عادل بنحمزة: قضية الصحراء لا يمكن أن تكون موضوع ابتزاز أو مقايضة

عادل بنحمزة: قضية الصحراء لا يمكن أن تكون موضوع ابتزاز أو مقايضة عادل بنحمزة

البرلمان الأوروبي أمسك العصا من الوسط، ذلك أنه لم ينتصر لإسبانيا العضو كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي على حساب شريك رئيسي هو المغرب. فبالاطلاع على توصية البرلمان الأوروبي التي هي غير مُلزِمة لمؤسسات الاتحاد الأوروبي، نجد أنها لم تحقق ما كان يهدف إليه الإسبان من صدور توصية صريحة تدين المغرب.

 

وانقسمت التوصية إلى فقرتين رئيسيتين، الأولى تعبر عن رفض ما اعتبره البرلمانيون الأوروبيون تحولا في سياسة المغرب بخصوص موضوع الهجرة وخاصة موضوع القاصرين، وهذه رواية إسبانية أصرت مدريد على التشبث بها منذ الأحداث التي عرفتها سبتة المحتلة، الغاية من ذلك كانت من جهة، التغطية على جوهر الأزمة بين الرباط ومدريد، والتي تفجرت بعد استقبال الجارة الشمالية لزعيم الانفصاليين إبراهيم غالي بهوية جزائرية مزورة، علما أنه مطلوب أمام القضاء الإسباني بسبب تهم موجهة إليه تتعلق بجرائم ضد الإنسانية والتعذيب والاختفاء القسري والاغتصاب.

 

إن وضع المغرب في مواجهة مجموع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والتركيز على موضوع الهجرة الذي يزعج الأوروبيين، وجعل القضية برمتها تخرج عن إطارها الثنائي إلى موضوع يهم العلاقات المغربية الأوربية، لكن من خلال ما صدر عن البرلمان الأوروبي، فالأمر لم يتم وفقا لما كانت تخطط له مدريد، إذ حرصت صياغة التوصية على انتقاء عبارات دقيقة ليس فيها أي إدانة للمغرب، بل على العكس من ذلك كانت هناك فقرة كاملة يهنئ فيها البرلمان الأوربي المغرب بعد قرار العاهل محمد السادس يوم 1 يونيو بعودة جميع الأطفال القصر من البلدان الأوربية.

 

إن مدريد راهنت على الاستثمار في موضوع يهم الأوروبيين وهو موضوع الهجرة، لكن هذا الأمر يستدعي ملاحظتين رئيسيتين، الأولى تتعلق بحقيقة أن إسبانيا تتلقى مساعدات أوروبية يبلغ حجمها ثلاثة أضعاف المساعدات التي يحصل عليها المغرب في ذات الموضوع، علما أن المغرب هو الذي يتحمل الجهد الأكبر، لذلك عبَّر المغرب بشكل واضح أنه يرفض أن يقوم بدور الدركي (حارس أمن) للأوروبيين.

 

أما الملاحظة الثانية، فتتمثل في أن الرباط تُدرِج التعاون في موضوع الهجرة في نطاق أوسع للعلاقات الاستراتيجية بينها وبين إسبانيا وبينها وبين الاتحاد الأوروبي، هذه العلاقات في نظر المغرب يجب أن تقوم على الوضوح وعلى صيانة المصالح المشتركة، والمغرب عبر بوضوح أن قضية الصحراء لا يمكن أن تكون موضوع ابتزاز أو مقايضة، وأنه إذا كان مطالبا بالحفاظ على مصالح الإسبان والأوروبيين فإنه يطلب أن يكون ذلك بشكل متبادل.

 

- عادل بنحمزة، كاتب ومحلل سياسي