غريب أمر المسؤولين عن المنظومة التربوية في بلادنا، فالوزير حصاد لم تترك وزارته أي جزئية صغيرة أو كبيرة إلا وأصدرت فيها المذكرات، وجندت في سبيلها اللجان الجهوية والمركزية، بل وقطفت رؤوس مدراء مؤسسات تعليمية، لا لشيء سوى أنهم لم يسايروا السرعة الجنونية التي ينطلق بها الوزير محمد حصاد.. هذا الأخير الذي ما زالت تغلب عليه عقلية أم الوزارات، ويعتقد أن الإمكانيات التي تتوفر عليها وزارة الداخلية هي نفسها الإمكانيات التي تتوفر عليها وزارة التربية الوطنية، مع أن الفرق شاسع.
مناسبة هذا الكلام هي الفضيحة التي تعيشها العديد من المؤسسات في جهة فاس مكناس.. ففي وقت الأنترنيت والطفرة المعلومية، وكثرة البرامج التعليمية التي تعتمد في تدبيرها الإداري على الشبكة العنكبوتية، نجد أن عددا كبيرا من المؤسسات لا تتوفر على أنترنيت، الأمر الذي جعل مدراء هذه المؤسسات، وبكل روح وطنية، يعتمدون على إمكانياتهم الذاتية لإنجاح الدخول المدرسي وما يتطلبه من مد الإدارة المركزية باللوائح النهائية للتلاميذ، وكذلك ما يحتاجه "برنامج مسار" من إجراءات إدارية تعتمد بالأساس على الربط بشبكة الأنترنيت.
إذ كشفت مصادر "أنفاس بريس"، من داخل الإدارة التربوية بالجهة، أنه لحد الساعة لم يتم ربط جل المؤسسات التعليمية بجهة فاس مكناس بالأنترنيت منذ فسخ العقدة مع شركة ميدتيل، الأمر الذي جعل الهيئة التربوية في العديد من المؤسسات تضطر للاستنجاد بالمقاهي ونقل العمل إليها للاستفادة من الانترنيت، رغم ما يشكله ذلك من مغامرة بالمعطيات المهنية لرجال التعليم وكذلك للتلاميذ. ورغم الشكايات المتكررة للمصالح الجهوية، فإن الوزارة لم تتدخل لحل هذا المشكل. وما زاد الطين بلة، تقول مصادرنا، أن جل الحواسيب التي زودت بها المؤسسات التعليمية في سنة 2009، أصبحت في حالة يرثى لها، بل لم تعد تصلح لشيء، وأن غالبية المدراء يستعملون حواسبهم الخاصة للقيام بجميع العمليات الإدارية التي تحتاجها الإدارة التربوية.
خلاصة القول، إذا لم تستحيي يا حصاد فافعل ما شئت، فعوض أن تمد وزارة التربية الوطنية المؤسسات التعلمية وإدارتها التربوية بكل الوسائل الضرورية لتسهيل مهمتها وتوفير جميع الإمكانيات للنهوض بالمدرسة العمومية، نجدها تهرب إلى الامام بشعارات فارغة وبرامج على الورق، وتمطر رؤوس الهيئة التربوية بسيل من المذكرات عن الزمن المدرسي، ولباس الأساتذة، وزي التلاميذ...