محمد بنطلحة الدكالي: مجلس الأمن ورهان الشرعية الدولية حول الصحراء المغربية

محمد بنطلحة الدكالي: مجلس الأمن ورهان الشرعية الدولية حول الصحراء المغربية محمد بنطلحة الدكالي

يقترب موعد مناقشة قضية الصحراء المغربية بأروقة الأمم المتحدة في ظل التحولات الاستراتيجية التي يشهدها النزاع الاقليمي، بدءا بالاعتراف الأمريكي بسيادة المملكة على أراضيها الجنوبية، وانتهاء يالدينامية الاقتصادية والاجتماعية والديبلوماسية التي تعرفها الحواضر الصحراوية ببلادنا.. حيث يرتقب أن يتم التصويت على قرار جديد يتم بموجبه تمديد ولاية بعثة المينورسو التي تنتهي مع متم الشهر الجاري، وذلك في اطار تشديد أعضاء المجلس على ضرورة التزام كافة الاطراف المعنية باحترام اتفاق وقف اطلاق النار المبرم سنة 1991 تحت اشراف الامم المتحدة وكذا التعاون مع البعثة الأممية لتمكينها من أداء مهامها، ويبدو من خلال التوجه الذي يسير فيه مجلس الأمن بخصوص ملف الصحراء المغربية من خلال النص الأولي لقرار المجلس الذي من المتوقع أن يتم التصويت عليه في نهاية أكتوبر، في المسودة الأولى لنص القرار الذي صاغته الولايات المتحدة الأمريكية، أنه يتحدث عن "استئناف بناء للعملية السياسية" وهو تعبير عن التوجه العام للمجتمع الدولي والذي لا يحتاج الى توضيح أو برهان، كما يؤكد نص القرار الأولي على أهمية المائدتين المستديرتين اللتين تم تنظيمهما على التوالي يومي 5 و6 دجنبر 2018 ويومي 21 و22 مارس 2019، بمشاركة المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا، حيث يدعو نص القرار الى التحلي بـ "روح الواقعية والتوافق" في المفاوضات..

وعلى غرار قرارات مجلس الامن السابقة، لم يرد ذكر استفتاء تقرير المصير في مسودة القرار الجديد، وتجدر الاشارة أنه قد سبق لمجلس الأمن الدولي أن كرس سمو مبادرة الحكم الذاتي التي تقدمت بها المملكة المغربية في 11أبريل2007 للسنة الرابعة عشرة على التوالي، معربا عن إشادته بالجهود المغربية الجادة وذات المصداقية التي تجسدها هذه المبادرة المتوافقة مع القانون الدولي، كما أن القرار الذي سبق أن اعتمده مجلس الأمن الدولي يؤكد على وجاهة الموقف المغربي وتكريس المعايير الأساسية للحل السياسي لهذا النزاع الاقليمي.

وعلى مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة، شكلت أشغال اللجنة الرابعة مناسبة للمجتمع الدولي لتجديد التأكيد بقوة على دعمه التابث لمغربية الصحراء ومخطط الحكم الذاتي في أقاليمه الجنوبية باعتباره حلا دائما وقائما على التوافق لوضع حد لهذا النزاع بشكل نهائي، وفي تقريره المقدم إلى مجلس الأمن الدولي والذي يغطي الفترة من فاتح شتنبر 2020 الى31 غشت 2021، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أن "الحل النهائي للنزاع الاقليمي حول الصحراء لا يمكن أن يكون إلا سياسيا وواقعيا وعمليا ودائما وتوافقيا طبقا لقرارات مجلس الامن الدولي (2548/2494/2468/2440)، كما أكد أن البوليزاريو لا تتمتع بأي وضع قانوني لدى الأمم المتحدة، حيث وكما جاء في تقاريره السابقة، فإن غوتيريس "أشار في ثلاث مناسبات إلى "ممثل البوليساريو في نيويورك" وليس مطلقا إلى "ممثل بالأمم المتحدة"، وهو ما ينفي بشكل قاطع ونهائي الادعاءات الزائفة للجماعة الانفصالية المسلحة بتوفرها على تمثيلية مزعومة لدى المنظمة الاممية، كما لتتمتع بأي صفة قانونية أو حتى سياسية لتعيين أي ممثل في منظمة دولية تتألف من دول أعضاء، حيث لا يوجد أي مكان للجماعات الانفصالية المسلحة.

ونجد أن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة يعتبر صك اتهام وادانة للبوليساريو، إذ قدم كل الحجج التي تورطها في السعي إلى اشعال فتيل النار، كما أن اعتداءاتها على المنطقة العازلة تهدف منها الى تغيير الوضع القائم، وهي تجاوزات يمكنها أن تعصف بالعملية السياسية برمتها وكذا بمجهودات الأمم المتحدة.

لقد استنكر التقرير القيود الصارمة وغير المقبولة التي فرضتها "البوليساريو" على (المينورسو) على تنفيذ مهمتها الرئيسية المتمثلة في الإشراف على وقف إطلاق النار، ومراقبة مليشيات هذه المجموعة المسلحة، وكذلك الوضع في الميدان بشكل مباشر.

لقد أكد التقرير للأمين العام للأمم المتحدة على أن الجزائر "لها دور رئيسي في البحث عن حل سياسي لقضية الصحراء"، مما لا يترك أي مجال للشك بخصوص التزامات هذا البلد باعتباره طرفا معنيا بالنزاع الاقليمي حول الصحراء المغربية، مذكرا في هذا التقرير ان قضية الصحراء المغربية تتدارسها الأمم المتحدة باعتبارها قضية تتعلق بالسلام والأمن وبالتالي كنزاع اقليمي مدرج تحت البند السادس من ميثاق الأمم المتحدة المتعلق بالحل السلمي للنزاعات.

في المقابل تميز هذا التقرير بتسليط الضوء على الانجازات الديبلوماسية للمملكة في الصحراء المغربية خلال العام الماضي والى الاعلان التاريخي للولايات المتحدة الامريكية في 10 دجنبر 2020 القاضي بالاعتراف بالسيادة الكاملة والتامة للمملكة المغربية على صحرائها، كما تطرق التقرير للتنمية الاقتصادية والبنية التحتية للصحراء المغربية، فضلا عن استمرار المغرب في تنفيذ استثمارات كبيرة بالأقاليم الجنوبية، وأبرز الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره أيضا مضمون الرسالة الملكية التي تؤكد الطابع" الذي لا رجعة فيه" للتدابير السلمية التي اتخذتها المملكة المغربية على مستوى المعبر الحدودي بالكركرات لاستعادة حرية الحركة المدنية والتجارية، كما أكد التقرير أن "المغرب ظل متشبثا بوقف إطلاق النار".

إن التقرير السنوي الذي قدمه "غوتيريس" مجلس الأمن الدولي، يندرج في اطار التوجه الدولي الذي يدعم عدالة القضية الوطنية، ويعتبر بمثابة خارطة طريق لمجلس الأمن الدولي بخصوص هذا الملف، من أجل التوصل الى حل سياسي وواقعي وعملي ومستدام في إطار السيادة المغربية.

إن الاستفزازات التي تقوم بها مليشيات البوليساريو تجعلها في وضعية عدم امتثال لقرارات مجلس الامن الدولي، ومنها القرار2548 الذي يأمر بالحفاظ على المنطقة العازلة فارغة، في هذه الحالة، يعطي القانون الدولي للمغرب حق الدفاع الشرعي عن النفس المنصوص عليه في المادة 51 من ميثاق الامم المتحدة.

إن "البوليساريو" خرقت الشرعية الدولية، ووضعت نفسها في مواجهة مع الإمم المتحدة والقانون الدولي، مع العلم أن المغرب طالما حافظ على هدوءه في ظل مراكمة الخصوم لإخطاء تمس الشرعية الدولية، وذلك بخرق شروط وقف اطلاق النار وعدم الالتزام بمقررات مجلس الامن الدولي، كما أن على الجزائر التي تدعي أنها فقط تقوم بدور الملاحظ النزيه وأنها ليست طرفا في النزاع، أن تتحمل مسؤوليتها القانونية والسياسية والتاريخية، بخلقها لهذا الكيان الوهمي، بغية مراهنتها على وهم الزعامة الإقليمية، ولعل ملحمة معبر الكركرات، قد اكدت للعالم زيف الخطاب الجزائري بكل أطيافه الرسمية والعسكرية والاعلامية والسياسية، حيث أكد أن المسالة تمثل قضية سيادية للجزائر تتعلق بعمقها الأمني الاستراتيجي، وهو ما يحيل الى الوقوف على أن الشمس لا يمكن تغطيتها بغربال.

إن المغرب القوي بالتحام جميع مكوناته على الثوابت المقدسة، وبإرثه الحضاري التاريخي الطويل، متشبث بالمنطق والحكمة وملتزم بصدق للتعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة في إطار احترام قرارات مجلس الأمن الدولي، قصد الوصول إلى حل نهائي على أساس مبادرة الحكم الذاتي...