مراد محمد لامين: النخب المسيطرة على الأحزاب لا ترى في الجهات الجنوبية سوى خزان انتخابي

مراد محمد لامين: النخب المسيطرة على الأحزاب لا ترى في الجهات الجنوبية سوى خزان انتخابي مراد محمد لامين

ما زالت "أنفاس بريس" تتوصل بآراء بعض الفعاليات بالأقاليم الجنوبية، بعدما لوحظ عدم حضور الكفاءات الصحراوية ضمن التشكيلة الحكومية الجديدة؛ حيث اعتبر البعض أن هذا الغياب يشكل خيبة أمل بالنسبة إليهم؛ علما أن الساكنة الصحراوية شاركت بشكل كبير وكثيف في المحطات الانتخابية التشريعية والجهوية والجماعية.

في ما يلي قراءة في الموضوع للفاعل المدني والحقوقي من الداخلة مراد محمد الأمين:

 

"اليوم تابعنا كغيرنا من أبناء الصحراء بالجهات الجنوبية الثلاث مخاض ولادة حكومة رجل الأعمال عزيز أخنوش، والتسريبات التي سبقتها من قبيل تداول بعض الأسماء الصحراوية كبروفايلات مرشحة للاستوزار داخل هذه الحكومة التي أريد لها أن تكون حكومة للتوافق والتناغم بين المركز والجهات.

غير أن هذه الأخبار والشائعات القادمة من صالونات النخب المخملية بالعاصمة الإدارية للمملكة بالرباط كانت بمثابة السراب الذي يحسبه الظمآن ماء، ولم تصمد كثيرا حين تم الكشف عن لائحة الوزراء الحقيقية بعد استقبالهم من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس.

 

لا شك أن تنظيم هذه الانتخابات قد مر بالصحراء في أجواء غير عادية طبعها تعثر التوافق بين أطراف النزاع حول تعيين مبعوث أممي، والتصعيد العسكري بين الطرفين مما يهدد نسف عملية السلام، وكذا التوتر المتصاعد مع الجار الشرقي للمغرب، فضلا عن مناكفات اللوبي الغربي بأروقة محكمة العدل الأوربية المناوئ للمغرب.

 

كل هذه المعطيات الجيوستراتيجية تبقى غائبة أو مغيبة عند من يمسكون حقيقة بميكانيزمات هندسة وإخراج الحكومة الحالية.

وقد كان بالإمكان أن تكون لحظة الإعلان عنها لحظة للفرح والاعتزاز لدى أبناء الأقاليم الجنوبية بدل أن تتحول إلى ما يشبه الصدمة والاستياء من نظرة الاستعلاء التي طبعت تعامل النخب المخملية بالمركز مع ساكنة الأطراف والهوامش.

فمازالت عقلية المغرب النافع والمغرب غير النافع ووسم الجنوب بوسم أرض السيبة حاضرة داخل المخيال الجماعي لهذه النخب.

 

لم يشفع لأبناء هذه الجهات انخراطهم في الأحزاب ومشاركتهم المكثفة خلال هذه الاستحقاقات الجماعية والجهوية والتشريعية، الشيء الذي جعل ممثل المملكة الدائم داخل أروقة الأمم المتحدة يسارع إلى صياغة رسالة عاجلة لمجلس الأمن يشيد فيها بهذه المشاركة الموسعة لأبناء الصحراء في هذه الاستحقاقات الانتخابية كدليل على انخراط الساكنة الأصلية وانصهارها في المشروع الوحدوي للمملكة المغربية.

 

اليوم يحس الكثير من الصحراويين بالغبن الممزوج بنوع من الإحساس بالاحتقار من طرف النخب المسيطرة على الأحزاب الوطنية التي لا ترى في الجهات الجنوبية سوى خزان انتخابي؛ ويكفي التذكير أن الجهات الجنوبية الثلاث تستأثر لوحدها بحصة 33 عضو في مجلس النواب.

 

فهل فعلا تفتقر الصحراء للكفاءات؟ وإن صح هذا الطرح، فهل عجزت الدولة طيلة هذه المدة التي تربو إلى أربعة عقود من خلق أو حتى صناعة نخب وكفاءات قادرة على تحمل المسؤولية؟

 

لا شك أن التمادي في تبني ونهج هذا السلوك ستكون له نتائج وخيمة على المدى المتوسط والبعيد على علاقة الصحراويين بالأحزاب وبجدوائية المشاركة في العملية السياسية ككل...".