البغدادي: لابد من تكثيف الجهود لحماية التلاميذ من الوقوع في براثن الإدمان على المخدرات، وهذه هي الحلول التي أقترحها

البغدادي: لابد من تكثيف الجهود لحماية التلاميذ من الوقوع في براثن الإدمان على المخدرات، وهذه هي الحلول التي أقترحها

يحذر الحسن البغدادي، رئيس الجمعية المغربية لمحاربة التدخين والمخدرات، من التنامي الملفت لظاهرة ترويج المخدرات أمام المؤسسات التعليمية التي تحولت إلى نقط استقطاب للتلاميذ، في غفلة تامة من أولياء أمور التلاميذ وتغافل من قبل الجهات المعنية، مشيرا إلى أن المراهنة على المقاربة القانونية والأمنية تبقى أمرا يبعث على كثير من الشك.. داعيا منظمات المجتمع المدني وجمعيات آباء وأولياء التلاميذ إلى تكثيف الجهود في إطار المقاربة الوقائية لحماية الأطفال والشباب من الوقوع في براثن الإدمان على تعاطي السموم المدمرة.

+ كيف تنظر إلى ظاهرة التنامي الملفت لترويج المخدرات والقرقوبي أمام أبواب المؤسسات التعليمية؟

- إن واقع الحال يشهد على كون المؤسسات التعليمية باتت نقط استقطاب واصطياد التلاميذ من أجل الايقاع بهم في براثن الإدمان على المخدرات من طرف لوبي ترويج وبيع هذه السموم المدمرة، وذلك في غفلة تامة من أولياء أمور التلاميذ وتغافل من قبل الجهات المعنية التي سمحت، بقصد أو عن غير قصد، في تسهيل مهمة هؤلاء المخربين من خلال عدم سد فراغات تشريعية وأمنية أدت الى تدفق كميات ضخمة من المخدرات، وخاصة أقراص القرقوبي إلى كل المدن والقرى. ولا أدل على هذه الملاحظة من قانون منع التدخين الذي لم يرد له أن يرى النور بعد مرور أزيد من ربع قرن على إصداره، ناهيك عن عمليات الإشهار المبطن للسيجارة، والمتمثل في تسويق حلويات ولعب تحيل بأشكالها وألوانها إلى السيجارة، ويهدف اللوبي من خلالها تطبيع مبكر للأطفال مع هذا المنتوج القاتل لأحلامهم ومستقبلهم وأحلام أسرهم، وهذا ما أدى إلى انخفاض سن الانخراط في "نادي المدخنين" بالنسبة للأطفال إلى ما دون التاسعة من العمر .

+ ما هي سبل حماية الأطفال والشباب من السقوط في براثن الإدمان على التدخين والمخدرات في نظرك؟

- المراهنة على المقاربة القانونية والأمنية تبقى أمرا يبعث على كثير من الشك، وبناء عليه فإن مجهود المجتمع المدني وجمعيات آباء وأولياء التلاميذ والمهتمين بالحقل التربوي يمكن التعويل عليه، إذا ما تم انخراطهم في المقاربة الوقائية بشكل أقوى وأشد التزاما مما هو عليه الآن، كما أن الأقلام الغيورة على مستقبل الناشئة يمكنها دون شك أن تعزز وتثمن هذا الانخراط والمساهمة في خلق خطاب يرفض التطبيع مع الإدمان.

+ ماذا عن تقييمك لدور الجهات المعنية في تفعيل القانون والحد من تفشي ترويج المخدرات والقرقوبي الذي أضحى يكتسح كل الفضاءات العامة؟

- كما سبقت الإشارة إلى ذلك، فإن تقصير الجهات المعنية واضح للعيان، والمجهودات التي تقوم بها بعيدة كل البعد عن حجم الأخطار والنتائج الكارثية والكلفة الباهظة التي يدفعها المغرب، ليس فقط من خزينته، ولكن أيضا من مستقبله، وذلك جراء انتشار الإدمان على المخدرات التي أصبحت تؤثث حياة المواطن اليومية، فلم تفلح لا الرسائل الكثيفة والمسترسلة ولا آهات الأمهات ولا أنين الآباء ولا صرخات المعتدى عليهم في الشارع العام في لفت انتباه المسؤولين من أجل التحلي بالجدية الكافية والإرادة اللازمة التي تتناسب ومواقع مسؤولياتهم بغية الإسراع في معالجة هذه المعضلة التي تبيد هؤلاء الذين نصبوهم للدفاع عن مصالحهم .

إن دور الجهات المعنية يبقى ضعيفا في هذا الإطار، ويمكن رصده من خلال مؤشرات، نشير هنا إلى البعض منها، كارتفاع معدلات الجريمة الناتجة عن تناول المخدرات بشكل غير مسبوق، كما جاء على لسان وزير داخلية سابق، والهدر المدرسي والتفكك الأسري وحوادث السير والجرائم المقترفة ضد الأصول والسرقات ومظاهر الاعتداء على المواطنين في الشارع العام، وازدياد عدد نقط بيع المخدرات وسهولة الولوج إليها وعدد المرضى النفسانيين. وقد طالبنا اكثر من مرة من الجهات المعنية بإجراء بحث لتقييم الأضرار المباشرة والغير المباشرة لتجارة السيجارة والمخدرات الأخرى، لكن طلباتنا ظلت في قاعة الانتظار .

+ يلاحظ أن التردد ظل سيد الموقف من طرف السلطات في التعاطي مع تنامي مقاهي الشيشة، فتارة يسمح لها بممارسة عملها، وتارة يتم إغلاقها.. فكيف تنظر إلى هذا الموقف؟

- سبق لنا أن نوهنا بمبادرة الحملات التي قامت بها الجهات الأمنية ضد هذه المحلات، لكن مع مرور الوقت اتضح لنا أنها لا تجدي نفعا، بل قد يكون مفعولها عكسيا، خاصة إذا علمنا أن المواطن أدرك، مع مرور الزمن، أنها مجرد مسكن لا اقل ولا أكثر، تستعمله السلطات الأمنية كلما ضاقت درعا بتصرفات لوبي "الشيشا" الذي يصل حد تجاهلها، وإلا بماذا يمكننا تفسير السرعة الفائقة التي تستعيد بها محلات "الشيشا" نشاطها، وكيف يسمح كل يوم بفتح محلات جديدة، إن الأمر لا يستقيم، ولا يمكن لأي عاقل أن يستسيغه.. وعلى هذا الأساس إذا كانت الحملات يتلوها توسيع لنشاط أرباب "الشيشا"، فما عساه يكون الهدف الحقيقي من هذه الحملات .

+ من جملة التبريرات التي تسوق من طرف أرباب مقاهي الشيشة كون "المعسل" و"النرجيلة" أصلا يباع في الأسواق، بل وحتى في دكاكين مرخص لها بترويج التبغ.. فلماذا تمنع مقاهي الشيشة؟

- إن الأمر يتطلب في تقديرنا حلولا جذرية تتعدى بكثير تلك المعتمدة الآن، وما التبريرات والأسئلة التي يطرحها أرباب مقاهي الشيشا إلا بلورة لهذه الخطوات المتخبطة التي تبعث برسائل متناقضة تؤثر سلبا على مصداقية هذه الإجراءات المطبقة باسم القانون، لكنها مفتقدة إلى ركنيه الأساسيين، ألا وهما الشمولية والاستمرارية.. وهي بالتالي تصيب في مقتل هبة المؤسسة الأمنية لكونها تكيل بمكيالين.. فإذا أريد حقا لهذه الحملات أن يكتب لها النجاح، يجب أن يتحقق فيها شرط الشمولية، أي أن تشمل كل التراب الوطني ليكون وقعها محققا للأهداف المسطرة، وأن تستمر في الزمان كي تكتسب المصداقية والصبغة الزجرية لا ان تكون موسمية ومؤقتة  .

لكن تبقى الإشارة في الأخير إلى أن مسؤولية التصدي لانتشار الإدمان على الشيشا والمخدرات الأخرى، بدءا من السيجارة، لا تقع على السلطات الأمنية وحدها، فلابد من مراقبة السلطات المحلية للمقاهي، كما أقترح نصب الكاميرات على أبواب المؤسسات التعليمية لرصد المروجين والتصدي لجرم ترويج المخدرات.