إسماعيل الراجي: أضواء على واقع التنمية بجماعة توغيلت

إسماعيل الراجي: أضواء على واقع التنمية بجماعة توغيلت إسماعيل الراجي
تعاني الجماعات الترابية-القروية من جملة من الإشكالات التنموية، ومن بين الجماعات الترابية على صعيد جهة الرباط سلا القنيطرة؛ جماعة توغيلت بإقليم سيدي قاسم، التي بلغ تعداد ساكنها، حسب احصاء 2014 ما نسمته 14 764(RGPH2014).
تعيش جل ساكنة دواوير(31 دوار) توغيلت في وسط مجالي ووضع تنموي اقل ما يقال عنه "مأزق تنموي"، يعبر عن هذا المأزق واقع الخدمات الاجتماعية الأساسية؛ كحالة الطرق والمسالك؛ ووضعية تصريف المياه الناجمة عن استعمالات المنزلية؛ والامطار؛ والتلوث الناجم عن نفايات الاسطبلات والمنازل؛ ووضعية الإنارة العمومية؛ ناهيك عن الخدمات الاجتماعية الحيوية الأخرى، مثل الخدمات السوسيوثقافية، ونحوها من خدمات التي تستهدف ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم من فئات المجتمع التي هي في أمس الحاجة للمساعدة الاجتماعية.
تساهم الوضعية المزرية لبعض الخدمات الأساسية، التي تعرفها مجموعة من دواوير جماعة توغيلت_ كدوار أولاد لحمر ودوار طكاكعة أكبرا دواوير جماعة توغيلت من حيث المساحة وعدد السكان والأسر_ في زيادة ظنك عيش ساكنة، وحد من محاولتها للاستثمار في مجال أنشطتها، ما ينعكس عن الانسان والمجال بالسلب، فتضيع فرص تحقق التنمية المحلية.
تزيد وضعية الفقر(10.02%) والأمية(46.35%) ، على صعيد جماعة توغيلت من عوائق التنمية، حيث يلعب هذين المتغيرين دورا سلبيا في ترافع على قضايا التنموية المحلية.
فتجد جل الساكنة، تنأى بنفسها على دخول في معترك طلب تحسين وضعية الخدمات الاجتماعية الاساسية، آملة في مدبري ومسيري الشأن المحلي من منتخبين وغير منتخبين أن يأخذوا زمام المبادرة في هذا الوضعيات، لكن، كل تدخل شابته مجموعة من الخرقات والتلاعبات، أدت إلى نتيجة واقعية وهي حالة الطرق والمسالك ووضعية التلوث وعتمة بعض الدواوير في لليل.
ففي بعض الدواوير، التابعة لجماعات توغيلت، يعجز العقل على فهم دور جماعة توغيلت فيها خلال العقود المنفرطة منذ تأسيسها عام 1992م إلى اليوم؛ فإذا كانت البرامج الوطنية بالتشارك، حققت خدمة الكهربة والماء الصالح للشرب...إلخ، و المبادرة الوطنية للتنمية البشرية قدمت بعض البرامج للساكنة، فماذا قدمت الجماعة الترابية للدواير من حيث اعداد المجال الترابي، والبنية التحيتة التي تخص الأزقة والشوارع والمسالك...إلخ؟؟.
مطالب ساكنة جماعة توغيلت بسيطة وواقعية، وممكن تحقيقها فقط بالحكامة الترابية. فلو تم تفعيل المقتضيات الدستورية والقانونية المتعلقة بالجماعات الترابية، الرامية إلى تحقيق تنمية، لتحققت مجموعة من الخدمات الأساسية على أكمل وجه، وأصابت قطاعات حيوية أخرى كالاقتصاد التضامني الاجتماعي، وخلق بيئة مجالية واقتصادية محلية خلاقة، تحد من نزيف الهجرة إلى المدن.
إن المتتبع لشأن المحلي لجماعة توغيلت، وبقليل من تتبع؛ يشاهد ضياع فرص التنمية من سنة إلى أخرى، ومن مجلس جماعي منتخب إلى آخر دون مبالة.
وفي الحقيقة الأمر، من بين جملة المشاكل التي تقف عائقا أمام تحقيق التنمية في بعض الخدمات على صعيد جماعة توغيلت( خدمة الطرق والمسالك ببعض الوحدات والتلوث؛ والانارة، والخدمات السوسيوثقافية...) لا يمكن ارجاعها إلى سبب واحد، لكن من الأسباب البارزة والتي تثير ريبة، تخلف الفاعل المحلي عن مواكبة الحقوق المنصوص عليها، وعدم اكتراثه لها، وكأنها وضعية سليمة غير معتلة، وضارة لحد تشويه المجال العام.
إن تخلف جماعة توغيلت، في شأن التنمية عن بعض الجماعات الترابية في المجال، من المحتمل، بل شبه المؤكد، يمكن ارجاعه لهذا السبب، لو تم تسويته، لكان الأمر مختلفا ربما، والسبب؛ يكمن في نوعية الفاعل في جماعة الترابية، الممثل في المجالس المتعاقبة على تدبير شأن جماعة توغيلت. حيث الفاعل التنموي المحلي الذي تقدمه الساكنة لا يمتلك مجموعة من المهارات والمعارف البسيطة في تدبير الشأن المحلي، التي هي تحصيل حاصل من معرفة علوم الإدارة والتدبير والتسيير، والقوانين...والعلوم التي تجعل من قضية التنمية أحد اهتماماتها، ولا يستثنى من هذا فعاليات اجماعة، والمجتمع المدني.
فعوض ان يكون الفاعل المحلي بكل أطيافه، عاملا من عوامل تفعيل المساطر التنموية، تجده عائق أمامها، حيث لا يمتلك الحس والقدر الكافي من المعرفة من أجل تنزيل المقتضيات تدبير الشأن المحلي التي نص عليها المشرع في النصوص الدستورية، أو المواد التي وردت في قانون الجماعات الترابية، ليس حرفية النص، بل الغاية من أجلها وجد النص . هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، لا يمكن بأي حال من الأحوال وحسب واقع الامر، أن تلمح تنزيل المقاربة التشاركية على صعيد دراسة المشاريع؛ جل المشاريع تشرع بطريقة "القديمة"، لا مقاربة تشاركية ولا هم يحزنون. مع العلم، أنه بإمكان أن تساهم الساكنة وليس بعض "الجمعيات"؛ جمعيات المناكفات السياسية أو جمعيات فقاعات الهواء(دارو جمعية نوضوا نديروا جمعية) التي تجهل حتى قانونها الأساسي وما أعطاه المشرع من حقوق الفاعل التنموي المدني.
نعم لقد ساهمت بعض المجالس المتعاقبة على جماعة توغيلت في تحقيق بعض الخدمات، وساهمت بعض الجمعيات في خلق ثقافة العمل الجمعوي، وكانت سباقة في هذا الشأن، وبادرت إلى لعب مجموعة من الأدوار التي تخص الشأن المحلي، لكن هذا لا يعني أن الأمور على ما يرام على صعيد جماعة توغيلت، بل الواقع يقول أن هناك خلل كبير في تدبير الشأن المحلي والتنمية، فيمكن النزول إلى وحدة من دواوير جماعة توغيلت_دوار أولاد لحمر _ لمعاينة واقع التنمية من حيث بعض الخدمات التي لا يمكن إدارة الدهر لها.
فدوار أولاد لحمر، يعبر أكبر تجلي لمشكلة الطرق والمسالك، والتلوث الناجم عن مياه الأمطار والمنزلية المستعملة، ونفايات المنزلية والاسطبلات، وعتمة الدوار في الليل...إلخ.
على مجلس المنتخب في جماعة توغيلت الحالي، أن يقوم بدراسة المجال الترابي لجماعته، دراسة حقيقية تراعي الأبعاد المعرفية التي تتعلق بسياسات الترابية، فلا يمكن أن يتم تغلب على اكراهات التنمية المحلية دون دراسة تشخيص دواوير جماعة توغيلت كل دوار على حدى، وعدم تطبيق سياسة الكيل بمكيالين اتجاه دواوير الجماعة...وغيرها من الممارسات المشينة في تدبير الشأن المحلي.
 
إسماعيل الراجي، طالب باحث