هولندا تقدم درسا للمغرب في محاربة ظاهرة "أولاد لفشوش" وتعين هذا الطفل "ميني-وزير"!

هولندا تقدم درسا للمغرب في محاربة ظاهرة "أولاد لفشوش" وتعين هذا الطفل "ميني-وزير"!

يعجز اللسان أمام بعض الأحداث الاستثنائية التي تشعرك بأنك تعيش في بلد بينه وبين "الديمقراطية" مئة ألف سنة ضوئية. الديمقراطية في المغرب نقرأها فقط في الدستور، ونسمعها في خطب زعماء الأحزاب والنقابات ومنتديات حقوق الإنسان. الديمقراطية التي نقرأ عنها في الكتب لا نحس بها ولا نمارسها، هي مجرد حروف وأصوات ليس إلا. الديمقراطية "المجسدة" و"المجسمة" و"المشخصة" هي التي كان مسرحها البرلمان الهولندي، وبطلها هو الطفل (التركي/الهولندي) حاجي نوح الذي يبلغ من العمر 12 ربيعا. التلميذ حاجي نوح الذي أصبح يطلق عليه "ميني-وزير مالية" اختير من بين أقرانه ليكون مساعدا لوزير المالية الهولندي خلال تقديم ميزانية 2018 أمام البرلمان أمس الثلاثاء 19 شتنبر 2017. والغريب أن من اختاره هم زملاؤه بإحدى ثانويات روتردام خلال مارس الماضي، ليكون "ميني وزير" مالية في البرلمان، ليقدم يد العون لوزير المالية الحقيقي خلال مناقشة ميزانية 2018.

هولندا "الطاعنة" في الديمقراطية قدمت للعالم درسا في "العدالة الاجتماعية"، لأن التلميذ حاجي الذي تحول إلى "ظل" وزير المالية لم يكن ابن وزير أو زعيم حزب أو مدير شركة أو "ولد لفشوش"، بل ابن مهاجر تركي بسيط مكافح، أوصله نبوغه إلى قبة البرلمان.

تحضرنا صورة ابنة أوزين، وزير "الكراطة" الذي أصر على أن تلتقط ابنته "المحظوظة" صورة مع ميسي في اللقاء التاريخي الذي دار بين برشلونة والرجاء البيضاوي في الافتتاح الرسمي لملعب طنجة. واقعة تجسد منتهى الانتهازية والوصولية واستغلال النفوذ تناقض "التكريم" الذي حظي به ابن المهاجر التركي البسيط حاحي في أسمى ممارسة للديمقراطية، وليس كما تذبح عندنا ذبحا...

فلتتعلموا رحمكم الله من هولندا ومن كل الدول العريقة كيف أصبحت الديمقراطية "كائنا" من الكائنات الحية..

A-Jamal

وفي تصريح لجمال الدين ريان، رئيس مرصد التواصل والهجرة بهولندة، بهذا الخصوص، قال: "نحن مغاربة العالم مازلنا نطالب بحقنا في الممارسة السياسية.. وهولندا قدمت ما معنى الديمقراطية التشاركية".. مضيف أن الديمقراطية يتعلمها الأطفال من خلال مسارهم الدراسي. واعتبر ريان هذه المبادرة واحدة من مبادرات هولندا، حيث يقوم وزير الخارجية باختيار بعض الشباب لمصاحبته خلال زيارته الرسمية أو خلال افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة. مشددا على "نحن مغاربة العالم مازلنا نطالب بحقنا في الممارسة السياسية، وهولندا خطت خطوات مهمة في إشراك كل المجتمع وجعل السياسة قريبة من المواطن. إنها الدولة الأوروبية الأولى التي منحت حق التصويت للأجانب القاطنين لمدة خمس سنوات في الانتخابات البلدية. هذه هي الديمقراطية التشاركية".