في الحاجة إلى القطع مع "النخب المخدومة"!!

في الحاجة إلى القطع مع "النخب المخدومة"!! عبد الرحيم أريري

الاقتراع «المخدوم» بالمغرب، يعطينا دوما مشاهد سوريالية في «الديمقراطية المحلية».

خذوا مثلا حزب العدالة والتنمية الذي لم يحصل سوى على 8 في المائة من الأصوات بالدار البيضاء في اقتراع 2015 (حصل الحزب تحديدا على 7.83 في المائة)، لكن ذلك مكنه من حيازة 51 في المائة من مجموع مقاعد الدار البيضاء، إذ ظفر بـ226 مقعدا من أصل 443 مقعدا.

أي أن الأصوات كلها التي حصل عليها حزب «المصباح» بالبيضاء (156.642) سمحت له بأن ينتزع مقعدا بمعدل ضعيف جدا من الأصوات، ألا وهو 693 صوتا لكل مقعد!

هنا السؤال الحارق؟ من هو الأكثر تمثيلية للسكان: هل سانديك عمارة كبيرة (مثلا نورماندي، إقامة خريبكة، إقامة «طيطانيك» بحي الأزهر، مرجانة بكاليفورنيا...إلخ) الذي صوتت عليه 1100 أو 1200 قاطن بالعمارة، أم منتخب يجلس على «عرش الدار البيضاء» مقابل 693 صوتا؟

أما إذا استرسلنا في استنطاق الأرقام فسنصدم بمفاجآت أخرى. مثلا: حزب التقدم والاشتراكية الذي لم يحصل سوى على 14.495 صوت بالدار البيضاء (أي 0.7 في المائة من المجموع العام)، إلا أنه ظفر ليس فقط بـ11 مقعدا (2.4 في المائة من مجموع المقاعد بالمقاطعات)، بل وأصبح الحزب ممثلا في المكتب المسير لبلدية الدار البيضاء.

ومما يبرز ملحاحية إصلاح ميكانيزمات اختيار النخب المحلية بالبيضاء وبالمدن الكبرى، أن ممثل حزب التقدم والاشتراكية بالمكتب المسيرلبلدية البيضاء، لم تحصل لائحته بالحي المحمدي، سوى على 1827 صوتا، أي 0.09 في المائة من مجموع الناخبين و0.05 في المائة من مجموع سكان الدار البيضاء.

بالله عليكم أيحق لمسؤول حصل على 0.05 في المائة من مجموع سكان المدينة أن يسمح للدولة بأن «تمطرقنا» بالمشروعية الديمقراطية؟

فالدارالبيضاء قد تقترض غدا مبلغ 3 أو 4 ملايير درهم لرهن سكان المدينة لعقود طويلة بالأقساط المنهكة، مثلما اقترضت مؤخرا قرضا بقيمة 200 مليون دولار من البنك الدولي في ولاية العمدة العماري، ومثلما اقترضت في النظام الجماعي السابق (في عهد المجموعة الحضرية) مبلغ 70 مليار سنتيم من بنك «بلباو» الإسباني لبناء المجازر البلدية بسيدي عثمان، ومازال سكان المدينة يسددون أقساطا بقيمة 5 ملايير سنتيم سنويا، وهي الأقساط التي ستنتهي عام 2029 (الأقساط بدأت منذ عام 1998). علما أن القرض طلبته المدينة آنذاك بمنتخبين حازوا على 0.5 و0.7 في المائة فقط من الأصوات، وها هي المجازر البلدية اليوم «يصوط فيها البرد» ولا تذبح فيها سوى بضع بقرات عجاف وبضع خرفان، وهي ذبيحة لا تستدعي ذاك الاستثمار الباهظ المنهك لجيوب البيضاويين.

 

فبأي حق سيقرر منتخبو الدار البيضاء غدا في مشاريع بالملايير دون استفتاء محلي أو دون فتح قنوات موسعة للحوار والنقاش لضمان المشروعية لهذا الورش أو ذاك؟

إن الدولة وهي التي ترفض مراجعة مسارب إنتاج النخب المحلية بالمدن، عليها، على الأقل، تدارك الأمر بإخراج نصوص قانونية حول مشاركة الجمعيات في مراقبة المجالس المحلية، خاصة بشأن المشاريع الكبرى، وتضمينها بعض الكوابح لترشيد «الديمقراطية المحلية».