من تسريبات كولمان إلى استهداف المخابرات المغربية.. إخراج رديء لسيناريو خبيث

من تسريبات كولمان إلى استهداف المخابرات المغربية.. إخراج رديء لسيناريو خبيث عبد الرحيم أريري

كلما برزت إشراقة ما للمغرب في هذا المجال أو ذاك، إلا وتحركت ماكينة القوى الاستعمارية التقليدية للتشويش على طموح المغرب في أن ينحت لنفسه مكانة بين الأمم. هذا التحرك القذر يتم عادة عبر تسخير الأذرع الإعلامية والجمعوية لشن حملة ضد المغرب، مثلما يحدث اليوم بعد تسخير صحف ومواقع إعلامية فرنسية للعزف على وتر واحد مع منظمةّ «أمنيستي» و"فوربيدن ستوري"، بخصوص مزاعم التجسس وتسريب إشاعات وفرضيات مخدومة، بغرض تشويه المغرب وإلحاق الأذى بصورته لدى الرأي العام الدولي. والمثير في هذه الحملة أنها تستهدف المؤسسة الملكية والدائرة المقربة منها. وهو استهداف ذو مغزى خطير ومستلهم من التنظيمات الإرهابية.

 

فالإرهابيون لما أرادوا تفجير مبنى توين سنتر بنيويورك في شتنبر 2001، استهدفوا نقطة ارتكاز المبنى حتى إذا نسفت نقطة الارتكاز ينهار المبنى، وهذا ما عشناه في الأحداث الأليمة التي هزت أمريكا آنذاك. نفس التكتيك الإرهابي تقوم به اليوم وسائل الإعلام الغربية عامة والفرنسية على وجه الخصوص، تضاف لها «أمنيستي» وبضع منظمات فلكية لتأثيث المشهد، إذ يسعون بكل ما أوتوا من خبث استهداف نقطة ارتكاز المؤسسة الملكية بالمغرب، المتمثلة في المؤسسات الأمنية بمعناها العام (جيش، درك، شرطة، استخبارات، قوات مساعدة، الإدارة الترابية، القضاء، السجون، الديبلوماسية)، حتى إذا تم نسف هذه المؤسسات يسهل عليهم كقوى استعمارية، نسف المؤسسة الملكية، وبالتالي إضعاف المغرب وتحويله إلى لقمة سائغة يتلاعبون به كما يشاؤون.

 

التسريب المخدوم لمزاعم التجسس لنفس وسائل الإعلام الغربية التي ألفت التحرش بالمغرب لضرب مصداقية وحرفية المؤسسة الأمنية الاستخباراتية بالمغرب، اعتمد نفس السيناريو السابق الذي تم تبنيه في عام 2014 بعد فشل أعداء المغرب (عام 2013)، في تمرير مسودة تروم توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء.

 

إذ ما أن عين الملك محمد السادس، سفيرا متمرسا في الأمم المتحدة (في شخص عمر هلال)، يوم 15 أبريل 2014، حتى تناسلت التسريبات المخدومة ضد المغرب في أكتوبر 2014، ونقصد بها "تسريبات كولمان".

 

لماذا؟

لتشويه صورة السفير المغربي عمر هلال، وجعله غير مقبول في الوسط الديبلوماسي بنيويورك            Infréquentableبحكم أن أعداء المغرب كانوا يعون أن عمر هلال له إلمام قوي بالملف الخاص بالصحراء وذو دراية عميقة بتشعبات ودسائس المنظمات الدولية وارتباطاتها (لا ننسى أن الرجل كان أحد ركائز المغرب بجنيف)، مما ولد الانزعاج من أن ينسف عمر هلال دسائس خصوم المغرب بنيويورك مثلما نسفها في جنيف.

 

والمثير أن من كان ينفخ في الجمر ويطبل لتسريبات كولمان آنذاك هي نفس الجوقة: «أمنيستي» ونفس الصحف والمواقع الفرنسية !!

 

الأنكى من ذلك أنه في نفس السنة، أي 2014، (يا للصدفة) اختارت أمنيستي المغرب ضمن 4 دول أخرى (نيجيريا - المكسيك - الفلبين وأوزبكستان) ليكون ضمن محور حملة دولية بعنوان «أوقفوا التعذيب» بشكل يوحي وكأن المغرب تحول إلى «مسلخ». والحال أن المرء لما يتفحص «مرتكزات» أمنيستي في عام 2014 نجدها ترتبط بحالة واحدة، وهي حالة «علي عراس» المدان في قضايا الإرهاب، علما أن مدانين في الإرهاب بأمريكا كانوا يوجدون في وضع أفظع وأسود من علي عراس وكانوا «مدفونين» في جزيرة عسكرية «غوانتانامو» لمدة سنين وبدون محاكمة، ومع ذلك لم تجرؤ، لا «أمنيستي» ولا غيرها من الصحف الفرنسية والألمانية والإسبانية والهولندية، على فضح الولايات المتحدة، أو غيرها من الدول الأوربية، بسبب الخوف من قطع التمويل على «أمنيستي» من طرف الوكالات والحكومات الغربية، وبسبب أن الصحف الأوربية تخشى ردة فعل عنيفة من الولايات المتحدة ضد حكومات بلدانها.

 

هذا السيناريو البئيس يتكرر اليوم مع استهداف المؤسسة الأمنية المغربية، في شخص عبد اللطيف الحموشي، بحكم أن هذا الأخير لا ولاء له إلا الولاء للمغرب ولملك المغرب ولشعب المغرب. وبحكم أن المخابرات المغربية أضحت ندا للند لمخابرات أقوى الدول، بل وأضحت هذه الأخيرة تخطب ود المخابرات المغربية أملا في الحصول على معلومة أو مساعدة لفك شفرة خلية إرهابية أو عصابة عابرة للقارات.