عزوزي بوزيد: في فهم حرب الجزائر والتحرشات ضد المغرب ومفاتيح لتمتين جبهتنا الداخلية

عزوزي بوزيد: في فهم حرب الجزائر والتحرشات ضد المغرب ومفاتيح لتمتين جبهتنا الداخلية عزوزي بوزيد يمينا) وأحمد نور الدين

تفاعلا مع الحوار الذي أجرته ونشرته "أنفاس بريس"، يوم الخميس 18 نونبر 2021، مع المحلل السياسي أحمد نور الدين، تحت عنوان "ازدواجية مواقف الاتحاد الأوروبي.. محاولة لاستعمال قضية الصحراء ورقة للابتزاز السياسي"، توصلنا بالمداخلة التالية من الأستاذ بوزيد عزوزي، أستاذ جامعي ومدير سابق لمعهد  ISCAEبالرباط، ننشرها كالتالي:

 

"مناسبة جميلة جدا أن تطلع بهذا الاستجواب العميق (على موقع "أنفاس بريس") في هذا اليوم الأغر الذي يخلد لعيد الاستقلال، والذي يدعونا للترحم على روحي ملكينا المفديين جلالة الملك محمد الخامس وجلالة الملك الحسن الثاني رحمهما الله وطيب ثراهما وأسكنهما فسيح جنانه.

 

أشكرك -أحمد نور الدين- على تقديمك باستمرار لطروحاتك الرائعة في كل ما يهم قضيتنا الوطنية الأولى: صحراؤنا الغالية، وأهنئك بكل حرارة على روحك الوطنية العالية التي تنبجس من كل حرف ومن كل كلمة ومن كل مسافة بين كل منهما صادحة بحقنا الوطني التاريخي والقانوني والسياسي والاجتماعي والثقافي الذي يحمي سيادتنا على صحراءنا الغالية.

 

أعتز بك سي أحمد على خصوبة أفكارك وسيولة لغتك وتدفق سيولة براهينك ضد هؤلاء الطغاة المتشدقين باسم الحق والقانون وهم نازلون بأرض منحهم إياها المستعمر الفرنسي الذي كان قد جعل منها ولاية فرنسية، ولهذا طالت الحرب عندهم مدة 7 سنوات.

 

إن الذين يتنكرون لهاته الحقوق من الجزائر وتابعيها وتابعي تابعيها، يتمترسون وراء "سياسة المصالح ومصالح السياسة" التي صنعت الجزائر انطلاقا من 1839 من طرف الاستعمار الفرنسي لجعلها إقليما فرنسيا كباريس ومارسيليا وليون وتولوز وبوردو وليل ونانسي وستراسبورغ، حين كانت حدود المغرب تمتد إلى نهر السنيغال ومالي بمدينتي تامبوكتو وگوا ...

 

إن تمترس الجزائر وبيادقها وراء خزعبلات لا تغني ولا تسمن من جوع، هو كذلك تمترس يخسف عمقا فكريا إيديولوجيا في فضاء استراتيجي جد متجاوز، وذلك منذ تحطم جدار برلين في شهر نونبر 1989 وتشتت الاتحاد السوفياتي في شهر دجنبر 1991 .

 

في خضم هاته الأمواج العاتية للسياسة الدولية الراهنة التي نسبح في أحشائها بقوة وشجاعة، يحدونا الأمل في التغلب على تياراتها ومصارعه انجذاباتها الكثيرة والكثيفة والمتعددة الأطراف والاتجاهات وتخطي زعزعة إعصاراتها... في هذا الخضم أتساءل باستمرار عن الاختيارات الاستراتيجية لبلادنا قائلا في عمق فؤادي وقرارة نفسي:

"أليس هناك "طريق بديل" للسير قدما في تنميتنا الاقتصادية الرائعة والمندمجة وتمتين وحدتنا الشعبية والذود عن وحدتنا الترابية من طنجة إلى الگويرة في ظل شعارنا الخالد الله الوطن الملك؟"

 

سؤال عريض جدا يضعنا أمام إشكاليات معقدة من كل الزوايا، جغرافيا، سياسية وجغرافيا، استراتيجية.

 

كما تقول في استجوابك المركز، سي أحمد، يظهر جليا أن الاتحاد الأوروبي يلعب على حبال عديدة متعدد ومتشابكة.

 

في هذا المسلسل أضع فرضيتين في علاقتنا مع أوروبا:

1- الفرضية الأولى:

في سياسة الدول الأوروبية ليس هناك ارتجال، بل سياسة مصوغة بحرفية عالية تجعل "الدول الشريكة بالنصف الجنوبي من كوكبنا" منبطحة انبطاحا لينا، تنفذ أوامرها تحت الضغط المبتسم.

 

2- الفرضية الثانية:

سياسات حكومات الدول الأوربية تخضع لمصالح "اللوبيات الاقتصادية" التي تملي أوامرها حسب مصالح كل فريق وكل مجموعة اقتصادية أو مالية.

 

في هذا الإطار تحرك الحكومات، ومن ورائها اللوبيات والمجموعات تحرك "الرافعات" الكثيرة المنبتة في كل المؤسسات والمنظمات وفي كل مروحية رؤوس أموال الشركات ومجالسها الإدارية وإداراتها ومكاتب دراستها ونواديها...

 

بهذا التنظيم المتشابك والمعقد يستطيعون الضغط من أجل الحصول على الاستجابات المنتظرة.

 

أطرح أسئلة، جوابها في ملفات وزاراتنا ذات العلاقات مع التعاملات الخارجية بكل مكوناتها.

 

الأسئلة المطروحة المتعددة الجوانب هي:

- هل يمكن للمغرب أن يشتغل خارج هاتين الفرضيتين؟

- هل يمكن للمغرب أن يجد أياد مصافحة بدون إرادة ابتزاز؟

- هل يمكن للمغرب أن ينوع علاقاته التجارية والمالية والخارجية بدون ضغط أو ربما تهديد مبطن من أي من هاته اللوبيات والمجموعات؟

 

أضع هاته الأسئلة التي يمكن أن تنير سبل إزاحة العوائق أمام تصدينا لأعداء وحدتنا الترابية، وأقولها بكل وضوح وشفافية: أمام الجزائر وأذنابها الذين ما فتئوا يضعون أمام مسيرتنا المتقدمة والتقدمية كل العوائق والمطبات والفخاخ.

 

بالموازاة مع النهج أعلاه، أؤكد على وجوبية التركيز على تمتين الجبهة الداخلية عبر:

1- "الوحدة الوطنية" بكل أبعادها ومكوناتها السياسية والاجتماعية والثقافية؛

2- تقوية الدفاع الوطني بالتكنولوجيات الحديثة وبكل أصناف وأنواع مكونات دفاعنا مع التركيز على الخدمة العسكرية للنساء والرجال؛

3- التركيز على البحث العلمي والتكوين في ميادين التكنولوجيات الحديثة والذكاء الاصطناعي في جامعاتنا وفي داخل مؤسساتنا العمومية الوطنية؛

4- الاستثمار في الموارد البشرية في كتلة بشرية هائلة مكونة مما يقارب 40 مليون نسمة: أدمغة وأياد عاملة، وقدرة هائلة على الابتكار والتجديد والإبداع؛

5- الدفع باقتصادنا الوطني إلى تحقيق نسبة نمو مئوية لا تنزل عن 6% سنويا مع التركيز على الإنتاج الاستهلاكي الوطني والتصدير إلى كافة القارات خصوصا الإفريقية والأمريكية والأسيوية؛

6- التركيز على التنقيب عن موارد الطاقة في باطن الأرض الفسيحة لوطننا الكبير الممتد على 710850 كم2: غاز وبترول وفوسفاط وحديد ومنغانيز وأورانيوم وذهب ونحاس وكوبالط، إلخ... وعلى طول سواحل بحارنا على مسافة 3500 كم: جميع أنواع الحيتان وتوسيع السياحة؛

7- الاستثمار في موارد الطاقة الطبيعية من الشمس المتوفرة في جميع ربوع وطننا والرياح المتوفرة على قمم جبالنا وعلى سواحلنا وبغازنا؛

8- الاستثمار في البنية التحتية الأساسية من مؤسسات استراتيجية وطرق ثانوية وجهوية ووطنية وطرق سريعة وسيارة وسدود مائية والاجتماعية من مدارس وثانويات ومعاهد وجامعات ومستشفيات وملاعب رياضية والإنتاجية من مناطق أنشطة اقتصادية وصناعية ومعامل ومصانع، إلخ...

 

هذا التوجه كفيل بأن يزيح عن رقبتنا تهديد المهددين كالاتحاد الأوروبي وما شابهه من أمثال بعض الدول واللوبيات المختبئة وراء كيانات الدول والمسيرة لها التي تبتزنا باسم تفسيرهم لبعض بنود القانون الدولي الذي يخسف مصالحهم ومصالح شركاتهم المتعددة التواجد في كل بقاع الأرض.

 

لاااا، لااااا... لن نفرط في حبة واحدة من ترابنا ورملنا وصخرنا وأوراق شجرنا مهما كلف من ثمن.

 

وليعلم الجزائريون وأذنابهم ومرتزقتهم بأن 40 مليون مغربي ملتفون وراء جلالة الملك سبط نبينا الكريم سيدي محمد السادس حفظه الله...

 

وليعلموا علم اليقين بأنهم، هم الذين يتشدقون بمليون شهيد لإخراج الاستعمار الفرنسي الذين حاربوه بعد أن منحهم هاته الأرض التي هم عليها الآن، بأننا مستعدون للتضحية بأرواحنا جميعا إن اقتضى الحال من أجل وحدتنا الترابية من السعيدية إلى طنجة ومن طنجة إلى الگويرة في ومن الگويرك إلى الگرگرات إلى تيشلا فالسمارة فتندوف، فالسعيدية"...