفاجئة؟

إنها أوامر قيادتي السياسية بالتنظيم المغربي المسلح كي أنفذ مهمة نضالية، وكان علي الالتحاق بدمشق، ونفس الأمر الذي أعطي لي أعطي كذلك لرفيقي محمود بنونة وأحمد بنجلون. التحقت بدمشق ثم بعين بيضا حيث يتواجد معسكر وبه حوالي 24 مناضلا ينتظرون التدريب العسكري والتكوين السياسي والإيديولوجي.

وماذا عن مهمتك النضالية ومهمة محمود بنونة وأحمد بنجلون بمعسكر عين بيضا ؟

مهمتي كانت التدريب العسكري والرياضي ومهمة بنونة وبنجلون التكوين السياسي والايديولوجي

وكم استمرت التداريب هذه المرة و ما طبيعتها ؟

التداريب، كانت تستهدف تكوين المناضل عسكريا وبدنيا و فكريا حتى يكون مستعدا لخوض أي حرب مع العدو أو الخصم، و قد خاض المناضلون تداربهم العسكرية بإشرافي و كان يصاحبني أحيانا بنقيب موسى من الجيش السوري، واستمرت التداريب مدة 55 يوما عشرة أيام للتكوين الإيديولوجي، وقد كانت التداريب كالتي تلقيناها بمعسكر الزبداني، حيث الرياضة البدنية و التدرب على أنواع عديدة من السلاح.

هل كان معكم بالمعسكر مناضلو التنظيم المسلح المنحدرين فقط من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ؟

كان معنا أيضا اثنين من حركة 23 مارس المغربية وثاني الاثنين هوالرفيق الحسين كوار، وقد تم الاتفاق مع الاثنين على ما سمي آنذاك ب ( توحيد المفاهيم )، ولأجل ذلك خصصت عشرة أيام بعد التداريب العسكرية للتكوين الإيديولوجي لتحقيق ذلك الهدف.

ماهي الأسماء التي تذكر ممن كانوا معك بعين بيضا ؟

أذكر اللحظة عمر دهكون واسمه الحركي زهير وبنيحيى و اسمه الحركي حاتمي وعيسى انتظام وفاضل الناصري وشعبان وعبد الله ايخيش والرباطي ومحمد أوراضي و غيرهم.

بمعسكرات التدريب تتعاملون مع شخصيات بأمزجة ونفسيات وأنماط تفكير وسلوكات متباينة. بسبب ذلك تعيشون قصص متنوعة تصل حد الغرابة، وحسب ما تسرب أنه وقعت لك قصة مع المرحوم بنيحيى، هل يمكن أن تحكيها لنا ؟

هي قصة عادية و بسيطة وتستحق أن تحكى في مذكرات...

وماذا عن قصة الرباطي ؟

الرباطي هو شاب مناضل من الجنوب، و نحن بمعسكر عين البيضا بسوريا أسقطت إسرائيل طائرة سوخوي سورية و أحدث صوت انفجارها دويا قويا رغم أنها سقطت على بعد حوالي 20 كلم من المعسكر. حينها كان الرباطي في ساحة المعسكر فصعق و ارتعدت ودخل في نوبة خوف هستيري و بدا يصيح بصوت مرتفع.أنا فقط سائح، و قد أتيت طالبا منحة دراسية بدمشق فأتوا بي الى المعسكر.

ولأننا كنا جزء من معسكر سوري كبير، و حتى لا يفتضح أمرنا ذهبت إليه و أسكتته وأخذته من أذنه وذهبت به الى الخيمة وأبقيته معي، و لما أتى محمود بنونة أخبرته بالضجة التي أحدثها و قلت له لا يجب أن يبقى معنا بالمعسكر، فطلب مني أن أحدث زهير في الأمر لأنه هو من أتى به الى المعسكر، وذاك ما كان. فرحلوه إلى المنزل بدمشق ومن هناك لا أدري الى أين أرسلوه.

وما قصة محمد أوراضي أستاذ الفلسفة؟

محمد أوراضي أيضا كان معنا بالمعسكر بعين بيضا، و اعتبارا للحس الأمني الذي تعلمته من الجندية و من تداريبي المخابراتية مع محمد بودية - شهيد الثورة الفلسطينية الذي اغتالته المخابرات الفرنسية - كنت بين الفينة و الأخرى أقوم بجولة تفقدية ليلية للمعسكر و محيطه فضبطت محمد أوراضي في حديث مع عسكريين سوريين. أصغيت السمع و أنا متخف عنهم فسمعت الرجل و هو يفضي لهم بكل المعطيات التي يعرف عن معسكرنا، حيث أخبرهم أننا مغاربة و لسنا تونسيين، و أعطاهم الأسماء الحقيقية للمناضلين الذين يعرف أسمائهم و البلدات الحقيقية التي ينحدرون منها و ذلك في تجاوز صارخ لكل التوصيات بالتكتم والسرية وعدم الحديث حتى مع الرفاق في الأمور التي باح بها.

بعدما عرفت ما عرفت عدت لموضعي. ولما اجتمعنا كمسؤولين سياسيين وعسكريين عن المعسكر، وكان التدريب قد انتهى رويت الحادثة في الاجتماع وأبديت شكوكي إزاء الرجل، وتحفظت من إدخاله الى المغرب في إطار الثورة المغربية للتغيير السياسي ببلدنا، لكن ووجهت بأن لا دليل لي على شكوكي بشأن الرجل غير خطئه مع العسكريين السوريين. فقلت للمجتمعين لتتركوه لي لمدة شهرين وسآتيكم بالبينة.

بعد حوالي ثلاثة أشهر أبلغني الطاهر الجميعي أن الرجل دخل المغرب وأنه كان بمحاكمة مراكش الشهيرة شاهدا ضد رفاقه وأنه قام بالمهام المنوطة به من طرف الخصم، وقد تصدى له في المحاكمة المرحوم عبد الرحيم بوعبيد، وبعد زمن المحاكمة أصدر كتاب (الأغلبية الصامتة).

وماذا عن قصة قلم الشهيد محمود بنونة الذي أهديته لأحمد بنجلون أول ما دخلت المغرب سنة 1995؟

بمعسكر عين بيضا بسوريا نهاية سنة 1969 كانت لدي نظارات شمسية جميلة من النوع الجيد طلبها مني رفيقي عبد المومن فرفضت أعطيها له و قلت له (وانا واش ما عجبتكش، واش ما نستاهلهمش ) ، قال لكنني مسافر وسأحتاجهم، فقلت له وهناك خذ مثلهم.

سافر رفيقي العزيز عبد المومن، لا أعلم الوجهة الى أن اعتقل بإسبانيا من طرف سلطات فرانكو يوم 29 يناير 1970 وقد وجدوا بحوزته بالشقة التي كان يقطنها في مدريد ثلاثين بطاقة هوية.

سمعت بخبر اعتقاله من إذاعة لندن وحينها ولأول مرة أعرف إسمه الحقيقي وهو أحمد بنجلون وهو أخ القائد الاتحادي عمر بنجلون الذي أصبح شهيدا وقد اغتيل بأيادي جماعة إسلامية مغربية. تأسفت أشد الأسف لأنني لم أعطي لرفيقي عبد المومن النظارات التي طلب مني.

لما اعتقل أحمد بنجلون تعاطفت معه القيادة السورية و تدخل السفير السوري لمدريد لأجل إطلاق سراحه كما تدخل جمال عبد الناصر و البابا دون جدوى وسلمته سلطات فرانكو الفاشستية الى وزير الداخلية آنذاك الفاشي محمد أوفقير الذي حقق معه شخصيا و كان رأس رفيقي قاب قوسين أو أدنى و يظهر أن الملك الحسن الثاني غير تاريخ زيارته لفرنسا مرتين بسبب ذلك الاعتقال الذي طال بنجلون و يعيد بونعيلات، وفي ظل تلك الحملة الدولية الحقوقية التي رافقت اعتقال الرجلين كانت قيادة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بالداخل خاملة إلا عضوين هما الشهيد عمر بنجلون والمرحوم عبد الرحيم بوعبيد.

المهم رافقني لسنوات ألم أنني لم ألبي يوما طلبا لرفيقي في السلاح الفقيد أحمد بنجلون. فلما دخلت المغرب يوم 17 يونيو 1995 بعد العفو العام على المغتربين المغاربة، وكان هو ورفاقه في استقلالي بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء، سلمته القلم الذي بقي عندي ذكرى من رفيقنا الشهيد محمود بنونة، وكان ذلك بالنسبة لي تعويضا عن النظارات دون أن أقول له ذلك.

للإشارة فإن الفقيد أحمد بنجلون الأمين العام السابق لحزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي سمى ابنه على اسم الشهيدين محمود بنونة وعمر بنجلون فجاء اسم ابنه مركبا وهو محمود عمر بنجلون.

كما لا يجب أن نغفل أن تدخل سوريا لدى إسبانيا لإطلاق سراح مناضلينا على اعتبار انهم مواطنين سوريين أسفر عن إطلاق خمسة كانوا يحملون الجوازات السورية وهم زين الدين والخيراني وأيت نجدي والقاضي الصغير وأيت عمي الهاشمي المعروف ب الفقيه السي ابراهيم.