كثر الحديث منذ فصل الصيف للسنة الجارية، عن أسباب إغلاق متجرين لبيع الخمور بمدينة اليوسفية، ما يقارب نصف السنة، حيث اجتاح جفاف "الخمور" مدينة الفوسفاط التي كانت تسمى سابقا باريس المغرب في عز أيام مركز التموين التابع للمجمع الشريف للفوسفاط "الكونوما". الذي كانت تروج وتسوق به أجود الكحول بمختلف الأنواع الراقية، للمسلمين والنصارى.
لقد نسجت حكايات وقصص من خيال البعض عن سبب الإغلاق وارتباطه بارتفاع منسوب الجريمة. حزب شاربان ومنخرطيه، وخلاياه التنظيمية، والعاطفين عليه، استطاعوا أن يقفوا على انعكاس هذا الإغلاق غير المبرر لأهم صناعة مرتبطة بتجارة الخمور بكل أصنافها وأنواعها (الرديئة والممتاز) "انعكاس" على واقع "التنظيم" الذي يضخ رواده ميزانية مهمة في صناديق أرباب تصنيع "الخمور" بالمغرب.
لهذا السبب، اقتحمت جريدة "أنفاس بريس" الغار المظلم والنتن لحانة اليوسفية الوحيدة واليتيمة والتي تعرضت للإغلاق والفتح مرات عديدة، واستمعت بتمعن لآراء "السكارى" داخل مقر حزب الشاربان، وتتبعت منذ فترة أسلوب التعاطي مع بيع الخمور "لغير المسلمين" طبعا في غياب النصارى (الاستقلال بدون سياحة أجنبية)، وراقبت كيف استطاعت ذات الحانة أن تهيمن وتحتكر سوق بيع الخمور خارج الجدران والكونتوار، وتتحكم في رقاب "لمداويخ" الوافدين من كل حدب وصوب بسياراتهم ودراجاتهم النارية للتبضع أمام أعين المراقبين "لماذا تحولت الحانة إلى متجر لبيع الخمور على عينك يا بن عدي؟" يتساءل أحد الزبناء الذي بدأت تلعب برأسه كحول شعير "سربيسة"، مستطردا "لقد أغلقوا المتجرين وتركوا مول البار يمارس تجارته دون حسيب أو رقيب"، وخاطبني قائلا بكرمه الكحولي "خود بيرة خويا أحمد على حسابي، البار نور، وانت كتب على هاذ الحالة اللي وصلنا ليها في الويجانطي".
رغم تردد بعض القاصرين على الفضاء/ البار الممنوع عنهم أصلا.... فمنهم من يبحث عن تقديم خدمة للزبناء... سخرة للصاكة... أو إحضار كاسكروط.... أو قطْعة الحمص والزريعة وطايب وهاري في إطار "الغفلة بين البيع والشاري" ارتكن أحدهم في زاوية مظلمة، حجبها دخان السجائر، زبون قوي البنية، قمحي البشرة، شرس النظرات، يدخن ملفوف التبغ بالحشيش، واضعا يديه على طاولة منقطة بسائل الروج الأحمر، حيث تبدو للناظرين كمنصة جزار انتهى توا من تشطير سقيطة غنم، وبجانبه نديمه الذي استشاط غضبا من سلوك بعض المتطفلين (متسولين ومنحرفين) على خلوتهما ووصف المكان جهرا بقوله "هذا ما شي بار، هذا راه غار". ورغم الضجيج والصخب، استمرا في الاستماع لأغنية الشيخ ولد الحوات "زيد جوج يا مول الروج زيد جوج .." بعد أن طلباها من الماكينة الآلية مقابل دراهم، وكان رفيق دربه يضبط إيقاعها وكلماتها بالغناء والنقر معا.
فعلا "البار مثل الغار" مراحيضه متعفنة، وجدرانه باهتة، وأجواءه مخيفة، وطاولاته لا تصلح لشيء، وهذا موقف حزب شاربان بفرع اليوسفية "واش حنا بنادم، واش معندناش الحق في بار مزيان ونقي؟ واش فلوسنا كنجيبوها من لخلا، حشومة بزاااف" يقول رجل مسن "دا وجاب في ليام" وساهم في تنمية قطاع الخمور بشكل وافر من أجره المتوسط، ورافق منذ زمن بعيد بارمانات كان لهم الوقع في نشاطه ضمن فرع الحزب الذي يتعرض لأبشع حصار اليوم.
يتساءل عدد من النشطاء، عن سبب حرمانهم من متاجر يتبضعون منها، إسوة بباقي الفروع بجهة مراكش أسفي ولماذا هذا المنع والحصار الجائر يطال الفرع والناشطين بحزب شاربان باليوسفية فقط، ألا ينطبق منطوق قانون "بيع الخمر لغير المسلمين" على باقي فروع المملكة والجهات؟.
في ظل هذا الواقع المؤلم الذي يعكس صورة وضعية "المنتمي" لحزب شاربان، طفت على السطح تقارير مفصلية قد تعمم على أرض الواقع من طرف التنظيم ذاته. تقارير تطرح أسئلة مقلقة محورها "طلع تاكل الكرموس نزل شكون قالها ليك". ففي ظل إغلاق المتجرين لسبب أو آخر يتساءل الرأي الحزبي لتنظيم شاربان، ألا يخلق تفشي ظاهرة الكرابة بالمناطق المجاورة، وبمحيط المدينة مشكلا أمنيا للمتبضعين؟ كم من حادثة سير وقعت بفعل التنقل من اليوسفية إلى أسفي ومراكش لتخليع "الخمور" محليا وتوفيرها للزبناء المنتظمين بنفس الهيئة؟". هذه الأسئلة تحيل على سؤال "الكميات الهائلة من الخمور بكل أنواعها والتي يتم إخراجها من البار، وتباع علنا وبزيادة 100% ( ترواكار بوناسيا 100,00 درهم) مع العلم أن شاحنات ذات البضاعة لا تهدئ محركاتها وعجلاتها يوميا من المصنع صوب "البار / الغار".
وبإلقاء نظرة خاطفة على مطالب حزب شاربان بفرع اليوسفية والنواحي، المتضمنة في بيانه الشفوي المعمم على شبكة خلاياه، سواء بالمقاهي أو داخل مقرات العمل بمختلف القطاعات يتضح أن مطلب "الاستثمار في متاجر بيع الخمور أضحى من أولويات المطالب، وإضافة حانات تليق بضيوف التنظيم كونيا، وإعادة النظر في قوانين " بيع الخمور لغير المسلمين" على حد تعبير "زعماء التنظيم".
على سبيل الختم، يتحسر أعضاء حزب شاربان على إهمال "حانة موسيو ومدام لولو" الذي يتعرض للتدمير كذاكرة توثق لنشاط الفرع وامتداده إلى مجال الرحامنة بقيادة بوشان بإقليم الرحامنة، الحانة التي كانت توفر ملاذا بيئيا واجتماعيا للرواد، ويعتزم تخصيص زيارة للفضاء ترحما على أرواحهما الطيبة.