الحلم الأمريكي يتحقق على يد كاتبة مهاجرة من أصل كاميروني

الحلم الأمريكي يتحقق على يد كاتبة مهاجرة من أصل كاميروني

قصة الروائية الكاميرونية إمبولو مبو، المزدادة سنة 1983 في منزل بدون ماء شروب، والتي أصبحت مشهورة بين عشية وضحاها بمجرد تسلمها تسبيقا بقيمة مليون دولارنظير روايتها الأولى، تشبه أسطورة نيويوركية.

روايتها هاته المعنونة ب"ها قد جاء الحالمون" (Belfond)، المنشورة على ساحلي المحيط الأطلسي في تزامن مع الدخول الأدبي والمرحب بها بإجماع من قبل النقاد في أمريكا الشمالية كما في فرنسا، تم تأليفها داخل شقة نيويوركية صغيرة بينما كانت المؤلفة إمبولو مبو مشغولة بإرضاع صغيريها.

"بدأت في تأليف الكتاب لما كان طفلي الأول رضيعا"، تتذكر الروائية أثناء مقابلة أجراها معها صحافي تابع لوكالة الأنباء الفرنسية في باريس. ثم تضيف: "أعدت كتابته عندما كنت أعتني بطفلي الثاني".

تقول إمبولو مبو وهي تنفجر بالضحك: "طورت فن العناية بالأطفال باليد اليسرى والكتابة باليد اليمنى".

"ها قد جاء الحالمون" تحكي قصة جيند جونغا وأفراد أسرته الذين جاؤوا إلى أمريكا من أجل الولوج إلى "الحلم الأمريكي". مثل إمبولو مبو تماما، يتحدر هؤلاء المهاجرون من مدينة يمبي الكاميرونية. جيند سائق لحساب موظف ثري في بنك "Lehman Brothers". هل كان حلما حقا؟ نحن في عام 2007، أزمة الرهون العقارية على وشك أن تنفجر كقصف الرعد.

كانت هناك علاقة صداقة مصطنعة تجمع جيند بمشغله، وكان هناك أيضا اكتشاف العنصرية من قبل نيني، زوجة جيند. ومع ذلك، لن يحدث في أي لحظة أدنى تمرد. كان هناك فقط نهاية للأوهام. "لم أعد أطيق ما أصبحت عليه حياتي في هذه البلاد"، يقول جيند بعد فقدانه لعمله كسائق وقد أعياه انتظار الحصول على "البطاقة الخضراء".

لكن جيند، كاريكاتير المستخدم المستقيم، الأمين والشجاع، ذهب إلى حد التقدم بالشكر لمشغله الذي قام بتسريحه.

- وكيل جوناثان فرانزن

شأنها شأن شخوصها، حلت إمبولو مبو بأمريكا في سن 17 ربيعا وليس في زادها سوى براءتها وإصرارها. باعتبارها حاصلة على دبلوم في إدارة الأعمال من جامعة ريتجيرز في نيو جيرسي، فقدت عملها في شركة للماركوتينغ. "كسائر الأمريكيين بدون عمل"، تجشمت عناء البحث عن عمل بديل وتعاطت للكتابة.

ترخي الكاتبة العنان لذاكرتها فتقول: "كنت أريد أن أكون أستاذة لكن زوجي شجعني على الكتابة". ثم تسترسل قائلة: "بالفعل، الأمر ممتع لأنه لم يقرأ أبدا الكتاب قبل توزيعه على المكتبات. ذات مرة سألني:عن ماذا يتحدث؟".

عوض إرسال مخطوطتها إلى أي وكيل أدبي كيفما كان مثلما يجري العمل به في الولايات المتحدة الأمريكية، ذهبت إمبولو مبو بنصها مباشرة لدى سوزان غولومب، وكيلة أحد كبار المؤلفين الأمريكيين المدعو جوناثان فرانزن.

اعترفت الكاتبة الكاميرونية بأنها قضت ثلاث سنوات في تتبع خطواتها. وصرحت بأنها طاردتها فعلا ثم استطردت قائلة: "أخيرا، قرأت الكتاب، كان علي إعادة كتابته، رفضته مرة أخرى قبل أن توافق في الأخير". وأضافت وهي تبتسم: "أنا لا أستسلم بسهولة".

رغم نجاحها وتوقيعها على عقد بمليون دولار، لا تنسج إمبولو مبو أوهاما عن الحلم الأمريكي في زمن دونالد ترامب. تقول بهذا المقام: "عندما تكونون مهاجرين، تقف الحظوظ ضدكم في أمريكا". وإلى ذلك تضيف: "أتمنى أن يعرف الناس (الذين يريدون الهجرة إلى أمريكا) ذلك".

"عندما تقومون بغسل الأواني او تشتغلون كسائقي سيارة الأجرة، تبقون ممنوعين من الحركة وتصابون بالإرهاق. لا نأتي إلى أمريكا لتجرع مرارة الفشل غير أنكم مطالبون بالتوفر على الكثير من الأسلحة من أجل تحقيق النجاح"، توضح الروائية الشابة..

أصبحت إمبولو مبو كاتبة رغم أنها لم تكن تختر في البداية السير على هذا الدرب. لقد حافظت على عقليتها كمهاجرة تبحث عن الاستقرار، على حد قولها. فهي لم تكن تتحمل التفكير في ذاتها فقط.

بالرغم من شهرتها الطارئة، لم تغادر شقتها النيويوركية "الصغيرة جدا". تقول بهذا الصدد: "أنا أحب الخرافات. هناك أشياء حدثت لي هناك وهي من الروعة بحيث لا أجرؤ على التزحزح". ثم تضيف: "أعيش في الضيق، وسط صرخات أطفالي غير أني أعتقد أني لو غادرت (المكان) فسوف يتعكر مزاجي".