محمود التكني: ماذا استخلص المغرب والمغاربة من حادثة ريان؟

محمود التكني: ماذا استخلص المغرب والمغاربة من حادثة ريان؟ محمود التكني
لقد تعودت على ترك الكتابة في زخم الأحداث إلا إذا تعلق الأمر بالوحدة الترابية أو المساس بثوابت الامة او التطرق لموضوع الاختصاص. إلا أن حادثة الطفل ريان كانت لها غصة خاصة إذ شكلت فاجعة كبرى رمت بظلالها على البشرية أينما وصلت خيوط الشبكة العنكبوتية. وأنا في هذا المقال لا أبحث عن موضع صحفي، فالصحافة ليست مهنتي، بقدر ما أنا كاتب رأي ليس إلا.
وأول ما أريد التطرق إليه هو طبيعة البئر وكيف تكونت تلك المساحة التي اتسعت لجسم ريان بقعر الثقب حتى تسمح له بالتحرك كما شاهدنا عبر الكاميرا التي أنزلت إليه، هي وأنبوب الأوكسجين. فريان سقط في ثقب وليس في بئر، وطوله أكثر من ثلاثين مترا ولا يمكن أن أحدد أي عدد لأنني لست متأكدا. إلا أن اليقين انه حفر عبر مرحلتين، فالثلاثون مترا الأولى حفرت بآلة حفر قطرها 35 سنتيمترا وثبت بها أنبوب قطره 32 سنتيمترا، ويمكن أن يكون حديديا او مطاطيا، وبعدها استكمل الحفر بالحفارة ولكن هذه المرحلة بقطر أقل من 35 سنتيمترا وعلى الأرجح 25 سنتيمترا.
وفي هذه الحالة لا يمكن تثبيت أنبوب بقطر آخر. وهذا ما أدى إلى انهيار جزء من الثقب وتشكلت تلك المساحة لحكمة ما، الا ان هذه الفاجعة اماطت اللثام عن حقيقة المخزن التي طالما شوهت قصدا للآسف، وأنا لا أنزهه، ولكن ما لله لله وما لسليمان لسليمان.
لقد أصدر ملك البلاد تعليماته لجميع المتدخلين، كل في نطاق اختصاصه لإنقاذ الطفل بأي شكل. وبهذا وصل المتدخلون الليل بالنهار على مدى خمسة أيام طوال اتسمت بالترقب والأمل، فتمت إزاحة جبل بعظمته لا لشيء سوى إنقاذ حياة طفل لا يتجاوز خمس سنوات، ليس من علية القوم ولا أغنيائه بل من عامته وندعو له بالرحمة و لأهله بالصبر و السلوان.
ورب ضارة نافعة حيث وقفنا كمغاربة على مجموعة من الحقائق الكثيرة سأعرض البعض منها على سبيل المثال لا الحصر.. بدءا بمغزى عطف واهتمام صاحب الجلالة بهذا الحادث وتتبعه عن كثب لتفاصيل عملية الإنقاذ.
ثانيا، تضامن وانشغال كل المغاربة قاطبة صغيرا وكبيرا بقضية الطفل ريان وتكبد بعضهم عناء الطريق.
ثالثا، ضبط السلطات المختصة نفسها رغم ضغط الوقت والوافدين على مكان الحادث.
ثالثا، سلاسة وانسياب تعامل السلطة مع مبادرات المتطوعين.
رابعا، كثرة مصادر الأخبار من عين المكان وتغطية إعلامية وصحافية لا يمكن القول سوى انها في المستوى المطلوب، مع بعض الاستثناءات التي لم يكن همها إلا حصد المشاهدات.
خامسا، إشادة كل العالم بعملية إنقاذ الطفل ريان.
سادسا سواسية أبناء هذا الوطن العزيز في عين صاحب الجلالة وقد سطع اسم ملك الفقراء.
 
محمود التكني، أستاذ التعليم العالي بجامعة مولاي اسماعيل مكناس