جواز التلقيح: ماهي الخدمة التي قدمتها العدل والإحسان لعسكر الجزائر لطعن المغرب؟

جواز التلقيح: ماهي الخدمة التي قدمتها العدل والإحسان لعسكر الجزائر لطعن المغرب؟ محمد العبادي، ومشهد من احتجاجات رافضة لجواز التلقيح
في بوحه المنشور بموقع "شوف تيفي"، عرى أبو وائل الريفي، عن الأسباب الخفية التي أججت الشارع المغربي ضد جواز التلقيح، وبين كيف أن العدل والإحسان، قدمت خدمة ذهبية لعسكر الجزائر الذي أنفق الملايير لاختراق مواقع التواصل الاجتماعي لتأجيج الاحتقان بالمغرب.
 
هل يمكن لقرار فرض إجبارية جواز التلقيح، كشرط لولوج بعض الأماكن، أن يحرك كل هذه الاحتجاجات؟ وهل تكرار هذه الاحتجاجات وتوسيع نطاقها الترابي والموضوعي بريء كل البراءة؟ لماذا تحولت الاحتجاجات ضد جواز التلقيح إلى احتجاجات ضد كل شيء؟ وهل يمكن الحديث عن احتجاجات ذات صبغة عفوية؟ وهل هي فعلا احتجاجات غير منظمة؟ وهل يصح أن تعج الصفحات والحسابات التي تتبنى هذه الاحتجاجات مطالب الخلافة والإطاحة بالنظام وإسقاط الحكومة وأشياء أخرى؟
قد يبدو للوهلة الأولى أن هذه أسئلة متحامل على حق مشروع لمغاربة متضررين من فرض جواز التلقيح ويرون في إجباريته تعارضا مع الطابع الاختياري للتلقيح، ولكن الحقيقة غير ذلك بإعتبار أن منهجنا هو عدم التعاطي مع مثل هذه الأمور بتسرع، لم نتطرق إلى هذا الموضوع بهذه الصيغة إلا بعد مرور مدة على انطلاق هذه الاحتجاجات وحتى اتضح بالدليل الملموس، وبما لا يدع مجالا للشك، أن هذه الاحتجاجات خرجت عن إطارها البريء الذي تصرح به ظاهريا و تحولت إلى أداة لمن اعتاد الركوب (أصحاب أوطوسطوب) على كل حدث لتحوير طبيعته بهدف تصفية حساباته مع الدولة، أو ألف استغلال كل حدث لتحقيق ما يراه مكاسب سياسية عجز عن تحقيقها عبر صناديق الاقتراع الذي اختار التنافس عبرها، والأخطر أنها صارت مطية لجهات خارجية خبيثة تريد استغلالها للإطاحة بالنظام و إدخال البلاد إلى متاهات عدم الإستقرار بتوظيف حسابات وصفحات مغربية أو استقطاب مغاربة للانخراط في هذه الحملة المسمومة.
ما الذي يجمع بين العدل والإحسان وتيارات أقصى اليسار والاشتراكي الموحد والكتائب الإلكترونية للنظام العسكري الجزائري وبعض مجموعة الألتراس؟ وهل يستحق الاحتجاج ضد جواز التلقيح كل هذه التعبئة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وترويج الأكاذيب وفبركة الأخبار الكاذبة والترويج لنظرية المؤامرة؟
في عرف العدل والإحسان، كل شيء يجوز لتصبح هي محور التداول الإعلامي، وخاصة أنها لا تستسيغ الحقائق في الواقع التي تبين أنها فقدت ما كانت تتمتع به من قوة وخسرت جزءا غير يسير من حصيصها ولم تعد مسكنات الوعظ تعطي مفعولها معه واقتنع بتواتر الأدلة أن الخطاب الطهراني والأخلاقوي ليس إلا واجهة تغطي الفساد المستشري وشبكات المصالح المتحكمة في الجماعة. لا تتصور العدل والإحسان نفسها خلف الصورة أو خارجها أو في هامشها، وهي مستعدة لإحراق البلد لتظهر للسلطات أنها قوة مؤثرة وبأن الجلوس معها والتفاوض حول مطالبها ضروري أو على السلطات التغاضي عن ممارساتها الخارجة عن القانون. هذه الجماعة التي سوقت، كذبا وبهتانا، أن أطباءها وممرضيها وقطاعها في الصحة كان منخرطا في مواجهة الجائحة هي التي يسوق أنصارها الأكاذيب والأراجيف حول حملة التلقيح في هذه الوقفات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي دون أن يحرك قطاع الصحة ساكنا لتوضيح الأمور بمعيار العلم والطب وليس بمعيار الخرافات والأوهام. لماذا يصمت هذا القطاع إذن؟ ولماذا لم يوضح حقيقة النجاح المغربي في التصدي لهذه الجائحة وواجب المغاربة في المستقبل القريب لتفادي انتكاسة صحية تعيدنا إلى المربع الصفر وتحول بين المغاربة واسترجاع الإيقاع العادي للحياة الخاصة والعامة؟ لا يحتاج المغاربة إلى هذه التوضيحات من هؤلاء لأن هناك والحمد لله جيش وطني أبيض غالبيته جنود خفاء يشتغلون في صمت وبدون بهرجة البيانات والبلاغات بشكل يومي ودون انتظار مقابل سياسي على عمل هو في عداد الواجب المهني والأخلاقي والإنساني والديني. يقومون بعملهم لوجه الله والوطن ولا يريدون جزاء ولا شكورا إلا ما أعطاهم القانون. هذا ما اكتشفه المغاربة مع هذه الجائحة في منظومة صحية تعرضت للقصف من كل اتجاه ولكنها صمدت ونجحت ونالت شهادة اعتراف عالمي بنجاحها في تدبير الجائحة. خلال هذا الأسبوع صرح أنطونيو كوتيرش أن عدد الوفيات تجاوز خمسة ملايين شخص ناعتا هذا العدد ب بأنه بمثابة “عار عالمي” في ظل تلقيح خمسة في المائة فقط من الأفارقة باللقاح المضاد للفيروس. هل يعرف هؤلاء المحتجين كم هي نسبة الملقحين في المغرب؟ هل يعي هؤلاء أن المغرب من أوائل الدول ترتيبا في حملة التلقيح؟ لم يقف الأمين العام للأمم المتحدة عند هذا التوصيف، بل أكد على أن هذا العدد هو تحذير حيث تستمر التهديدات الخطيرة الأخرى في السماح لـلفيروس بالازدهار مثل المعلومات الخاطئة وتخزين اللقاحات والتطعيم على أساس قومي والافتقار إلى التضامن العالمي. ولذلك فأكبر تحدي ومعركة أمام المغرب والمغاربة هو الاستمرار في حملة التلقيح وتمنيع المجتمع لاسترجاع عافية الاقتصاد وجلب الاستثمارات وإنعاش التشغيل والعودة إلى الحياة الطبيعية.
لا تعي قيادة الجماعة أنها تلعب بالنار في منطقة حساسة وفي ظرفية ٱستثنائية، ولعبُها مغامرة غير محسوبة العواقب لأنه انخراط في خدمة أجندة نظام عسكري صار واضحا أن شغلَه الشاغل هو المغرب وإيقاف نجاحات المغرب. تُقدم الجماعة أكبر خدمة لإخوانها من إسلاميي نظام العسكر في الجزائر الذين يبحثون هم كذلك عن الحرب حفاظا على استمراريتهم في ظل حالة الاحتقان الداخلي والرفض الشعبي لكل سياسات النظام الفاشلة ولكل حواريي العسكر شركاء التدبير الفاشل منذ عقود. للأسف لا تؤمن الجماعة بالاصطفاف مع الوطن وقضاياه ولا تميز بين معارضة النظام، وتغليب مصلحة الوطن، ولا تحسن اختيار توقيت خرجاتها وسقف مطالبها وتتصور نفسها فوق القانون وغير معنية بالخضوع لمقتضياته لأنها في عرفها مقتنعة فقط بقانونها الذي صنعته على مقاسها وبما يخدم مصالحها وتعتبر كل الوسائل حلال لتحقيق أحلامها حول القومة والخلافة. لقد تعودت السلطات على منهجية اشتغال هذه الجماعة وصارت أكثر خبرة في التصدي لها في نطاق القانون وفي احترام لحقوق الإنسان ولكن الخوف كله على البسطاء ممن تستدرجهم آليات الدعاية الرخيصة والبسيطة ليصبحوا دروعا بشرية للجماعة تؤثت بهم منطقها البئيس المحكوم بإشاعة الفوضى و اللاقانون.
ولكن كيف تفسر “الزعيمة” نبيلة مشاركتها في هذه الاحتجاجات وهي تعرف عدم قانونيتها لأن الجهات التي تقف وراءها لم تصرح بها أمام السلطات الإدارية كما يقتضي القانون ذلك؟ هل يُقبل من ممثل للأمة مؤتمن على القانون الصمتُ على خرقه والإصرارُ على ذلك دون أن يحرك ساكنا؟ هل يقبل من نائب برلماني اللجوء إلى الشارع وأمامه طرق يكفلها له الدستور والقانون؟ ما تقوم به نبيلة يؤكد حالة الاضطراب والتردد التي ما تزال تختمر في ذهنها وذهن الكثير من رفاقها حول العمل من داخل المؤسسات والامتثال التام للقانون الذي أمامها فرصة تغييره عبر القنوات المخصصة لذلك. نبيلة منيب تعيد تكرار تجارب فاشلة لم تنفعها شعبويتها لأن مفعولها مؤقت مبني على خطاب المفرقعات التي ينتهي مفعولها مع لحظة انفجارها. لو كانت “النائبة المحترمة” تدرك جيدا حقائق الواقع لرأت بأم عينيها خصائص الفئات المحتجة وستقتنع بدون مجهود أنها كتلة يصعب أن تكون من الناخبين فأحرى أن تصوت على مشروعها النقيض لما هي مقتنعة به.
ما كان لهذا البوح أن يخصص كل هذا الكلام للاحتجاجات ضد جواز التلقيح لو كان الأمر مقتصرا على هذه الخلطة اليسارية الإخوانية، ولكن السبب الأساس هو ما لوحظ في هذه الآونة الأخيرة من اختراق جزائري لحسابات وصفحات مغربية لتوجيه هذه الاحتجاجات الوجهة التي تتناسب مع طبيعة المطلب وتوظيف أصحابها لخدمة أجندة نظام عسكري يحلم منذ عقود أن يرى المغرب ضعيفا وغارقا في حرب أهلية ليشفي غليله ويحقق أمنية عششت في عقله حتى صارت عقيدة ووضعت غشاوة على عينيه حتى أنه لم يعد يرى الحقائق أمامه.
من هنا يلزم المغاربة، وضمنهم للأسف من يحسب على النخبة، الحذر من هذه الخطة الجهنمية التي تنفق فيها ملايير الدينارات، واستيعاب هذا السياق الاستثنائي وإدراك خلفيات هذا السعار الجزائري الذي أصاب حكام الجزائر الذين يتجرعون الفشل في الداخل والخارج ويعيشون عزلة غير مسبوقة ويراكمون الهزيمة تلو الهزيمة ويبحثون عن تصدير أزماتهم للمغرب وافتعال أسباب لإشعال نيران حرب. هل يمكن للمغاربة أن تنطلي عليهم هذه الحيلة الجزائرية؟ هل يمكن لشباب الألتراس أن ينخرطوا في هذه الأجندة؟ وهل يمكن أن يصل الحقد عند العدل والإحسان إلى درجة تعريض الوطن للخطر؟ وهل تخبئ مكاسب سياسية ظرفية على “النائبة المحترمة” ورفاقها الخسارة الاستراتيجية التي يمكن أن يتعرض لها المغرب؟
وللتغطية على هذه الحرب القذرة، وعملا بقاعدة “ضربني وبكا وسبقني وشكا”، صرح وزير الاتصال الجزائري بلحيمر بأنه تم تسجيل حوالي 100 موقع إلكتروني مغربي يهاجم الجزائر ويخوض حربا عدائية ضدها، وليت الوزير المسكين سكت عند هذا الحد، ولكنه أضاف بكل صفاقة بأن هذه المواقع تنشط بدعم صهيوني فرنسي.