الأستاذ بنحمزة في متاهة التدبير المادي والتربوي للتعليم العتيق بوجدة!

الأستاذ بنحمزة في متاهة التدبير المادي والتربوي للتعليم العتيق بوجدة! مصطفى بنحمزة وواجهة معهد البعث الإسلامي
توقيت بعض تدوينات  حروب الرمزيات في وجدة، تطل بنا على عوالم  الممانعة الأصولية لاختيارات الدولة في الحقل الديني، مما يفرض على الإعلام الملتزم  بخيارات الأمة الدينية والوطنية ،ركوب مغامرة استكشاف تضاريس هذه العوالم،ضمن "سياحة صوفية" تبتغي نقاء وظيفة العلماء.

وفي قلب مشهد هذه الممانعة يتربع الأستاذ مصطفى بنحمزة، بدون منازع. ولا يتردد في مواجهة من يفسد عليه متعة تنظيم هذه الممانعة، من تريديد الحديث عما يسميه  بالإعلام العلماني الحاقد. لكن رغم كثرة تحركاته لشغل واجهة الفضاء العام ،للتغطية على إحراجات هذه الاكتشافات، فإن تساؤلات أهل وجدة تحاصره من كل زاوية، فأصبح في المؤسسة العلمية،في موقع مقتضى :"وإمام قوم وهم له كارهون".

ومن جملة تلك التساؤلات، ما يرتبط بمسؤوليته في التعليم العتيق. فقد نشر عبد الإله، ابن الفقيد الفقيه محمد المربح ،على صفحته بالفايسبوك ،من باب استعادة التاريخ، جانبا من عطف المرحوم  والده على طلبة مدرسة البعث الإسلامي للتعليم العتيق بوجدة،ورعايته لهم. حيث كانوا يتعرضون لعقوبة الحرمان من الأكل والشرب بمطعم المدرسة، الأمر الذي كان يرفضه الفقيد جملة وتفصيلا. وكان ينتفض ضد هذه السلوكات الرعناء. وقد أضاف تفاعل أحد قدماء طلبة المدرسة مع هذه التدوينة ، بكون العقوبة كانت تصل أحيانا إلى حد الحرمان من المبيت في المدرسة، منبها إلى ضرورة  "إعادة النظر " في هذه العقوبة، "نظرالخطورة الأمر، فقد يتعرض الطالب لحادثة ويصبح المسؤول بدوره معرضا للمساءلة".

ما يسترعي الانتباه في هذه التدوينة، هو تزامنها، مع ما يتداول في أوساط منتسبي التعليم العتيق من اندلاع حرب شرسة، بين مدير مدرسة البعث الإسلامي والطاقم الإداري للمدرسة، وتبادل الإتهامات فيما بينهم بشأن مصير المواد الغذائية التي يتبرع بها المحسنون على طلبة القرآن الكريم،  ناهيك عن حرمان طلبة الكتاب القرآني الكائن بالمسجد الكبير بالمدينة العتيقة بوجدة، من الأغطية والوسائد رغم برودة الطقس التي تعرفها المدينة، الأمر الذي جعل أحد طلبة القرآن الكريم يستعطف إحدى المحسنات بالمدينة العتيقة بوجدة ، من أجل توفير الأغطية والوسائد اللازمة ، وهو ما استجابت له هذه المحسنة وقامت بتوفير المطلوب ، رحمة وشفقة على طلبة القرآن الكريم القادمين من بوادي إقليم وجدة من أسر تعاني  قلة اليد.

وأكيد أن  مستجدات هذه النافذة، تضعنا في مفاصل التحليل التالي:
1- هناك تساولات بين أهل وجدة، عن السبب الذي جعل الأستاذ مصطفى بنحمزة، المسؤول الفعلي  عن مدرسة البعث الإسلامي بوجدة للتعليم العتيق، يهمل طلبة القرآن الكريم الى هذا الحد، ويعاقبهم، رغم الملايين من الدراهم التي يحصل عليها من المحسنين ومن أموال الزكاة، بإسم رعاية أهل القرآن؟ وهم في هذا، يقارنون بين حالة مدرسة البعث الإسلامي أيام العلماء الكبار أمثال العلامة المرحوم  محمد المربح ، وبرعاية المرحوم  المحسن الكبير الحاج البكاي الحركاتي، الذي كان لا يكتفي رحمة الله عليه بالإنفاق على المدرسة فقط، بل كان يستضيف طلبة القرآن الكريم بمنزله بوجدة. بل أكثر من هذا، حبس منزله للقرآن الكريم. وفي الأخير باع بنحمزة المنزل، وبنى المدرسة الحالية للتعليم العتيق.إن المتتبعين من أهل وجدة، يقارنون بين هذه الفترة، وبين الفترة التي آلت فيها المدرسة للأستاذ مصطفى بنحمزة.أي يقارنون بين نهج المغاربة التضامني في النهوض المجتمعي بالتعليم، وبين مكر التدبير الأصولي في استغلال أريحية المغارية في كل ما يتعلق بالدين، لمغانم أخرى. 
2- وتضعنا هذه الوضعية في التدبير الأصولي للتعليم العتيق، أمام ديماغوجية بنحمزة ،حيث اعتبر في ندوة مؤخرا، أن "التعليم كله كان وقفيا"وبالفعل كان كذلك.لكن لماذا يسعى إلى لجم تطور التعليم من جهة، بالإبقاء عليه عتيقا،وبالمضمون الأصولي،  في حين  يبني المدارس الخصوصية التي تدر عليه الملايين سنويا؟ولربما  يحرص فيها على بيداغوجية لا علاقة لها بخلفية تأديبات التعليم العتيق،من حرمان للإطعام والمبيت. وهذا ما يفرض  على الجهات المسؤولة ، ترشيد هذا السلوك اللاتربوي في التعليم العتيق.
3- إن مسألة تمويل التعليم العتيق، تطرح للتساؤل، مسألة "توثيق" المداخيل والمصاريف. وهل مسألة الإحسان تخضع للضوابط هنا؟ومواد التغذية هل تخضع للمراقبة الصحية؟ وأموال المحسنين هل هي حقيقية بالكامل،أم هي واجهة لتبرير التمويل الخارجي؟ وهل هي خالصة لقصد المحسنين، غير قابلة لتحويلات التعليم الخصوصي، ولا الانتقال إلى الورثة؟
4- إن إشراف وزارة الأوقاف على التعليم العتيق، بجب ألا يتحول إلى عملية تبيض لما يعتمل في هذا التعليم من تجاوزات مذهبية ومالية وتربوية.فبعض هذه المؤسسات توظف هذا الإشراف ومقتضياته التنظيمية للمقايضة مع الاتجهات المشرقية المسكونة بالتبشير المذهبي، كدليل على القدرة على اختراق الدولة المغربية .ولعل واقع هذه المتاجرة ،يحمل وزير الأوقاف الأستاذ التوفيق على الكف عن معجم المزايدة، فقد قرأنا في مروره مؤخرا بمجلس المستشارين،قوله: “لم نع كامل الوعي قيمة البيعة، وللأسف لا تدرس في كليات الحقوق". لكن لماذا لا يتم تدريسها في التعليم العتيق؟.في حين أن هذا التعليم في غياب التمكين فيه لثوابت البلاد، يقوم في الجملة، بتخريج الأصوليين،الذين يتم الآن التمكين لهم في شهادة تأهيل الأئمة والخطباء على حساب الفقهاء التقليديين. وغدا سيأتي الدور على الفقهاء التقليديين في المجالس العلمية.

وأكيد أن في هذا المروق الأصولي، وبحاضنته الرسمية ،إحراجا كبيرا  لقصد صاحب الأمر  ،وحرصه أعز الله أمره، على مصداقية وظيفية المؤسسات الدينية،  على أرضية الثوابت المذهبية للبلاد.