بعد إثارة موضوع العطش في الاجتماع المجلس الوزاري الأخير الذي ترأسه الملك محمد السادس اعتبر أستاذ جامعي، وعضو التحالف المغربي للماء، فضل عدم ذكر اسمه، أنه من العار ومن العبث أن نجد نفسنا اليوم نعاني من مشكل الماء، رغم أن هناك تقارير تمت صياغتها لأكثر من 20 سنة؛ حددت المشكل ورفعت توصيات مهمة ودقت ناقوس الخطر، وهذا أكبر دليل على فشل السياسات العمومية، لدرجة أن مشكل العطش أصبح خطرا يداهم مناكق عديدة، وتساءل الأستاذ المذكور عن دور المسؤولين الحكوميين إذا كان كل مشكل يجب أن ننتظر تدخل الملك لحله وإصلاح عيوبه؟! وإذا لم يتدخل الملك ويعطي تعليماته لتشكيل اللجنة ماذا كانت ستنتظر الحكومة من أجل حل هذا المشكل والتخفيف من حدة معضلة العطش ؛
ولعل زاكورة، التابعة لجهة درعة تافيلالت، تظل خير مثال للمناطق المتضررة فهي يطبعها مناخ صحراوي شبه قار وكانت منطقة رائدة في الزراعة التي تلاءم طقسها القاسي وذلك بإنتاج التمور، وإذا بها بدأت تعرف تميزا خاصا بإنتاج الدلاح او البطيخ الأحمر بعدما تهافت عدد من المستثمرين الزراعيين على استصلاح الأراضي و حولوا مساحات شاسعة من الأراضي الجرداء القاحلة إلى استغلاليات لإنتاج هذا النوع من الفاكهة ذات الإستهلاك الواسع مستغلين في ذلك الفرشة المائية الوافرة وقتئذ بزاكورة، بالإضافة إلى الامتيازات الممنوحة من طرف الدولة للمستثمرين في القطاع الفلاحي، خصوصا تلك تم ذكرها في المخطط الأخضر،الذي نص على إمكانية استفادة الضيعات الفلاحية من تمويل كامل، لمشروع السقي بالتنقيط.
لكن بعد اندلاع أزمة الماء و أصبحت هي حديث الساعة في الجهة الشرقية بدأت الاصابع تتجه نحو مزارع الدلاح متهمة إياها باستنزاف الفرشة المائية علاوة على توالي سنوات الجفاف، وباتت الساكنة المحلية معرضة للعطش وانتفضت للاحتجاج عبر وقفات ومسيرات االعطش تطالب فقط ب"جغمة ماء".
ووصف حقوقيون ونشطاء من المجتمع المدني بأن الوضعية هي شكل آخر من أشكال اختلال العدالة المجالية ، وأن الحلول التي تقدم لتطويق الأزمة ليست بنوية و كانت دوما ظرفية و ذات طابع ترقيعي كالأشغال بالبئر الذي يتم حفرها بمنطقة النبش بعمق 30 متر، والذي خصص له مبلغ 200 ألف درهم من ميزانية المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب "تبارك الله "وهو المشروع الذي هلل له بلاغ عمالة اقليم زاكورة، واعتبره ينسجم و"الإستراتيجية" المتبعة الرامية إلى تعزيز البنية التحتية المائية بالإقليم !
وينضاف إليه حسب البلاغ نفسه مشروع محطة التحلية التي ستؤمن جميع حاجيات مدينة زاكورة من مياه الشرب وذلك بضخ حوالي 60 لتر في الثانية بحلول صيف 2018. فاصبروا وصابروا أيها الظامئون !؟
والغريب أن لغة الترقيع باتت هي اللغة السائدة، فهذا رئيس المجلس الجماعي ،وهو من البجيدي تحدث عن "الثقب "بدوره و شروع لونيب في حفر أثقاب استغلالية، من شأنها أن تمكن من ضخ 10 لترات في الثانية، لتعويض النقص الحاصل في الماء ، و طويلا و"لقاها" أن الحل بالنسبة له لإشكالية الماء بالإقليم، يكمن في التعجيل بتزويده بشبكات الربط المائية من سد "تيوين"، الذي من المرتقب أنه سيمد إقليمي وارزازات وزاكورة بالماء الصالح للشرب، وهو السد الذي أعطى الملك انطلاقة أشغاله في أكتوبر 2010 بالجماعة القروية تيوين بورزازات على أن تستغرق الأشغال 40 شهرا بكلفة 600 مليون درهم !؟
فكيف "يتحاماو" كل من عبد القادر اعمارة وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، وشرفات افيلال كاتبة الدولة لدى وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء الملكفة بالماء ،وحمو اوحلي كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات المكلف بالتنمية القروية والمياه والغابات، و محمد فسكاوي المدير العام لوكالة الحوض المائي لسوس ماسة درعة ،والفاسي الفهري المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء و الماء الصالح للشرب، على "الماء " مسكين، و لم تستطع هذه الترسانة الكبيرة بعدتها وعددها من المسؤولين الحكوميين تزويد المواطنين بهذه المادة مصدر كل حياة ؟!
بل ولم يفلحوا حتى في حلحلة مشكل ندرة الماء بزاكورة رغم أنه بعملية حسابية بسيطة ل "مهامهم اللي كيتخلصو عليها"من أجور وتعويضات مختلفة سنجد أنها تكلف ميزانية الدولة ما يفوق 4 مليون درهم سنويا اي اكثر من 2 مليار سنتيم خلال 5 سنوات من ولاية الحكومة، وهو مبلغ كاف حسب بعض الخبراء لانجاز سد مائي يغطي حاجيات ساكنة بلدية زاكورة التي تقدر بحوالي 40 الف نسمة!!
من هنا نتساءل عن الارقام التي تتكلم عنها هذه الاسطوانة المشروخة للحكامة فأين وصل مشروع سد تيوين؟ وأين هي الدراسات التقنية ودراسات الجدوى ودراسات التأثير على البيئة المطلوبة عند كل ملف استثماري وكيف هزمتها "حلاوة" الدلاح الاحمر ؟