عزيز خمريش:متى يتم افتحاص ثروات بعض الزعماء السياسيين الذين اغتنوا بشكل فاضح؟

عزيز خمريش:متى يتم افتحاص ثروات بعض الزعماء السياسيين الذين اغتنوا بشكل فاضح؟

يرى الدكتور محمد عزيز خمريش، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة الحسن الأول بسطات، في اتصال له مع "أنفاس بريس" بأنه تاريخيا كان القصر، هو مصدر المنافع والإمتيازات والعطاء ويحتكر التوزيع والتقسيم لتدجين النخب وشراء المثقفين وبعض المفكرين المناهضين للسلطة السياسية، من خلال التعيين في المناصب السامية، والمأذونيات، و رخص الصيد في أعالي البحار، والمقالع وغيرها، و أن هذا الطابع كان خاصة إبان حكم الراحل الحسن الثاني، حيث ظل شعار إدريس البصري آنذاك هو -من لا يشترى يدمر- !
لكن الملك محمد السادس يضيف خمريش وللتخلص من هذه التركة الثقيلة نهج سياسة بديلة متمثلة في الحزم والصرامة سواء على مستوى إدارة الشأن العام الداخلي أو على مستوى تدبير السياسة الخارجية خاصة مناهضة انحرافات الأمين العام السابق للأمم المتحدة (بان كيمون) والرد القوي في قضية الكركرات والتصريحات الأخيرة لوزارة الخارجية الجزائرية التي اتهمت الدولة المغربية بتبييض الأموال والإتجار في المخدرات وتسخير عائداتها المالية لإكتساح السوق الإفريقية، وللمصالحة مع منطقة الريف وإنصافها تنمويا بعدما تعرضت للقمع والتهميش تاريخيا ثم تدشين سياسة الأوراش الكبرى (الحسيمة منارة المتوسط). والذي عرف مجموعة من التعثرات متجسدة في ضعف المواكبة والتتبع والبطء في إنجاز الأشغال المبرمجة ليتم إخضاع المشروع برمته للتدقيق والإفتحاص من قبل المجلس الأعلى للحسابات، الذي أصدر تقريرا مفصلا في هذا الشأن يقتضي قراءات متعددة عرضها محدثنا كالتالي:
• 1 /عدم تحميل المسؤولية السياسية والقانونية لرئيس الحكومة السابق بصفته المنسق الوحيد بين جميع القطاعات الوزارية من خلال ترأسه للمجلس الحكومي الذي يبقى مختصا في تتبع ومواكبة وإنجاز المشاريع.
• 2 /الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية تمت تصفيته سياسيا كعقاب له على تحالفه ودفاعه عن بن كيران هذا الأخير الذي ابتلع لسانه وصام عن الكلام. كما يقول البيت:
صلى وصـام لأمــر فـي نفسـه ....فلما انقضى الأمر فلا صلى ولا صام

• 3 /حزب العدالة والتنمية يتحمل المسؤولية المادية والمعنوية في إشعال الحرائق الإجتماعية والإحتجاجات التي عرفها المغرب بما فيها أحداث الحسيمة نظير سياسته المفلسة التي أزمت الأوضاع وأنتجت العطالة والمديونية وضرب القوة الشرائية للمواطن.
• 4 /بعض الوزراء الذين طالهم قرار الإعفاء نتيجة الإهمال والتقصير من طينة رجالات الدولة الكبار وراكموا خبرات واسعة في مجال التدبير ويعتبرون أكثر كفاءة من وزراء العدالة والتنمية الذين يدبرون الحكم بالفاتحة والدعوات وتوظيف الحقائب التي يشغلونها لاستمالة الناخبين دون القدرة على امتلاك مشروع فكري تنموي مندمج كفيل بإيجاد الحلول للمشاكل التي يعيشها المواطن، فلا يمكن لعاقل أن يقارن بين حصاد والخلفي أو بين حداد وبوليف لا من حيث التكوين ولا من حيث الخبرة ولا من حيث التجربة.
• 5 / أشار التقرير بشكل محتشم إلى التعثرات التي عرفتها المشاريع المرتبطة بوزارة الفلاحة دون أن يذكر لا من بعيد ولا من قريب أن الهزات التي عرفتها مدينة الحسيمة اندلعت شرارتها الأولى بمقتل بائع السمك محسن فكري وأن قطاع الصيد البحري يقع تحت مسؤولية وزير الفلاحة.
• 6 /فلسفة العقاب توحي بالملموس دستوريا أن الوزراء يوجدون في علاقة تبعية مباشرة للملك وليس لرئيس الحكومة وأن استشارة هذا الأخير قبل اعفائهم لا قيمة لها سواء كانت بالرفض أو القبول.
• أثبتت التجربة أن خلق الأحزاب من قبل نظام الحكم سياسة مفلسة لأن هذه الكيانات المصطنعة فشلت في الإستجابة لانتظارات المواطنين ليجد القصر نفسه في مواجهة مباشرة مع الشارع.
• 7 / من خلال القراءة الإستنباطية للوثيقة الدستورية وتدقيقا لمقتضى ربط المسؤولية بالمحاسبة يستشف أن الملك مسؤول أمام الله والتاريخ وغير مسؤول أمام الشعب.
• 8 /الإعفاءات الأخيرة جاءت بنظرية جديدة في التأديب مفادها أن نظافة اليد والطهرانية لا تعني شيئا أمام المطالب المتنامية لعموم الشعب المغربي، فالتقصير والإهمال مرادف لسوء التسيير مع إضافة عقوبة بديلة للمعنيين وهي إعدام مستقبلهم السياسي والمهني متجسدة في عدم تحملهم لأي مهمة رسمية في دواليب الدولة مستقبلا

لكن المسكوت عنه يختم خمريش ، هو إشكالية الجمع بين السلطة والثروة والإجابة الشافية عن سؤال القطع مع أطروحة خدمة العمل السياسي للثراء الفاحش !إذ متى يتم افتحاص ثروات بعض الزعماء السياسيين الذين اغتنوا بشكل فاضح؟ وما هو الوصف القانوني لامتيازات خدام الدولة؟ الجواب هو بكل بساطة، استنزاف الثروة الوطنية وتوزيعها بشكل غير عادل.