الدكتور تدموري لمعتقلي حراك الريف: معالجة أوضاعكم تحتاج لتظافر جهود كل الديمقراطيين ممن لم يتورطوا في الفساد السياسي

الدكتور تدموري لمعتقلي حراك الريف: معالجة أوضاعكم تحتاج لتظافر جهود كل الديمقراطيين ممن لم يتورطوا في الفساد السياسي

وجه الدكتور عبد الوهاب تدموري، المنسق العام لمنتدى حقوق الإنسان بشمال المغرب، رسالة إلى معتقلي حراك الريف يشرح فيها موقفه تجاه وضعهم داخل السجون وأثناء المحاكمات، كما يلتقط فيها مضامين رسائلهم المسربة أو المنقولة، مشيرا إلى أنه يختلف مع بعض الأفكار الواردة فيها.. مضيفا أن ما يتجلى منها في شكل وعود كاذبة بانفراج وشيك لوضعيتهم لا ينبغي أن يشوش أفكاركم ووضوح نظرتكم لواقعكم كمعتقلين سياسيين. محملا الدولة تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، إذ يقول أن لا جديد في الدولة والنظام، وأن النضال من أجل الكرامة والحرية والديموقراطية ما زال شاقا وطويلا يحتاج تظافر جهود كل الديموقراطيين المغاربة ممن لم يتورطوا في الفساد السياسي والاقتصادي.. في ما يلي نص الرسالة كاملا:

"رسالتي إلى  الاخوة المعتقلين على خلفية الحراك الشعبي سواء الأصدقاء منهم  أو من لم يسبق أن تعرفت عليهم.سواء المتواجدين منهم بسجن عكاشة أو بالحسيمة أو بباقي السجون.

تحية عالية لكم عن صمودكم ومواجهتكم لظروف الأسر وما تتسم به من قساوة تنطح بها برودة الجدران وشماتة بعض الخاصة الذين يحظون بزيارتكم  قصد تسويق ما جد من الأوهام .

تحية عالية لعائلاتكم التي تعاني الأمرين من أجل ضمان التواصل معكم وتمكينكم قدر المستطاع من ما تبقى من دفء عائلي أبت إلا أن تغتاله خفافيش الظلام.

تحية عالية لكل من آزركم عن صدق وتضامن معكم على حق وضد كل أشكال الظلم والهوان.

أقول لكم، وأخص بالذكر أصدقائي وكل الإخوة  المعتقلين، إننا دأبنا على قراءة بعض رسائلكم  المسربة أو المنقولة، ورغم اختلافي مع بعض الأفكار الواردة فيها التي لا أرى أن الوقت مناسب لمطارحتها، إلا أني أتفهمها، وأقدر ما أنتم فيه من معاناة وحصار وما أنتم عليه من ضغوطات مختلفة، حتى ما تجلى منها في شكل وعود كاذبة بانفراج وشيك لوضعكم، تشوش على أفكاركم ووضوح نظرتكم لواقعكم كمعتقلين سياسيين أولا عانقتم أفكارا كالحرية والعدالة والكرامة، وهي كلها مطالب أكبر مما يمكن أن تستوعبه ذهنية دوائر القرار في الدولة. وطالبتم بكل سلمية بما يضمن لأهل الريف، ومن خلاله كل الوطن شروط العيش الكريم، وهي كلها مطالب بدت مستفزة لمن تغاضت أبصارهم عن مرارة العيش للسواد الأعظم من الشعب أو وهم به غير مكترثين.

إنها كلها أفكار ومطالب رغم مشروعيتها وسلمية الأشكال التي تم التعبير من خلالها عنها، إلا أن الدولة العميقة، ومن يتحكمون في صناعة القرار، حولوها إلى صك اتهام يجسد كل أشكال المؤامرة والانفصال. وحتى يبدو المشهد تراجيديا أكثر فأكثر، يتم تقديمكم للمحاكمة من داخل أقفاص زجاجية مغلقة تحرسها قوات من مختلف الأنواع والأشكال. كل هذا فقط أصدقائي من أجل تبرير ما يطبخ من قساوة في الأحكام.

أقول هذا أصدقائي، وكان بودي أن أقوله لكم مباشرة لو سمح لي بزيارتكم في المرات العديدة التي تفضلت بطلب الإذن بها، تفضلتم أنتم بطلبها كذلك لدى مختلف المعنيين والمسؤولين عليها. وحتى أكون صريحا معكم، كما عاهدنا بعضنا دوما أن لا جديد في الدولة والنظام، وأن النضال من أجل الكرامة والحرية والديموقراطية ما زال شاقا وطويلا يحتاج تظافر جهود كل الديموقراطيين المغاربة ممن لم يتورطوا في الفساد السياسي والاقتصادي للدولة المخزنية. وأن الدولة ما زالت متمادية في مقاربتها الأمنية دون أن تحتكم إلى صوت العقل والحكمة، وما يفترضه من جرأة من أجل معالجة الأوضاع التي، آجلا أم عاجلا، ستنقلب على الجميع إلى آفة ونقمة.. وإن وإن وإن…. وإن العفو بالشكل الذي يتم تسويقه لكم من طرف بعض الخدام، يصنف في خانة الأوهام التي تسعى إلى التركيع والإذلال، وبما أنكم معتقلو الحرية والكرامة فترقبوا بكل شجاعة ما ينتظركم من جور في الأحكام .

وبما أن المعركة شاقة وطويلة أوصيكم أصدقائي بترشيد نضالاتكم وتوحيد صفوفكم، دون أن تنسوا العمل على توحيد نضالات عائلاتكم. وارفعوا  أمام المحاكم من سقف مرافعاتكم لتجعلوا منها مرافعات سياسية تلامس كل القضايا التي تهم ريفكم وكل وطنكم في شأن الحرية والكرامة والتنمية والديموقراطية، وفي شأن شكل الدولة وشكل السلطة والسيادة، ومفهوم الوحدة الوطنية الذي يتيح للمغاربة  جميعا  أن يعيشوا أحرارا في وطنهم، وليس عبيدا تنخرهم كل أشكال التخلف والهشاشة .

أقول لكم أصدقائي، إن ما نحن عليه من أوضاع  اقتصادية واجتماعية وسياسية فاسدة ومتردية، وأمام ما تنتهجه الدولة من سياسات ومقاربات تروم إلى معالجة ظواهر الأمور وليس بواطنها، فلا يمكن إلا أن نشهد المزيد من العنف والكراهية وفقدان الثقة بين الشعب من جهة، والدولة وجميع مؤسساتها من جهة أخرى، وأن الشعب في الأخير هو من ستؤول إليه الكلمة في النهاية، وهو من سيفرض في المدى المنظور معادلات نوعية ستؤدي لا محالة إلى تعاقدات سياسية واجتماعية تراعي رغبات الشعب المغربي في الحرية والتنمية والديموقراطية، لتؤسس بذلك لمرحلة سياسية جديدة، يكون فيها العفو الشامل على جميع المعتقلين السياسيين  ومحاسبة المسؤولين عنها أحد مداخلها الأساسية .

وإلى ذلك الحين أصدقائي اعملوا على توحيد نضالاتكم ونضالات عائلاتكم، واعملوا علي ترشيد خطواتكم حتى توفروا مقومات استمراركم وصمودكم، واجعلوا من شعار تحسين شروط اعتقالكم وتجميع معتقلي الحراك الشعبي إحدى أولويات نضالاتكم من داخل مختلف أماكن اعتقالكم .

وفي الأخير دمتم ودمنا أصدقائي، للنضال من أجل الحرية والكرامة والديموقراطية أوفياء".