بن يونس المرزوقي: انتخابات شتنبر2021.. من عاقب حزب العدالة والتنمية؟

بن يونس المرزوقي: انتخابات شتنبر2021.. من عاقب حزب العدالة والتنمية؟ بن يونس المرزوقي، وصقور البيجيدي

إن النتيجة الكارثية التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية، تضع المتتبعين أمام أسئلة عدة. تدور كلها حول محاولة فهم مسببات هذا السقوط المدوي، والذي لم يكن في حسبان جل المهتمين.

الآن وقد خفت رد الفعل يمكن العودة للموضوع بهدوء، من خلال تحليل فيه بعض الموضوعية.. والكثير من الذاتية.

إن التمحيص في نتائج استحقاقات 8 شتنبر2021، تبين أن حزب العدالة والتنمية قد تمت معاقبته، فعلا.. لكن من "عاقبه"؟

يبدو لي أنه تظافرت عوامل عديدة، بعضها بمثابة عقاب داخلي (وهذا هو الأساسي)، وبعضها خارجي (وهو المكمل).

كنت ولا زلت أدافع عن فكرة أساسية، وهي أن عهد تزوير الانتخابات قد ولى إلى غير رجعة. فالدولة لم تعد تطيق التهجم على الاستحقاقات تحت مبرر "التزوير"، سواء من قبل الراي العام الدولي أو حتى من قبل القوى السياسية الداخلية. وطبعا هذا التوجه ينبغي ألا يحجب عنا الحياد "السلبي" للإدارة والذي "يسهل" العمل خارج صناديق الاقتراع.

مناسبة هذا الكلام هو أولا استبعاد فكرة أنه تم "تزوير" الانتخابات لإبعاد وإقصاء ومعاقبة حزب العدالة والتنمية.

أولا: العقاب من أطراف داخلية

يتعلق الأمر هنا باستحضار العلاقات المتشابكة بين حركة دعوية وواجهتها السياسية.

واضح من خلال متابعة صيرورة الأحداث، أن العديد من الوقائع قد سهلت عملية تباعد في المواقف، خاصة في المواضيع الكبرى من قبيل:

موضوع التطبيع مع إسرائيل؛

-  مسألة اللغة الفرنسية في التدريس عند مناقشة القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي،؛

- القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة القنب الهندي؛*

ففي محطات عديدة كان الرأي "الدعوي" مناقضا الرأي "السياسي"، ومن الطبيعي جدا أن الحركة يتعاقب الحزب على عدم انضباطه.

وينضاف لذلك منخرطو ومتعاطفو الحزب نفسه.. فقد تكاثر الناقمون: المتضررون من التعاقد.. المتقاعدون.. كما سنرى أدناه.

وحتى جماعة العدل والإحسان، ظهر أن موقفها لن يكون داعما لحزب العدالة والتنمية، خاصة باعتبار أن نشاطها قد خفت طيلة تدبير حزب العدالة والتنمية للشأن الحكومي.

الخلاصة الأولية، هي أن أكبر "عقاب" انتخابي لحزب العدالة والتنمية، يرجع لعوامل داخلية أساسا.

لكن، لا ينبغي أن يفهم من هذا أن الفئات المذكورة قد صوتا ضد حزب العدالة والتنمية، لا غالبا إنها امتنعت عن التصويت ولم يشارك إلا الجزء المتضرر ماديا كنا سنرى.

ثانيا: العقاب من أطراف خارجية

يمكن القول أنه من هذه الزاوية، كانت جهات عديدة تريد "إسقاط" حزب العدالة والتنمية. ورغم أنه من الصعوبة بمكان تحديدها بدقة، إلا أنه يمكن القول بأن فئات اجتماعية عديدة تضررت من السياسات العمومية للفريق الحكومي لهذا الحزب.

يمكن هنا باختصار أن نذكر بملف التقاعد، وبملف الأساتذة المتعاقدين، وبملف الأطباء الداخليين، وملف الممرضين والممرضات، وبملف المحاسبين المعتمدين...الخ.

فئات كثيرة تضررت من السياسات العمومية للحكومة، وكانت في مواجهة معها لسنين عديدة. بقي فقط ان نشير إلى أن جزء من هذه الفئات قد يكون قد ساهم في انتصارات سابقة لحزب العدالة والتنمية.

ومن المهم هنا أن نستحضر أن الدولة من خلال الأجهزة المشرفة على الانتخابات قد تلقت نوعا من الهزيمة حين فشل مشروع حزب الأصالة والمعاصرة خلال استحقاقات 2016 من تبوأ المرتبة الأولى، وحين كان حزب العدالة والتنمية يقدم نتائج استحقاقات 2016 التشريعية مفتخرا "بانتصاره" الذي كان منفوخا فيه.

هي عوامل متعددة..لكن يجمعها هدف واحد: مقاعد حزب العدالة والتنمية (125) غنيمة مشاعة.. من حق أي حزب أن يستفيد منها.. وكل حسب احتياجاته.. وليس حسب عمله أو اجتهاداته.

 

بن يونس المرزوقي، أستاذ باحث بكلية الحقوق وجدة