وجدة..متى يَتمُّ تحرير المدارات وملتقيات الطرق من المتسولين لتفادي حوادث السير؟

وجدة..متى يَتمُّ تحرير المدارات وملتقيات الطرق من المتسولين لتفادي حوادث السير؟ يحتلُّ هؤلاء المتوسلون تلك الفضاءات ويعتبرونها "أصلا تجاريا"
دخل متسولان إفريقيان، رجل وامرأة مصحوبة بابنتها، في مشادة كلامية تحولت إلى تشابك بالأيدي حول أحقية استغلال منطقة التسول بالمدارة المتواجدة بمفترق الطرق المؤدية إلى جامعة محمد الأول وشارع محمد السادس بوجدة، عند الأضواء المنظمة لقانون السير .
وتعتبر هذه المدارات ومفترقات الطرق والشوارع والأضواء الحمراء الموجبة لتوقف السيارات بمدينة وجدة فضاءات مُدرَّة للربح ولجمع ما أمكن من الدراهم، وتجلب مختلف فئات المتسولين والمتسولات بمختلف الإعاقات من الطفل أو الطفلة الذي لا يتجاوز عمره الأربع سنوات إلى العجوز الذي يتجاوز سنه الثمانين سنة.
ويحتلُّ هؤلاء المتوسلون تلك الفضاءات ويعتبرونها "أصلا تجاريا" موقوفا عليهم وليس لغيرهم من المتسولين ولو أدى ذلك إلى نشوب صراعات وصدامات ومعارك بمختلف الأسلحة البيضاء والحمراء، دفاعا عن الحدود والمكان والفضاء وحتى سائقي السيارات وجيوبهم المتوقفين المحتمل أن يكونوا كرماء ويجودون بما جاد الله عليهم ويمنحون المتسول أو المتسولة درهما أو أكثر.
من المتسولين من يستعرض جميع أنواع الحِيَل المستعملة في الاستجداء بدءا بالاستعطاف ليصل إلى الإلحاح أحيانا ثم المضايقة تبلغ حَدّ الإزعاج حين يطوف العجزة والأطفال الصغار والمعاقين بكراسيهم المتحركة ويحرجون السائقين الذين يتخوفون من التسبب في حادثة سير، وكثيرا ما يضطر هؤلاء إلى نهرهم إذا لم يستسلموا لطلبهم بقطعة من النقود لإبعادهم.
العديد من هؤلاء المتسولين اتخذ هذه الطريقة حرفة سهلة ومربحة للاغتناء، تضاف إليهم أعداد كبيرة من الأفارقة المنحدرين من جنوب الصحراء والأشقاء السوريون الهاربون من جحيم الحروب التي تحرق الأخضر واليابس ببلاد الشام.
لا أحد يمكن له أن يحصر عدد الممارسين لهذه المهنة التي تدر أموالا على أصحابها إذ يتجاوز عددهم عشرات المئات منهم القارين ومنهم المارين وكثيرة هي الوسائل المبتدعة والحيل المختلقة في الإيقاع بالمواطنين واستدرار شفقتهم و"تقطيع" قلوبهم حتى يسقط البعض منهم في فخه ولم يعد يدري أن وسيلته قد تقادمت أو لم تَعُدْ حيلته تنطلي على أحد بل أصبح حديث المواطنين وسخريتهم وبالتالي تجاهلهم له وإمساكهم عن مساعدته مما يثير حنقه وغضبه ويكيل لهم من الشتم والسب ما يريد.
إحصائيات رسمية، وضعت المغرب في صدارة الدول العربية التي تعاني من ظاهرة التسول، حيث أن عدد المتسولين يصل بالمغرب إلى حوالي 195 ألف متسول، متبوعا بمصر بـ 41 ألف متسول، وتأتي الجزائر في المرتبة الثالثة بمجموع 11 ألف متسولا.
وكان موضوع ظاهرة التسول مصدر نقاش مستفيض بمجلس المستشارين، الثلاثاء 4 يونيو 2019، حيث أجمع كل المتدخلين بمجلس المستشارين، بأن ظاهرة التسول تقتضي إيجاد حلول اقتصادية واجتماعية، لكون تحسين هذه الظروف يكون سببا مباشرا في الحد من ظاهرة التسول أو تخفيض نسبتها العامة، التي ترسم أرقاما مهولة على الصعيد الوطني.
وفي هذا الصدد، أبرز الأستاذ الباحث في علم الاجتماع، علي شعباني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الظاهرة الاجتماعية أصبحت ممارسة خطيرة وفي تطور مستمر في المغرب، فكل فئات المجتمع، من جميع الأعمار ومن الجنسين، فتيات ونساء ورجال وكبار السن يمتهنون على حد سواء "مهنة التسول".
وأشار عالم الاجتماع إلى أن "التسول يعرف تزايدا لأسباب وعوامل مختلفة ومتعددة"، مسجلا أن ظاهرة التسول أثبت، من وجهة نظر اجتماعية، ومنذ فترة طويلة، أنها حرفة تدر دخلا هاما لا يتطلب شهادات أو جهدا.
وأوضح أن بعض المتسولين الذين يرفضون عروض عمل يتلقونها من المصانع أو المطاعم أو غيرها، معتبرين أن مد اليد يتيح لهم كسب دخل يومي مهم يتراوح بين 250 و300 درهم كحد أدنى.
من حقّ المواطن أن يتحرك بسهولة وفي أمن وأمان بسيارته وسط الطرقات والشوارع وأن يتوقف عند الأضواء وعند ممرات الراجلين احتراما لقانون السير والمرور دون مضايقة من طرف أي كان لأن ذلك يمنعه القانون تفاديا لأي حادثة سير قد تؤدي بسائق السيارة البريء إلى ما لا تحمد عقباه، إن لم ينتبه وركّز انتباهه على الطريق والأضواء وقانون السير...
ومن واجب الساهرين على أمن المواطنين وسلامتهم وضمان تحركاتهم وحمايتهم دون تعرضهم لأي ضرر أو حادث، من سلطات محلية وأمنية ومنتخبة أن يتحركوا لتحرير هذه الفضاءات الخطيرة والمعرضة لحوادث السير إن تُرِكتْ محتجزة لدى هؤلاء المتسولين وتحت تصرفهم....