وإذا كان المغرب من بين الدول التي تدعم تقرير مصير جمهورية القبائل، هذا الدعم المغربي الذي رأت فيه الجزائر عملا عدائيا ضد وحدتها الوطنية، فلماذا تتناسى أنها دعمت هذا الطرح في ملف الصحراء منذ 1976 دون أن تعاتبها المملكة على ذلك، بل تشبثت بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة واقترحت الحكم الذاتي كحل واقعي لحل أزمة هذا النزاع الذي عمر طويلا فأنهك خيرات الجارة الشرقية، في حين كان بالنسبة للمغرب حافزا على التحدي و التنمية والإعمار بإرادة صلبة لا تعرف الوهن وسواعد لا يصيبها الكلل أو السقم .
في ظل هذه التطورات على الجزائرأن تعي أن أي تهور من جهتها أو أي محاولة منها لزعزعة الأمن الاقليمي سيتم التعامل معه بالحزم المعهود في المغرب، فالتاريخ لا ينسى، و خير مثال حرب الرمال التي خلفت عقدة نفسية لدى النظام الجزائري منذ ان توغلت قواتنا المسلحة حتى تخوم تندوف، حينها أصدر المرحوم الحسن الثاني أوامره للقوات المغربية بالتراجع بعد أن لقنت للآلة العسكرية الجزائرية درسا لن تنساه. والحالة هذه أن المغرب واع تمام الوعي بما يفكر فيه جينرالات المرادية الذين يبحثون بإلحاح عن أي قشة ولو كانت حربا لتأكيد أطروحتها المشروخة في أن الخطر الوحيد الذي يتهدد الجزائر هو المغرب، ومن هنا تحاول أن تضفي المشروعية على عقيدة العداء التاريخي لمصالح المغرب ووحدة أراضيه.
إن ما عرفه المغرب من تنمية و ازدهار وبناء لدولة المؤسسات وسن ترسانة قانونية واضحة ودستور يقنن حياة الأفراد و الجماعات، فهذا لا يدع للشك أي مكان في التقدم العسكري الذي واكب هذه المنجزات تحت القيادة الرشيدة للمرحوم الملك الحسن الثاني و جلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده، ليظل المغرب على الرغم من جاهزيته الأمنية ينهج سياسة اليد المبسوطة للحوار وسياسة ضبط النفس في التعامل مع الازمات الإقليمية و الدولية، علما منه أن دوافع القرارات الجزائرية الأخيرة ماهي إلا نتاج لسحب البساط من تحتها في قضية الصحراء المغربية لأنها أصبحت متأكدة اكثر من ذي قبل أن حلحلة الملف اصبح قاب قوسين او أدنى. وهذا سيضع نظام العسكر لا محالة أمام المساءلة الشعبية حول هدر ملايير الدولارات من أجل حلم ظل يولي وجهه لقبلة الحرب الباردة ليتبدد أخيرا في الهواء، بهذا فعقلية العسكر تواقة لإيجاد شماعة تعلق عليها فشل سياستها التي أوقفت عجلة التطور في البلاد، فحكام قصر المرادية يعلمون علم اليقين تكلفة الحرب ونتائجها، والمراد من هذه الحملة الهوجاء هو أن يقوم المغرب بردة فعل ما، إلا أن هذا الاخير اختار أن يلتزم صمتا مطبقا ليزيد من سعار النظام الجزائري الذي يسعى الآن من أجل وساطة فقط للحفاظ على ماء الوجه، و ما دام هذا الأمر نفسه محل شك