عبد الهادي بريويك: سقطة شاعر

عبد الهادي بريويك: سقطة شاعر عبد الهادي بريويك
لا أحد اليوم يحتاج للشعراء والأدباء ..اليوم.. حتى في الأماكن أو المؤسسات الناطقة بإسم الأمة ..تدافع عن الحاجيات ..لكن دون البحث عن المعنى اللا مادي لهذا الوطن ..
يا ألمي ..ألم المعنى واللغة ..معنى الإبداع في زمن الدفاع عن مختلف الثقافات ..
هل سأكتب عن مجلس الأمة ..وأكتب عن حكاية سفينة المتغير الممكن؟؟! أم سأكتب عن شوف شوف وقروني بحال الخروف ؟؟! أم سأكتب عن أشياء لا تنتمي للشعر ولا تعشق غزوات مختلف ثقافات العالم من حولنا ؟؟؟!
أم صار الشعر اليوم ..مجرد فوقعات في نظر مختلف المؤسسات الحكومية ..لأن الشعر ..لا سعر له ..والأدب بمختلف روافده أصبح لا معنى له و أصبح من الترهات والترهلات ..ولا إنسية فيه لأنه لا يخدم أجندات السياسات ولا علاقة له بالانتخابات ولا بتشكيل الحكومات ..
كذبة هو هذا الانتحار الابداعي لمن يريد أن يبدع في زمن يؤمن بالحجر ولا يعشق رؤية قطرات المطر ..
حقيقة لا يحترمها فضليات وأفاضل الأمة ..الذين يرتكبون أكبر الأخطاء في حق حرمة اللغة ..
لو كان شعري هجائيا وقدحيا، لبات مبحوثا عنه داخل كل السياسات ..ولو كان شعري مدحا ..لبحث عنه المتملق..المتدفق ..الباحث عن السترة التي لا تخترقها صوامت الرصاصات ..
تجربة كان لا بد منها.. كي أمنح لقلمي اقوى الشحنات ..وأساءل ذوي الشأن عن معنى الحياة ..
هذا القلم الذي يحيى في أجمل المعاني ..يعاني ..ليس بحثا عن الجاه والثروة، بل بحثا عن الاعتراف ..عن جمهور من نواب أمتي يقرأون ..يعشقون ..عن ثقافة المغرب يدافعون ..يترافعون ..وإن حدثونا يخبروننا في المجالس عن القليل من الأدب الغربي والقليل من شعر الانجليز ..مبرزين حظوة الثقافة والإلمام ..وفي حظوتهم حق ..وهذا حق لا يلام.. كأن المغرب لا ينجب ..وان سماء الأدب المغربي الحديث ليست في المقام ..وأن سماء الشعر ببلدي ماعادت تمطر ..وعن خيباتنا فقط تخبر ..
روعة هو عدم الاعتراف ..بشعراء المغرب الجدد الحاملين لمشاعر هذا الوطن ..روعة أن يموت اتحاد كتاب المغرب في صراعاته الداخلية العقيمة مثل امرأة حامل عاهرة تفقد جنينها في صراعها مع الحياة في أسبوعها الأول ..في شوارع المدينة ...
روعة أن لا يصبح لنا في الثقافة أخبارا وكل شيء قد تأدلج وتبدلج..وكل شيء تفرنس وتبلجك..في اكتباس وانحباس..في موضة لا تليق بمستوى محتوى هذا الوطن وغنى ثقافته ..
روعة ألا أكتب الشعر بتلقائيته واختصر القلم في تجسيد معنى الذات والصنم في مقامات لا تليق بمستوى هذا الأدب الذي نضحي من أجله ترسيخا لقيم وموروث هذا الوطن..
وأكتب أغنيات بياتية لا تسعى حتى إلى معنى الاحتفالية بالإنسان من أجل كل إنسان .. والأروع أن أكتب الشعر على الأموات التي لا تقرأ ولا تنقب ولا تبحث ..ولا تفهم ..وحتى إن قدمت في حقهم شعر المناقب لا ولن أتألم ..
تحياتي لمختلف المؤسسات الرسمية التي لا تقرأ ..وتخبر كل الشعراء ..أن يتبولوا علانية على القلم.