هل اطلع وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر في حكومة سعد الدين العثماني على حصيلة الإحصائيات والأرقام الرسمية المخيفة لظاهرة العنف بالوسط المدرسي ومحيطه، وأسبابه، ومسبباته على المستوى الوطني؟ هذا السؤال المحوري في المسألة التعليمية يدق ناقوس الخطر لتنبيه القائمين على قطاع التعليم الذي تسللت إليه كل ما يخالف قيمنا الأخلاقية والتربوية، وتلقى ضربات موجعة بمخططات استعجالية تحت الحزام. حتى بتنا نضع أيدينا على قلوبنا كل ساعة مخافة أن تتحول مدرستنا العمومية خزانا ومصدرا للعنف بكل أشكاله. سنقتصر في هذه الورقة على تسليط الضوء على حصيلة حالات العنف بالوسط المدرسي بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين (الرباط سلا القنيطرة)، وتحديدا على مستوى مجال مديرية التعليم بإقليم الرباط خلال الفترة الممتدة ما بين 31 / 01 / 2017 إلى 30 / 06 / 2017، لاستنطاق الأرقام في عقر دار معالي الوزير حصاد.
ـ العنف الممارس بمحيط المدرسة وبداخلها وأنواعه :
حسب الوثيقة الإحصائية لمصلحة الشؤون التربوية بذات المديرية، تتوفر "أنفاس بريس" على نسخة منها، يتضح أن العنف الذي مورس خلال تلك الفترة داخل المدرسة قدر بـ 528 حالة، أي بنسبة 73,43% خلاف محيطها الذي سجلت به 191 حالة بنسبة 26,66% (العنف حسب الوسط بلغ 719 حالة). أما العنف حسب نوعيته فقد بلغ 719 حالة وزعت على ستة أنواع من العنف الممارس بمدارس الرباط. العنف الجسدي بلغ 550 حالة بنسبة 76,49%. العنف اللفظي 109 حالة بنسبة 15,15%. العنف المادي 57 حالة بنسبة 7,92%. أما العنف الرقمي فاكتفى بحالتين (02) أي بنسبة 0,27%. أما التحرش الجنسي فقد سجلت الاحصائيات حالة وحيدة بنسبة 0,13%. وصفر حالة بالنسبة للاغتصاب.
ـ العنف حسب الأطراف الفاعلة في عقر دار معالي الوزير:
يتضح أن مكونات وأطراف الحقل التربوي بمجال مديرية التعليم بإقليم الرباط قد بلغ 719 حالة، وزعت حالاتها حسب الأطراف الفاعلة فيه. فبالنسبة للعنف المتبادل بين التلميذ والأستاذ فقد بلغ في نفس الفترة المسجلة أعلاه 96 حالة بنسبة 13,15%. واحتل عنف التلاميذ فيما بينهم المركز الأول (تلميذ/ تلميذ) بما مجموعه 499 حالة بنسبة 69,40%. وارتفعت نسبة عنف الغرباء مع باقي الأطراف في المؤسسات إلى 1,66%. وسجل عنف الأساتذة فيما بينهم نسبة 0,13% (حالة واحدة). أما بخصوص العنف بين التلاميذ والإداريين فلم يتجاوز نسبة 0,41% بمجموع ثلاثة حالات. ورصدت الإحصائيات صفر حالة عنف بين الإداريين. أما بين الغرباء وباقي الأطراف بالمؤسسات فسجلت 12 حالة بنسبة 1,66%
ـ العنف حسب النوع:
فبالنسبة لجنس الذكور فقد سجلت الإحصائيات نسبة 59,80% بمجموع 430 حالة. في حين تم رصد 183 حالة بالنسبة للإناث فيما بينهم بنسبة 22,67%. أما على مستوى العنف الممارس بين الذكور والإناث فقد تم تسجيل ما مجموعه 126 حالة أي بنسبة 17,52%.
ـ العنف حسب الأسباب ونسب الحملات التحسيسية بالمؤسسات:
في هذا السياق سجلت الإحصائيات ارتفاع أرقام الأسباب غير التربوية مقارنة مع الأسباب التربوية، حيث سجلت نسبة 56,66% بالنسبة لأسباب العنف غير التربوية بما مجموعه 407 حالة بالمدرسة، أما فيما يخص الأسباب التربوية فقد سجلت الإحصائيات 312 حالة أي بنسبة 43,39%. وقدر مجموع الحالات بـ 719 حالة عنف بين التربوي وغير التربوي. إلا أنه على مستوى تدخل المعنيين شركاء العملية التعليمية والتربوية لمعالجة ظاهر العنف بالوسط المدرسي للقيام بحملات تحسيسية فلم تتجاوز 319 مؤسسة تعليمية استفادت من ذلك، أي بنسبة 57,78%. وأطرت المديرية العامة للأمن الوطني بالرباط 165 مؤسسة بنسبة 29,89%. واكتفت فعاليات المجتمع المدني بتأطير وتحسيس 68 مؤسسة بنسبة 12,31% . أي أن حملات التحسيس لم تتجاوز 552 فعل تأطيري وتحسيس.
ـ توزيع العنف حسب شهور سنة 2017:
هذه الأرقام والنسب المخيفة التي عرفتها ظاهرة العنف بالوسط التعليمي عرفت ارتفاعا ملحوظا على مستوى شهور دروة التحصيل التعليمي سنة 2017، نبسطها على طاولة معالي الوزير لعل وعسى يقرأها قراءة في علاقة بواقع المدرسة العمومية:
شهر يناير من نفس السنة عرف تسجيل 107 حالة ( 14,88% ). أما شهر فبراير فقد رصدت مصلحة الشؤون التربوية 118 حالة بزيادة 11 حالة (16,41%). وبدروه شهر مارس عرف ارتفاع منسوب العنف بـ 171 حالة أي بنسبة (24,20%). وبخصوص شهر أبريل تم رصد 146 حالة بنسبة (20,30%). ليتراجع الرقم إلى 115 حالة بنسبة ضئيلة خلال شهر ماي بنسبة (15,99%)، وشهر يونيو بنسبة (8,62%) أي بمجموع 62 حالة.
فما هي الأسباب الحقيقية التي فسحت المجال أمام ظاهرة العنف لاكتساح المدرسة العمومية؟ وما هي سبل معالجتها؟؟؟